على رغم العدد الكبير من الدعاة والكيانات والأحزاب السلفية التي امتدحت الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل وأشادت به وبمواقفه وأخلاقه، ومنها من أعلن دعمه صراحة في السباق الرئاسي، إلا أن الآمال تبدو بعيدة أكثر من أي وقت مضى في مسألة حصول المرشح الإسلامي المحتمل لرئاسة الجمهورية المصرية على تأييد رسمي من «الدعوة السلفية» التي يتوقع أن يكون لها دور كبير في حسم السباق الرئاسي بين المتنافسين. تشير دلائل عدة إلى تحفظ شديد بات يبديه شيوخ الدعوة السلفية تجاه مسألة تأييد أبو إسماعيل، وهو تحفظ يرقى في أحيان كثيرة إلى الرفض بما يجعله (أبو إسماعيل) ربما في أسفل القائمة التي يمكن أن يضعها السلفيون لأسماء المرشحين الحاليين للرئاسة. ويضع السلفيون شرطين أساسيين أمام المرشح الذي سيحظى بدعمهم: إيمانه بالهوية الإسلامية لمصر وموقفه من قضية الشريعة، وتمتعه بالقدرة الكافية على إدارة الدولة واتخاذ القرار، خصوصاً في ظل الأزمات والملفات الضخمة التي سيكون على الرئيس القادم أن يواجهها بمجرد توليه المنصب. وإذا كان السلفيون مطمئنين إلى المسألة الأولى لدى أبو إسماعيل، فإنهم يشككون كثيراً في توافر الشرط الثاني المتمثل في قدرته على إدارة الدولة. ومما يؤخذ على الداعية المعروف في هذا الشأن تصريحاته الحادة وتهوره إزاء بعض القضايا، بما ينم عن أنه واحد ممن يؤمنون بأنه إذا ما توافرت الاستطاعة على اتخاذ قرار ما أو تنفيذه، فلا اعتبار لديه لقياس المصلحة والمفسدة التي يمكن أن تترتب على هذا الموقف. ويقول السلفيون إنهم لا يزالون حتى الآن في مرحلة البحث عن مرشح يصلح، وقد باتوا بين خيارين: إما أن يظهر مرشح جديد خلال الأيام المقبلة لم يكن في الحسبان، تتوافر فيه الصفات الكافية لتولي أعلى منصب في البلاد، أو أنهم سيختارون من بين أفضل الموجودين مع العمل على معالجة جانب النقص فيه أو بمعنى آخر تفادي عيوبه أو تحييدها. وإذ يرى السلفيون أن لكل من المرشحين الإسلاميين الحاليين (العوا، وأبوالفتوح، والأشعل، وخفاجي، وأبوإسماعيل) ميزات كما فيه من عيوب، إلا أنهم يتحفظون كثيراً أمام مسألة المجازفة بقبول مرشح مع علمهم بما فيه من عيوب. فعبدالمنعم أبوالفتوح ربما يعيبه ضعف مهاراته الإدارية، وانفتاحه على الليبراليين لكنه ليس متهوراً. والعوا رجل دولة من الطراز الأول لكن مفهومه عن الشريعة فيه قدر من التهاون كما أن أخطر نقطة فيه هي موقفه من الشيعة وإقامة علاقات مع إيران، ومن ثم فلا يوجد من بين المرشحين الحاليين من يمكن أن يقال إنه مقبول مئة في المئة. ويدرك السلفيون مدى الشعبية التي بات يتمتع بها حازم أبو إسماعيل بين العامة، وأيضاً لدى شريحة كبيرة من الشباب الإسلامي، خصوصاً السلفي في ظل خطابه الإعلامي القوي والشريحة الكبيرة من الشباب التي تلتف حوله، إلا أنهم يرون أيضاً في حجم المسؤولية المترتبة على إعلانهم دعم مرشح ما دون غيره، وأهمية المنصب في واقع البلاد ومستقبلها سبباً للتثبت والتمهل حتى إدارة نقاش جاد للوصول إلى قرار صائب له من المبررات ما يمكن أن يقنع المصريين ومن بينهم القاعدة العريضة من الشباب السلفي. من جهة أخرى، تبذل أطراف إسلامية جهوداً حثيثة بهدف فتح قنوات الحوار بين الإخوان والسلفيين حول مرشح إسلامي يمكن الاتفاق عليه، إلا أن هذه القنوات غالباً ما تتعثر أمام حيرة أكبر جماعتين إسلاميتين في المسألة حتى الآن مع الدلائل الكثيرة التي تؤكد أن كلاً منهما لم تصل إلى مرشحها حتى الآن. ويرى السلفيون أنه يمكن الاتفاق مع الإخوان حول مرشح واحد في كل الحالات إلا في حال انتهى موقف الإخوان المسلمين إلى تأييد مرشح علماني، وهو أمر بات مستبعداً في ظل المعارضة الشديدة التي لقيتها تصريحات مرشد الإخوان حول رفضه دعم أي مرشح إسلامي وهي التصريحات التي خففت منها قيادات الجماعة في ما بعد مؤكدة أنها لا تعارض تأييد مرشح إسلامي لرئاسة مصر.