خبر من نيويورك جاء فيه: «وافق المشترعون في ولاية فلوريدا الأميركية على دفع 1.3 مليون دولار لرجل أمضى أكثر من نصف حياته خلف القضبان عن جريمة لم يرتكبها. وفي التصويت الذي حسم بغالبية 37 صوتاً مقابل صوت واحد وافق مجلس شيوخ الولاية على مشروع قانون يمنح وليام ديلون 50 ألف دولار عن كل عام من 27 عاماً قضاها في السجن عن جريمة قتل جيمس دفوراك في 1981 بمقاطعة بريفارد في فلوريدا، وأطلق سراح ديلون - الذي يعيش حالياً في نورث كارولاينا - من السجن في 2008 بعد أن تبنى «برنامج البراءة في فلوريدا» قضيّته. وقادت فحوص الحمض النووي (DNA) التي أجريت على أدلة الإثبات إلى تبرئته». وقال ديلون للصحافيين عقب التصويت: «هذا هو أعظم ما في الأمر، هناك أشخاص يؤمنون حقاً ببراءتك إلى الدرجة التي تدفعهم لمساعدتك». ووجّه الشكر إلى محاميه والآخرين الذين تولوا قضيته من دون مقابل. وديلون (52 عاماً) هو أحدث من يحصل على تعويض مالي ضمن قائمة متزايدة من السجناء الذين زج بهم خلف القضبان ظلماً. بالطبع أنه سعيد بحريته بعد كل السنوات التي قضاها في السجن ظلماً... ولكن هل تكفي 50 ألف دولار مقابل كل عام من عمره؟ وهل هذا هو ثمن الحرية؟ هل تعوضه عن بعده عن بيته وأهله وحياته كلها بالبقاء خلف القضبان من دون أن يرتكب ما يستحق ذلك؟ ربما من قضى يوماً في السجن يستطيع أن يخبرنا وليس سنة بحالها أو سنوات طويلة. ويبدو أن ديلون أكثر حظاً من غيره لأن براءته ظهرت أولاً، ولحصوله على تعويض ثانياً، ولإحساسه بالرضى ثالثاً – وهذا هو المهم – لأنه غير ناقم على المجتمع الذي ظلمه وربما خفّف عنه هذا الشعور وقوف أشخاص طيبين معه دافعوا عنه من دون مقابل. أما في مكان آخر من كوكب الأرض فهناك مظلومون غيره أمضوا في السجون سنين عجافاً من أعمارهم وبعضهم ما زال هناك ولم يدافع عنه أحد وهو يئن تحت وطأة الظلم ولا يسمعه أحد. ومن أعجب القصص قصة من الواقع بطلها معروف وهو شاب سوري مسيحي تم سجنه بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين! ولبث في السجن سنوات ثم أخرجوه بعد أن اكتشفوا فجأة أنه غير مسلم فكيف يكون من جماعة الإخوان المسملين؟! وقالوا له ببساطة: حدث خطأ والآن تستطيع الخروج وإكمال مسيرة حياتك في شكل عادي! طبعاً بلا اعتذار ولا تعويض ولا ما يحزنون. ولا تعليق على القصة، فهي تكفي للنطق بمدى ظلم النظام السوري. إن يوماً واحداً يفقده الإنسان من عمره – باعتبار أن أيامنا هي أعمارنا وكل يوم يمر ينقص من عمرنا يوم – لا يعوضه شيء أبداً، ولا حتى ملايين الدولارات... لأنه لن يرجع إلى يوم الدين.