«للموهبة حُمى جانبية»، تقولها وهي تبتسم، وتذهب لتغوص في ذكريات طفولتها «لم أكن أرضى بارتداء حذاءٍ لا يتناسب مع لون شرائط ضفائري، ربما كانت تلك البوادر هي أعراض نمو الموهبة لدي». ولكن البحرينية كُبرى القصير لم تتجه إلى عالم تصميم الأزياء إلا بعد زواجها وإنجابها أولادها الثلاثة، حين لقيت دعماً وتشجيعاً من زوجها وعائلتها. وبدأت بافتتاح متجر اسمته «السعفة»، ولقي رواجاً في دول الخليج العربي. تصمت كُبرى قليلاً، لتقول: «شعرت أنني ظلمت نفسي حين منحته هذا الاسم، إذ وجدت الكثير من المتاجر في دولٍ أخرى تحمل الاسم ذاته، وتقلد أزيائي، فلم يكن أمامي سوى وضع اسمي الحقيقي، منعاً للتقليد. كما أن من شروط الوصول إلى العالمية أن أظهر باسمي الحقيقي، وهذا ما حدث فعلاً». واستغرق أول فستان عرس صممته قبل 20 سنة، نحو شهر لإعداده، وأنفقت عليه ألفي ريال، ولكنها باعته بأربعة آلاف ريال. أما أول جلابية صممتها فكانت لها شخصياً، ولا تزال في حوزتها. وتقول: «ذات يوم؛ دخلت أحد المحال في الدول العربية، ووجدت ما هو مطابق لتصاميمي، ودعاني الموظف للاطلاع على المعروضات، وفاجأني حين قال لي مبتسماً: إنه من متجر كُبرى القصير. وشعرت حينها بأنني غير قادرة على الكلام». ومن بين كل الفنانات اللائي تعاملت معهن، اختارت القصير، الفنانة شمس الكويتية، لتضع صورتها على أحد جدران منزلها. وتبرر ذلك بالقول: «أجدها قريبة لنفسي، وظُلمت كثيراً، والاقتراب من شمس يعني بالنسبة لي الكثير، فأنا لا أجاملها في رأيي، سواء أعجبني ما تقدمه، أم لم يعجبني، لكنني أجد أنها إنسانة طيبة القلب، وفي قلبها طفلة جميلة». ولا تكاد تجلس في مكتبها، فهي حيناً مع الخياطين، أو مع الموظفين، مؤكدة «أتعامل بثقة مُطلقة مع الموظفين الذين يعملون معي، فهم أساس عملي، وأبقى قريبة منهم، وأحاول مساعدتهم، ليساعدوني في إتمام عملي على أكمل وجه». ومن بين هؤلاء العاملين أميرة زوجة ابنها رائد، إلا أن التعامل بينهما مختلف عن تعامل الكنة وزوجة الولد. وتقول كبرى: «زوجات أبنائي مهمات بالنسبة لي. وأنا أعتقد أن الأم التي تحب أولادها؛ يجب أن تحب زوجاتهم أكثر». وفيما كانت تتجه إلى الطائرة، التي ستقلها إلى العاصمة العمانية مسقط، للمشاركة في معرض «أسبوع الموضة للعام 2012»، قالت: «اعتدت تصميم أزيائي في توقيتين غريبين، الأول قبل النوم، والثاني وأنا في الطائرة». وحين نزلت من الطائرة كانت مشغولة البال بالعرض، وكان جل تفكيرها حول كيف ستقدمه. وفي مقر المهرجان؛ كانت القصير تتعامل ب «أريحية وانتظام وهدوء شديد». وقبل العرض بساعات قالت: «اليوم سيكون عرضي مفاجئاً، لأنني سأقوم بعرض «عباءة الرأس» بعد اندثارها لسنوات طوال، وحلول عباءة الكتف محلها». وترى أن «عباءة الكتف، وما أدخل عليها من مشغولات وتطريز، أخرجت العباءة الخليجية من صبغتها الحقيقية، بل إنها صارت أقرب لكونها «جلابية»، لكنني أعدت من خلال هذا العرض إحياءها، بعد سنواتٍ طوال من اندثارها، وجعلت الغالب عليها اللون الأسود. ومن أشهر السيدات اللواتي بقين عليها الأميرة سبيكة حرم ملك البحرين». وأكملت «افتتحت عرضي في مسقط ملكة جمال هولندا والمغرب غزلان كرامر زروال مرتدية عباءة، ولن أقف عند هذا الحد، فشغف الأوروبيات في الأزياء والتراث الخليجي لا يقل عن الخليجيات أنفسهن». وقدمت كُبرى 22 قطعة من الأزياء التقليدية المُطرزة، والمُصممة يدوياً، التي شملت الجلابيات والعباءات. وشاركت في تقديم الأزياء 16 عارضة أزياء، قدمن من مختلف دول العالم للمشاركة في المهرجان.وحكت القصير، قصة عن بداياتها، «في مهرجان أقيم في بيروت، تم اختياري من ضمن ستة مصممين عالميين، ووضع عرضي في نهاية اليوم، كوني لم أكن معروفة لديهم آنذاك. وكاد القلق يسيطر علي، لكنني حين شاهدت العرض مصوراً، بكيت فرحاً حين وجدت الناس منتبهة وسعيدة بعرضي، وجدت الجمهور يصور أزيائي، ويصفق الحضور لما وجدوه إبداعاً، وهذا ثمرة جهدي وعملي». ولا تحمل كُبرى، مذكرة، وتتصرف كأنها مسؤولة عن كل أعمالها. تقول: «أعتمد على ذاكرتي في كل وقت، وأعتقد أنه علي أن أكون يقظة ومنتبهة لكل لحظة في حياتي، فأنا أجدول تفكيري بانتظام، وإذا عرفت كيف تبدئين بالخطوة الأولى تأتي بقية الخطوات سريعاً». وكانت تغمض عينها وهي تمر بجانب جبال مسقط، وتقول: «أخاف الأماكن المرتفعة، لكنني سعيدة كون العرض بخلفية طبيعية، هي جمال جبال مسقط، لذا اخترت أغنية حسين الجسمي «الجبل» لتكون أغنية العرض». وانتهى العرض، لكن فرصها في الحياة لم تتوقف «اليوم انتهى عرضي في مسقط، لكن الفرص المقبلة بحاجة لاجتهاد وعمل كبيرين، ولطالما آمنت ب «أعقلها وتوكل».