واصلت المعارضة الروسية تصعيد لهجتها ضد اعلان فوز رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بولاية رئاسية في الانتخابات التي اجريت في الرابع من الشهر الجاري. لكن عدد المحتجين المعارضين وسط موسكو والذي ناهز 25 الفاً، تراجع مقارنة بالمسيرات «غير المسبوقة» التي تلت انتخابات نيابية نظمت مطلع كانون الاول (ديسمبر) 2011. ولم يمنع ذلك اطلاق المتظاهرين شعارات «اعلى سقفاً» دعت إلى محاكمة بوتين بتهم الفساد و»سرقة أصوات» الناخبين، وهتفوا «لننظف روسيا من اللصوص» و»بوتين من الكرملين إلى السجن»، قبل أن يتوعد المنظمون باحتجاج «مليوني» مع اقتراب موعد تسلم الرئيس المنتخب منصبه في 7 أيار (مايو) المقبل. ولم يكترث قادة المعارضة لتهنئة الرئيس الأميركي باراك اوباما بوتين بالفوز، معتبرين انه موقف ديبلوماسي لا يعبر عن حقيقة الوضع الداخلي الروسي. ومع نزول آلاف من أنصار المعارضة إلى الشارع مجدداً في اطار حملة «من أجل انتخابات نزيهة» تتواصل منذ أكثر من ثلاثة اشهر، تجدد المشهد المألوف في العاصمة موسكو، عبر اختلاط اعلام الطيف السياسي المعارض من أقصى اليسار إلى قوى اليمين الليبرالي وشعاراته. واللافت ايضاً انضمام آلاف القوميين المتشددين إلى تظاهرات المعارضة، متخلين عن شعاراتهم المعهودة التي تنادي ب «تطهير» روسيا من الغرباء ومطالبتهم باعادة الانتخابات ومكافحة الفساد ووضع حد ل «استئثار» حزب «روسيا الموحدة» بالسلطة. وتعهد فلاديمير ريجكوف، احد ابرز قادة الجناح اليميني في المعارضة، مواصلة «النضال من أجل ضمان حرية الكلمة في روسيا، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة بعد إدخال التعديلات اللازمة على التشريعات الحالية». واكد ان الانتخابات الرئاسية أظهرت عدم رغبة السلطة في تنفيذ الاصلاحات الملحة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وصرح بطل العالم السابق في الشطرنج غاري كاسباروف، أحد أقطاب المعارضة من حزب «حرية الشعب»، بأن «المعارضة الحقيقية منعت المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الذي جرى تفصيله على مقاس بوتين». واعتبر المرشحين الذين نافسوا بوتين على الرئاسة «ديكوراً سياسياً صنعه الكرملين للايحاء باجراء انتخابات نزيهة». وفي تأكيد لنية مواصلة التصعيد، أكد زعيم «الجبهة اليسارية» سيرغي أودالتسوف أن تحركات المعارضة ستتواصل خلال الشهرين المقبلين «مع توسيع اطارها الجغرافي والبشري، وتتويجها ب «مليونية» في شوارع موسكو مطلع أيار»، اي قبل أيام من موعد أداء بوتين القسم الدستورية، وتسلمه الحكم في السابع من الشهر ذاته. وفي تلويح باحتمال نقل الحراك الشعبي إلى مستوى جديد، شدد اودالتسوف على أن «الشعب ما زال متمسكاً بخيار التحرك السلمي. لكنه قادر، في حال مواصلة تجاهل مطالبه، على افهام السلطة بأنه لم يتخلَ عن حقوقه». وكان لافتاً ان عدداً كبيراً من مراقبي الانتخابات الأخيرة تحدثوا امام المعتصمين، وكشفوا تفاصيل لإنتهاكات وممارسات اعتبروا انها ترقى إلى مستوى التزوير. واحتجزت السلطات عشرات من الأشخاص، اتهمتهم بمحاولة تحويل مسار التظاهرة الى ساحة قرب الكرملين، علماً أن اجهزة الأمن كانت فرضت تدابير مشددة مع زج عشرات الآلاف من رجال الأمن في الشوارع والمناطق المحيطة بمكان التجمع.