كتبت قبل ثلاثة أشهر مقالة بعنوان: «أنقذوا المواطن من سمة» في هذا المكان، وكنت أعتقد أن مقالتي ستحرك هيئة حقوق الانسان، وهيئة حماية المستهلك (إن كان لها وجود)، ووزارة التجارة و«ساما»، للإسراع بإغلاق باب «سمة» وحماية المواطن من قائمتها السوداء، وهي المقالة التي علق عليها الزميل عبدالعزيز السويد الذي طالب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز شخصياً بالتدخل لحماية المواطن السعودي من ظلم واضطهاد شركات الاتصالات والبنوك وشركات التقسيط والتأجير وغيرها، والتي أصبح شعارها سدد أو القائمة السوداء في انتظارك، من دون أن يكون هناك في المقابل حماية للمواطن الفرد من تجاوزات المصارف وشركات الاتصالات وأخطائها. بالتأكيد لم أطالب ولا زميلي السويد بحماية المستهترين والمماطلين في السداد، ولكن ما نخشاه أن يُجبَر المواطن على تحمل أخطاء المصارف والشركات، وأن يُجبَر على دفع فواتير اتصالات لم يستخدمها أصلاً، أو لا تعمل بسبب رداءة خدمتها، ومع ذلك يُجبَر على تحمل هذه الأخطاء تجنباً لقائمة «سمة» السوداء التي أصبحت سيفاً مسلطاً على رقاب الناس بالحق وبالباطل. وهذا الأسبوع حدث ما كنا نخشاه ونحذر منه، ففي خبر نشرته الزميلة «عكاظ» يوم الأربعاء 6 تشرين الأول (أكتوبر)، يقول عنوان الخبر: «ريال واحد يحرم معلماً شراء سيارة 6 أشهر»، وفي ثناياه «تسبب ريال واحد في حرمان معلم من شراء سيارة عقب اكتشاف وجود اسمه في القائمة السوداء للمتعثرين عن السداد». وقال المعلم عبدالحليم بخاري، إنه توجه إلى بنك محلي طالباً الحصول على قرض لشراء سيارة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، لأن اسمه مدرج في القائمة السوداء لدى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة)، وهو ما يجعله ممنوعاً من الاقتراض والحصول على خدمات مختلفة. وذكر بخاري أنه اكتشف بعد رحلة طويلة من البحث في سجله الائتماني أنه مطالب بدفع ريال واحد رسم لبطاقة ائتمانية حصل عليها ولم يُفعّلها، مضيفاً: «سددت المبلغ وكنت أعتقد بأنني سأحصل مباشرةً على القرض أو شراء سيارة بنظام التأجير، إلا أن موظف البنك أبلغني أن المعاملة تحتاج إلى ستة أشهر حتى يرفع اسمي من القائمة»، مشيراً إلى «أنه توجه إلى شركات التأجير الشهري كحل موقت والتي بدورها أبلغته أنه لا يستطيع الحصول على سيارة للسبب ذاته». الخبر الآخر نشرته الصحيفة نفسها يوم 9 أكتوبر، ويقول: «لم يكن يدور في خلد مواطن لم يسبق له استخدام الجوال أن يُصعق بفاتورة قيمتها أربعة ملايين ريال». ويروي منصور الشمراني الذي تفاجأ بمديونيات أصدرتها إحدى الشركات المزودة للخدمة في المملكة لرقمي جوال باسمه فاقت أربعة ملايين ريال، أنه من خلال مراجعته لمكتب الاتصالات في تبوك لاستخراج هاتف جوال تفاجأ بالموظف يبلغه بوجود رقمين مضافين باسمه أحدهما بمبلغ 2.5 مليون ريال، والآخر بمبلغ 1.7 مليون ريال. ويضيف أن «موظف الاتصالات لم يُمانع من استخراجه رقماً جديداً، معللاً أن هذه المبالغ هي مجرد خطأ مطبعي». انتهى الخبر، والشمراني بالطبع محظوظ، لأن الشركة لم يمهلها الوقت لإرسال اسمه الى «سمة» ليجد نفسه مضطراً إلى سداد 4 ملايين ريال قبل أن يحق له المطالبة بتعديل الشركة لأخطاء فواتيرها، ف «سمة» جابٍ لا يسمع الأوامر إلا من جانب واحد، ولا يعنيه أن تتعطل كل معاملات المواطن حتى لو كان السبب ريال واحد لم يعلم عنه المواطن، أو حتى خطأ فاحش وظالم من الشركة بحق المواطن الذي يحتاج إلى ستة أشهر لتطهير نفسه من دنس الخطيئة في حق «سمة» والقائمين عليها. وأختم بالتوجه إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز، فهو نصير وعون المواطن السعودي في كل وقت. نحن لا نطالب بحماية المستهترين والمماطلين في سداد الحقوق، ولكن المواطن السعودي أصبح يدفع ثمن أخطاء البنوك وشركات الاتصالات، ويُجبَر على دفع رسوم لم يدر عنها كما في الحال الاولى، فلا يمكن بأي حال وصف من لم يدفع ريالاً واحداً بالمماطل أو المستهتر، وتتوقف حاله ستة أشهر، وأن يُطالب الآخر بدفع 4 ملايين قيمة جوالات لم يشترك فيها. اقتصادي سعودي. www.rubbian.com