بيروت - أ ف ب -تطرح تغطية الأحداث في سورية صعوبات أمنية ولوجستية بالنسبة للصحافيين الذين قضى بعضهم خلال أداء مهمته، فالأمر يتطلب التسلل عبر الحدود مع مخاطر التعرض للتهديد من القوات النظامية وأحياناً من مسلحي المعارضة بالإضافة إلى تفادي تحديد مواقع البث. ويفرض النظام السوري قيوداً شديدة على تحرك الصحافيين، أما من يود الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون فليس أمامه سوى التسلل عبر لبنان أو تركيا، وهي رحلة طويلة وصعبة كما عايشها صحافيون من فرانس برس كان عليهم أن يقطعوا الطريق أحياناً بالسيارة أو على دراجة نارية أو سيراً في طرق موحلة وهم يحملون حقائبهم الثقيلة وسترات واقية من الرصاص ويستعينون بالمهربين لإرشادهم إلى الطرق مقابل بدل مالي، أو بالمعارضين. ويقول لو ماتيو مراسل صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية إن «التجول هو الأصعب» بعد الدخول إلى سورية. لقد بقيت محتجزاً لأربعة أيام لأنني أردت الوصول إلى إدلب» في شمال غربي سورية، والتي أقام الجيش حواجز حولها. ويواجه كل صحافي يتسلل إلى سورية مصيراً غامضاً إذا ما أوقفته قوات الأمن. وتحاصر القوات السورية المدن التي تشهد حركة احتجاج وتقصفها من دون تمييز، كما تقوم باعتقالات وتوجد روايات موثقة عن حالات تعذيب. وكتب المراسل الحربي روبرت يانغ بلتون في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي» أخيراً إن «ما علمته روسيا لسورية هو: عندما تدمرون مدينة، تأكدوا أنه لن يخرج منها أحد حياً، ولا حتى التاريخ». وبعد مقتل الصحافي الفرنسي جيل جاكييه في 11 كانون الثاني (يناير) قتلت الصحافية الأميركية ماري كولفن والصحافي الفرنسي ريمي أوشليك في 22 شباط (فبراير) في القصف على مدينة حمص، وسط سورية. ويفيد تقنيون يعملون مع المعارضين المسلحين وعناصر في المخابرات الغربية والمراسل بلتون بأن القوات السورية حصلت من روسيا على التكنولوجيا التي كانت تستخدمها موسكو في الشيشان للتعرف على مواقع البث عبر الأقمار الاصطناعية، وخصوصاً باستعمال طائرات الاستطلاع. وشاهد مراسل لفرانس برس طيارة استطلاع تحلق فوق حمص. ولاحظ لوك ماتيو وكذلك مراسلو فرانس برس التوتر على المسلحين عندما حاول استعمال هاتف الثريا، «قالوا لي يمكنك استعماله لدقيقة واحدة في اليوم، ليس اكثر». وينصح المقاتلون الصحافيين كذلك بوصل هوائي «بيان» لالتقاط الإنترنت عبر القمر الاصطناعي بجهاز الكمبيوتر بكابل طوله 15 متراً على الأقل ... حتى تكتب لك النجاة إذا استهدف الجيش مكان الإشارة بقذيفة». ويحاول المقاتلون أحياناً التأثير على الصحافيين، حيث تعمل آلة الدعاية في المعسكرين. وقال مراسل غربي طلب عدم ذكر اسمه حتى يتمكن من العودة إلى مناطق المقاتلين انه صور جثث جنود يبدو انهم كانوا ضحية عملية تصفية، فاستشاط المقاتلون غضباً وطلبوا منه محو الصور تحت تهديد القتل. وقد يتصرف الصحافيون أحياناً من دون انتباه، كما حصل مع المصور الغربي الذي بث فيديو لأحد مسؤولي المعارضة المسلحة يظهر فيها وجهه، وهو ما لا يريده خوفاً من الانتقام منه أو من عائلته. وأثار الأمر غضب المسلحين الذين أراد بعضهم قتل المصور، كما لاحظ مراسل لفرانس برس. وتطلب الأمر مناقشات ومفاوضات، ولم يهدأوا حتى وعدهم بسحب الفيديو فوراً من التداول. وبعد انتهاء المهمة، تطرح صعوبة مغادرة البلاد. وقال لوك ماتيو انه اضطر لاجتياز نهر كانت المياه فيه شديدة البرودة وتصل إلى خاصرته لينتهي في قبضة الشرطة التركية. وقال ضاحكاً: «أمضيت 18 ساعة في التوقيف، لقد ظنوا إني مخبر اجنبي». ويقول روبرت يانغ بلتون إن هذه الصعوبات لا تبرر عدم التسلل إلى سورية حيث «هناك حاجة لعدد اكبر من الصحافيين وحيث يسعى النظام إلى إبقاء شعبه بمنأى عن الإعلام».