توقّع الشاعر نايف معلا، أن يضع أصحاب القنوات الشعبية والمجلات المهتمة بالشعر لافتات مكتوب عليها «للتقبيل»، بسبب ظهور ساحة للشعر إلكترونياً، خصوصاً مع تطور التقنية، والاتجاه إلى العمل الإلكتروني.وقال في حديث إلى «الحياة»: «لا أجير علاقاتي على النحو الذي عكف عليه شعراء كثر في سبيل الحصول على كرسي أمسية، والعبرة دائماً في الكيف وليس الكم، ثم إن تكرار الشاعر نفسه ضرره أكثر من نفعه»، مشيراً إلى أن أغلب قصائد المديح التي كتبتها كانت تندرج في إطار رد الثناء أو العطاء، أي أن الثناء أو العطاء سبق قصيدة المدح... فإلى نص الحوار: عامان مضيا على مشاركتك في شاعر المليون، أين أنت الآن؟ - أنا موجود، ولي الحق في الرد على سؤالك بسؤال أين أنتم بعد شاعر المليون؟ أتنتظرون مني أن آتيكم متأبطاً قصائدي بغية نشرها، أم ماذا؟ قلت لك أنا لا أعطي الشعر أكثر مما يستحق، ولدي من الأعمال والأشغال ما هو كفيل بإخراجي من ملة الشعراء وما يشعرون، لكن يظل جمر الهواية يتوقد من تحت الرماد وينتظر من يستخرجه. شاركت في شاعر المليون، لكنك لم تصل إلى مراحل متقدمة من البرنامج، هل الخروج المبكر من المسابقات الشعرية مقياس للشاعر؟ - خروج الشاعر من مسابقة بحجم «شاعر المليون» بالتأكيد يؤثر فيه، ولكنه لا يعد معياراً لجودة الشعر، ولاحظ أن ما يقلل التأثير المصاحب لمثل هذا الخروج هو ميل الناس دائماً للمعارضة والظن السيئ - على رغم صحته - في بعض الأحيان، وقلت ذات مساء جملة أرى أنها تلخص ما أود أن ألوي الأعناق إليه: «جميل أن تسهم في حل قضية ما، ولكن الأجمل أن تكون أنت القضية». ما تقويمك للمسابقات الشعرية؟ - ليست هناك مسابقة شعرية تستحق الإشادة عدا شاعر المليون، وعدم توفيقي فيه لا يدفعني لبخس ما يستحق، فهو برنامج ناجح، وكل من اشترك فيه حظي بفائدة ما. لماذا معظم المشاركين في المسابقات يهاجموننها في حال خروجهم منها؟ - هذه غريزة متجذرة في النفس الآدمية، والأولون لم يتركوا لنا شيئاً، فقد قالت أمة خلت: «يمدح السوق من ربح فيها»، وبالتالي يذم السوق من خسر فيها، ومع ذلك فهي من الغرائز التي يجب أن تكبح، وهي خاطرة قبل أن تتطور وتصبح سلوكاً، لأن الشاعر الذي يضطلع بهذا السلوك سينظر له بشفقة هو في غنى عنها. كتبت قصيدة موجّهة للشيخ سلمان العودة، ماذا تريد من ذلك؟ ألا ترى أن فيها بحثاً عن الشهرة؟ - الشيخ سلمان العودة من المفكرين الذين أحرص على متابعة نتاجهم الفكري، وكانت حملة التغيير التي قادها أخيراً دافعاً قوياً لي لكتابة هذه القصيدة، فأحببت أن أسهم بخواطري حول هذا التغيير، وللأسف أن البعض رأى أنها تندرج في إطار «مقاومة التغيير»، لكنها حقيقة دعوة للتغيير بنكهة الواقع المرير، فلا بد أن نضع المعوقات نصب أعيننا دائماً إذا كنا لا نملك أن نجعلها قاعاً صفصفاً، وأن نبدأ بالتغيير الذاتي، ونقيس ما وصلنا إليه بأثر تغيّرنا على تلك المعوقات. وقد يظن البعض أنني كتبت هذه القصيدة لأجد منفذاً آخر للشهرة، وقال البعض صراحة إنني كتبت هذه القصيدة لأتسلق على كتف سلمان العودة، فأنظر بشفقة لمن يقول هذا، لأن كلمة «يتسلق» غير واردة أبداً في السياق، لأنني لم أسب أو أذم أو أنتقد الشيخ سلمان، ثم انني لو كنت فعلاً أبحث عن الشهرة، لداخلت حينما كان لي متاحاً وألقيتها على مسامع الشيخ سلمان في برنامج «حجر الزاوية»، ولكنني أحببت أن تصله بالطريقة التي أريد. شعر الحداثة هل أنت معه أم ضده؟ - إذا خلص الباحثون إلى تعريف محدد لشعر الحداثة، سأخبرك بموقفي! لماذا أمسياتك قليلة؟ - لأنني لا أجير علاقاتي على النحو الذي عكف عليه شعراء كثر في سبيل الحصول على كرسي أمسية، والعبرة دائماً في الكيف وليس الكم، ثم إن تكرار الشاعر نفسه ضرره أكثر من نفعه. تكتب قصائد في المنتديات، هل ذلك يضر بالشاعر أم يخدمه؟ - المنتديات هي وسيلة التواصل التي يجد فيها الشاعر نفسه، فهو يتحرر فيها من العقليات المتحجرة المسؤولة عن صفحات الشعر في الصحف وكذلك المجلات، ولأن البساطة في نظري هي ما يميز الأشياء بما فيها الشعر، فإنني أتعامل معه ببساطة. إجمالاً النشر في المنتديات المعروفة والمعتمدة يخدم الشاعر كثيراً، خصوصاً أن هذا عصر الحكومات الإلكترونية والإنترنت والآي باد والآي فون والبلاك بيري، فأنا أتوقع أن تظهر قريباً «ساحة الشعر الإلكترونية»، التي ستجبر ملاك المجلات والقنوات الشعرية على وضع لافتة «للتقبيل» على أبوابها. لماذا أنت عازف عن الظهور في القنوات الشعبية؟ - لأنها باختصار لا ترتقي إلى المستوى الذي أتطلع إليه. هل تلك القنوات خدمت الشعر بالشكل المطلوب؟ - كان يفترض بها أن تخدم الشعر والشعراء، لكنها قدمت الهدف المادي على كل هدف من دون النظر ولو لحظة في الجودة ومتطلباتها. وجود الشاعرات هل أصبح يهدد الشعراء؟ - أين وجه التهديد في ذلك، بالعكس وجود الشاعرات في عالم الشعر وما يشعرون، شيء طبيعي ومرحب به. الشيلات هل أفادت القصائد، أم أنها تستر عيوب القصيدة؟ - للأسف لم أر قصيدة ذات جودة قدمت على طبق «الشيلة»، وأكثر القصائد التي قدمت بهذا الشكل تحمل الكثير من المغالطات والأخطاء، عدا القليل منها. قصائد المديح، ماذا استفدت منها؟ - أغلب قصائد المديح التي كتبتها كانت تندرج في إطار رد الثناء أو العطاء، أي أن الثناء أو العطاء سبق قصيدة المدح. لماذا لم تصدر ديواناً حتى الآن؟ - أبحث عن شركة منصفة تهتم بحقوقي كاهتمامها بحقوقها وسيكون قريباً، كما أنني أعكف حالياً على إعداد ديوان مقروء، بالتعاون مع أكاديمية الشعر التابعة لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.