واشنطن، بيروت -رويترز - قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن ترك الرئيس بشار الأسد لمنصبه مجرد مسألة وقت لكنه عارض تماماً الدعوة للقيام بعمل عسكري لإجباره على التنحي. وقال أوباما إن ما يحدث في سورية "يوجع القلب ويثير الغضب" وإن أقوال شهود عن الدمار الذي لحق بحي بابا عمرو بعد قصف القوات الحكومية تجعل محاولات الوصول إلى حل ديبلوماسي ضرورة ملحة. وقال أحد السكان السابقين متحدثاً من مكان لم يكشف عنه "الفظائع التي رأيناها فاقت خيالنا." ومن المقرر أن تزور فاليري آموس وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة وكوفي أنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية سورية هذا الأسبوع كي يرى كل منهما بنفسه آثار الصراع الذي تقول الأممالمتحدة إنه أسفر عن مقتل أكثر من 7500 مدني. وعقدت قوى عالمية اجتماعات مغلقة في الأممالمتحدة لبحث مسودة قرار صاغتها الولاياتالمتحدة وتحث على إنهاء قمع قوات الأسد للانتفاضة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون معوقات. لكن على الرغم من التصريحات الغاضبة استبعد زعماء غربيون تدخلاً عسكرياً في سورية على غرار ما حدث في ليبيا خشية أن يشعل ذلك صراعاً أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط. وقال البيت الأبيض إن أوباما ملتزم بالجهود الديبلوماسية لإنهاء العنف وإن واشنطن تريد عزل الأسد وقطع موارد إيراداته وتشجيع الوحدة بين معارضيه. وقال أوباما في مؤتمر صحفي بواشنطن "سيسقط هذا الدكتاتور في نهاية الأمر" مضيفاً أن السؤال ليس هل سيرحل الاسد بل متى سيرحل. لكنه عارض دعوة من السناتور الأمريكي جون مكين الذي تعرض للهزيمة أمام أوباما في انتخابات الرئاسة عام 2008 كي تقود الولاياتالمتحدة مساعي دولية لحماية التجمعات السكانية في سورية مع شن ضربات جوية تستهدف قوات الأسد. ومضى أوباما يقول "بالنسبة لنا.. أعتقد أن من الخطأ القيام بعمل عسكري من جانب واحد كما اقترح البعض أو الاعتقاد بأن هناك حلا بسيطا من نوع ما بطريقة ما." وجاءت تصريحات أوباما في وقت يواجه فيه الرئيس السوري غضباً غربياً متنامياً لمنعه دخول مساعدات الى حي بابا عمرو المدمر في مدينة حمص وبشأن اتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان تشمل صوراً قيل انها التقطت لضحايا للتعذيب في مستشفى بالمدينة. وقال الصليب الأحمر إنه ما زال ينتظر الموافقة على توزيع المساعدات على بابا عمرو وتحدث سكان فروا عبر الحدود إلى لبنان عن الدمار هناك. وقال أحمد الذي هرب الى لبنان الاسبوع الماضي "كانت رائحة الموت في كل مكان. كان يمكننا في كل وقت ان نشم رائحة الجثث المدفونة تحت الانقاض." وأضاف وهو يتحدث من منزل أحد أقاربه في لبنان وقد بدت عليه علامات التعب وظهرت هالات سوداء حول عينيه "الجثث في الشوارع.. العديد منها متحلل لكن لا يمكننا دفنها. "لقد رأينا الموت كثيراً حتى أنه في النهاية لم تعد رؤية جثة مقطعة الأوصال لقريب أو صديق تهزنا." وبث التلفزيون الحكومي السوري لقطات لعشرات الرجال والنساء والأطفال وهم يعودون إلى حي بابا عمرو سيراً على الأقدام مروراً بمبان عليها أثار طلقات نارية وأبنية متضررة بعد أيام من انسحاب مقاتلي المعارضة في اعقاب قصف استمر قرابة شهر. كما عرض صورا لقذائف صاروخية ومدافع موجودة في الشوارع. وتقول حكومة الأسد إن الانتفاضة ما هي إلا حملة من إسلاميين مسلحين مدعومين من الخارج أسفرت عن مقتل ألفي فرد من الجيش والشرطة منذ اندلاع الإحتجاجات في آذار(مارس). وبثت قناة تلفزيون بريطانية لقطات فيديو صورت سراً لأشخاص قالت انهم مرضى سوريون تعرضوا للتعذيب من جانب عاملين طبيين في مستشفى تديره الحكومة في حمص. وأظهر الفيديو الذي قالت القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني انه لم يتسن التحقق من صحته من مصادر مستقلة جرحى معصوبي الأعين ومقيدين بالسلاسل في الاسرة. وشوهد سوط مطاطي وكبل كهرباء على منضدة في أحد العنابر. وأظهر المرضى علامات تظهر تعرضهم لضرب مبرح. وقالت القناة الرابعة ان اللقطات صورها سراً موظف في المستشفى العسكري في حمص وتم تهريبها بواسطة مصور صحفي فرنسي عرفته باسم "ماني". وقال خوان مينديز مقرر الأممالمتحدة الخاص لشؤون التعذيب إنه لم يشاهد فيديو القناة الرابعة إلا أنه يبدو متناسقاً مع تقارير تلقاها في الآونة الأخيرة بشأن تعذيب القوات السورية للمعارضين وإنه يتسق مع مزاعم خطيرة تشير إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وفي حمص قال نشطاء إن قوات الأمن شنت غارات على حي مجاور لبابا عمرو أمس وتحدثوا عن دوي إطلاق نار وانفجارات في منطقة أخرى. وفي مدينة الحراك بمحافظة درعا التي اندلعت منها الإنتفاضة قبل نحو عام قال سكان ان عربات مدرعة ودبابات احتشدت على المشارف الغربية للمدينة وفي اجزاء بوسطها. وتحدثت تقارير عن مداهمات في مدينة دير الزور. وفي أنحاء العالم ارتفعت أصوات النداءات المطالبة بتحرك لحماية المدنيين في الوقت الذي شدد فيه الجهاز الأمني السوري حملته على المحتجين. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وهو حليف سابق للأسد إن العنف في سورية "بدأ يكشف عن وحشية غير آدمية في الايام الاخيرة" داعيا الى اقامة ممرات انسانية في سورية لمساعدة المدنيين. وعقدت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمغرب ما أطلقت عليه السفيرة الأمريكية في الأمم المتجدة سوزان رايس "مناقشات أولية... بشأن ما إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق" بشأن مسودة قرار صاغته الولاياتالمتحدة. وتطالب مسودة القرار التي حصلت رويترز على نسخة منها "بالسماح بلا قيد بوصول المساعدات الانسانية" و"تدين استمرار وتفشي الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الانسان والحريات الاساسية من جانب السلطات السورية وتطالب الحكومة السورية بوقف مثل هذه الانتهاكات على الفور." وعبر بعض الدبلوماسيين الغربيين عن خيبة أملهم من مسودة القرار الأمريكية قائلين إنها لا تتضمن إدانة قوية للحكومة السورية. ووصل دبلوماسي صيني الى دمشق أمس لعرض خطة بكين للسلام. وتحاشى سفراء الأممالمتحدة من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا إلى جانب المغرب البلد العربي الوحيد في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا التعقيب بشكل مفصل عندما خرجوا من اجتماع استغرق ساعة ونصف الساعة حول مسودة القرار أمس. وقال السفير الصيني لي باودونغ للصحفيين "مازلنا نعكف على هذا الأمر."