حمل بريد «الحياة»، الأحد الماضي رداً من رئيس شركة «سمة» نبيل المبارك على مقالتي «سمة... زودتها حبتين»، الذي نُشر في هذا الحيز الجمعة قبل الماضي. وتضمن الرد نفى أية علاقة ل«سمة» بمنع تجديد الهوية الوطنية للمديونين الذين تضمهم قوائمها السوداء. وعلى رغم أن الزميل نبيل حاول تحسين صورة الشركة، وقال إنه ليس لديها قوائم سوداء، إلا أن هذا لا يغير من الحقيقة شيئاً، فنحن سمّيناها قائمة سوداء، وهو يسميها قائمة المتعثرين، ولن أقف كثيراً عند الاسم، فالمضمون واحد، ومن دخل اسمه هذه القائمة فلن يخرج منها حتى يسدد المبلغ كاملاً، ويمضي بعدها ستة أشهر قصد بها أن تكون عقوبة تطهير للمواطن قبل أن يعود شخصاً مؤهلاً للاقتراض، بحسب معايير «سمة». وعليه فاسم القائمة، سواء سمّيناها قائمة سوداء، أم قائمة المتعثرين بحسب رئيس سمة، أو «السي ليست» بحسب المتعارف عليه في أوساط المصارف، لن يغير في الأمر شيئاً. فالقائمة موجودة ومن لم يسدد قرضاً للمصرف، أو فاتورة للاتصالات، أو قرض شركات التقسيط أو غيرها، فالقائمة ترحب به. وإن كان المواطن مغلوباً، والخدمة التي يجب أن يسددها لا تعمل جيداً، أو غير ذلك، فلا يحاول مع «سمة»، فهي ترى بعين واحدة فقط هي عين الشركات والمصارف ولا علاقة لها بالمواطن. وقبل أن أرد على الزميل نبيل، أود أن أشير إلى أمرين: الأول أنني أول من طالب بإيجاد جهة تمثل المواطن وتقف في صفِّه، ضد جشع البنوك، وقوة شركات الاتصالات وتجار التقسيط. وكتبت عن ذلك في 9 تموز (يوليو) 2010 مقالاً بعنوان: «أنقذوا المواطن من سمة». ذكرت فيه أن «سمة» هي تقليد مشوه لما يعرف في أميركا ب«الكريديت هيستوري»، أو التاريخ الائتماني، وأن سددت بانتظام وكنت نعم العميل فلن يفيدك ذلك عند «سمة»، ولن تحصل على قروض بفوائد أقل، كما هي الحال في أميركا، وإن أخفقت أو ظلمت من البنك أو الشركة أو التاجر فلن تسمع لك «سمة»، فالنظام عند هذه الجهات كان «سدد» ثم طالب، وانقلب بوجود «سمة» إلى سدد أو القائمة بانتظارك، وطبعاً لم يحمل بريد الصحيفة تعليقاً من رئيس «سمة» على المقال المذكور، ولا مقالات الزملاء التي تلت، وأذكر منها مقال «حتى لا يخنق بعضنا بعضاً» للزميل عبدالعزيز السويد في هذه الصحيفة، أو «سمة.. سمعة مالية هلامية» للزميل خلف الحربي في «عكاظ»، أو «سمة.. تكبل المواطنين» للزميل حزام العتيبي في «شمس»، وكلهم طالب بإيجاد جهة تمثل المواطن، في مقابل تمثيل «سمة» للمصارف والشركات. الأمر الثاني، كتبت في 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2010، مقالة بعنوان: «في القائمة السوداء... بسبب ريال»، علقت فيه على خبر نشرته «عكاظ» في 6 أكتوبر من العام نفسه. فحْوى الخبر هو حرمان المعلم عبدالحليم بخاري من شراء سيارة بسبب ريال واحد على بطاقة حصل عليها ولم يُفعّلها، وقال بخاري إنه «اكتشف بعد رحلة طويلة من البحث في سجله الائتماني أنه مطالب بدفع ريال واحد رسم لبطاقة ائتمانية حصل عليها ولم يُفعّلها، مضيفاً: «سددت المبلغ وكنت أعتقد بأنني سأحصل مباشرةً على القرض أو شراء سيارة بنظام التأجير، إلا أن موظف البنك أبلغني أن المعاملة تحتاج إلى ستة أشهر حتى يرفع اسمي من القائمة». وبالطبع لاذت «سمة» بالصمت، ولم تعقب، ولم يعوض المواطن بسبب خطأ المصرف، وظل في قائمة «سمة» ستة أشهر عقوبة تطهير، ولو كانت الشركة تهتم بالمواطن - كما يقول رئيسها في رده - لكانت عوضت المواطن عن خطأها، وأقل ما فيها رفع اسمه فوراً من القائمة، والسعي لدى بنوكها لحصوله على قرض بلا فوائد تعويضاً له، وهذا أقل القليل الذي لم يحصل. كما علق المقال الثاني أيضاً على خبر نشرته الصحيفة نفسها في 9 أكتوبر، ويقول: «لم يكن يدور في خلد مواطن لم يسبق له استخدام الجوال أن يُصعق بفاتورة قيمتها أربعة ملايين ريال. ويروي منصور الشمراني الذي تفاجأ بمديونيات أصدرتها إحدى الشركات المزودة للخدمة في المملكة لرقمي جوال باسمه فاقت أربعة ملايين ريال، أنه من خلال مراجعته لمكتب الاتصالات في تبوك لاستخراج هاتف جوال تفاجأ بالموظف يبلغه بوجود رقمين مضافين باسمه أحدهما بمبلغ 2.5 مليون ريال، والآخر بمبلغ 1.7 مليون ريال». والحمد لله أن الأمر لم يصل إلى «سمة» وإلا لكان المواطن الشمراني في القائمة حتى يسدد أربعة ملايين لجوالات لم يستخدمها في حياته. ولم تعقب «سمة» على مثل هذا الخطأ من الشركات في حق المواطن، ولاذت بفضيلة الصمت كعادتها. وهذان الخطآن للمثال لا للحصر. وأختم بسؤال لرئيس «سمة»، ولمسؤولي مؤسسة النقد، الجهة التي تتبعها «سمة»، وللقراء، والسؤال هو: هل تشاهدون إعلانات الأشخاص لسداد الديون ملصقة على الصرافات، وعلى جدران المطاعم، والاستراحات، وعلى أعمدة الكهرباء في شوارعنا، بل وصل بعضها إلى شاشات التلفزيون؟. وكلهم وضعوا أرقام جوالاتهم ومستعدون لسداد القرض عنك، وإخراجك من القائمة السوداء، لتحصل على قرض آخر. وهل تساءلتم لماذا كثرت هذه الإعلانات وتزاحمت في الشوارع، على رغم عدم نظاميتها وتحذير مؤسسة النقد منها؟ إن الجواب الأكيد لهذا السؤال هو أنها تزاحمت بعد مجيء «سمة» وقوائمها، فالخلل الذي أحدثته «سمة» هو من أعطى الفرصة لهؤلاء الأشخاص لمص دماء المواطن من دون أن تحرك الجهات المختصة ساكناً لحل المشكلة التي خلقها وجود «سمة». * اقتصادي سعودي - بريطانيا. www.rubbian.com