تفتح وعي التشكيلية السعودية نجلاء السليم وهي تشاهد والدها الفنان محمد السليم رحمه الله، وهو رائد الفن التشكيلي ذلك الأب الذي امتلك إصراراً وعشقاً لا ينضب للفن، إذ تأثرت به كثيراً، لا كمعلم لفن الرسم فحسب بل بفكره الإنساني وإصراره ومواظبته، فهو معلمها الأول الذي غرس بذرة الفن داخلها وعلمها آدابه واحترامه وطقوسه وكل ما يتعلق به. «الحياة» التقت نجلاء السليم، التي شاركت أخيراً بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 43 للعام 2012، فكان هذا الحوار: هل يمكن إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه التشكيليين السعوديين؟ - الفنان عموماً وفي أي مكان من العالم يواجه تحديات كثيرة، ومهما كان نوعها فهي عامل مُحفز للفنان لمواجهة كل العقبات التي تواجهه وتساعده على تحقيق رسالته الفنية. نعم الفنانون التشكيليون السعوديون مثلهم كغيرهم يواجهون تحديات كبيرة شتى، منها اجتماعي وثقافي وكذلك تنافسي، وهي معاناة كل صاحب رسالة، خصوصاً المرأة، فهي في مجتمعنا تحظى بالقليل من الاهتمام الروحي والعاطفي وتقع ضحية التخلف الاجتماعي والتخلف الديني أيضاً. فالبُعد عن أُسس الدين السليمة يؤثر في العلاقات البشرية بين أفراد المجتمع بشكل سلبي. هنا تجد الفنان أمام مادة ثرية وغنية للطرح الفني لكنه سيواجه الكثير من التحديات أمام هذه المعتقدات السلبية، فيضطر اللجوء إلى ممارسات تحايلية مع القليل من الصبر، حتى يتمكن من بث الرسالة من دون خدش أي من العادات التقليدية التي باتت قديمة ومُعيقة لمسيرة التطور والبناء الحضاري. لذلك الفنان من أهم وأكبر المؤثرين في التقدم الثقافي والوعي الحضاري، فمن خلال رسائله عبر لوحاته المعروضة هنا وهناك يستطيع بطريقة مباشرة إدخال مفاهيم تطويرية بشكل سلس وأسلوب جمالي مستساغ. ما أسباب عدم تفشي ثقافة الاقتناء؟ - عدم تفشي ثقافة الاقتناء برأي يعود إلى عدم تفشي الوعي بالثقافة الفنية التشكيلية. هناك الكثيرون الذين لا يدرون قيمة اللوحة التشكيلية ولا يعطونها حقها من التقدير الثقافي. وهي من إحدى المشكلات التي يواجهها الفنان، وما زالت هناك أيضاً عقدة اللوحات الأجنبية، فتجد المهتمين بالفن يفضلون شراء اللوحات الأجنبية أو التي تباع خارج البلد لاعتقادهم أنها أفضل إذا بيعت خارج البلد عن داخله. علماً بأن هذه المشكلة باتت أقل وضوحاً عن ذي قبل لأسباب ربما تكون ثقافية، ولكن أتمنى أن تنتشر حالات الاقتناء، ونشر الثقافة الفنية بشكل أوسع حتى تصل إلى كل بيت. يتردد دائماً أن المرأة مُتهمة بأن الرجل يرسم لوحاتها، ما تعليقك؟ - ربما تكون هناك فنانات يرسم لهُن رجل لا أجزم على ذلك، لكن هؤلاء تسقط أسماؤهن سريعاً من الساحة الفنية. ما المشكلات أو الصعوبات التي تواجه جمعية التشكيليين السعوديين؟ - اعتقد بأنها مشكلات إدارية بحتة، منها عدم احترافية الأعضاء وقلة الموارد المالية شلت حركة الجمعية، وان كنت أقول أنها أمور إدارية فأنا اقصد الأسس الإدارية الأولية واللائحة التشريعية لها. ما الجديد الذي تعملين عليه حالياً؟ - أعمل الآن على إقامة معرضي الشخصي الأول، والذي سيقام في دبي 17 آذار (مارس) الجاري في غاليري 4wall. هل هناك عمل إبداعي تحاولين الاشتغال على منواله أو تمنيت لو أنك من أنجزه؟ - الأعمال الإبداعية كثيرة وفي كل مكان، ولكنني لم أفكر أن أكون أنجزت احد من هذه الأعمال، بل أفكر دائماً في أن أنجز أكثر إبداعاً منه، فالفنان لابد أن يقدم الجديد دائماً. شاركت في العديد من المعارض على المستوى الدولي والمحلى. أيهما كان الأبرز في مسيرتك الفنية؟ - شاركت في العديد من المشاركات على المستوى المحلي والدولي، مثلت وطني السعودية في المحافل والمناسبات الرسمية، وكانت الأقرب لي والأهم مشاركتي في باريس بمناسبة افتتاح مبنى جديد للملحقية الثقافية هناك. وبعد انتهاء المعرض صدرت أوامر بتجميل جدران المبنى بلوحاتي واقتنائها. فكان هذا أجمل ما حدث لي خلال مسيرتي الفنية. وكان له اثر كبير في رفع معنوياتي وزيادة ثقتي بنفسي ودافع اكبر لإنتاج المزيد من الأعمال الفنية، فجميل جداً أن تعرض اللوحات في مثل هذه الأماكن الرسمية لأنها تمثل واجهة للبلد ولثقافتها. دراستك كانت العلوم وتخصصت في الكيمياء، ما أسباب اتجاهك نحو الفنون التشكيلية؟ - بعد الثانوية العامة كنت ارغب في دراسة الفنون الجميلة ولكن في تلك الفترة وحتى الآن، لا توجد كليات للفنون الجميلة بل كانت كليات التربية الفنية وهي كانت حينذاك، برأي والدي، في تلك الفترة لم تكن الكلية المثالية لتُعلم الفنون بالطريقة التي يجب أن تكون، ففضل أن ادرس أي شيء آخر وأما الفن فسيكون هو معلمي الأول باعتباره رائد الفن التشكيلي السعودي، ودرس وتعلم الفنون الجميلة في مدينة فلورنسا. ولكن عندما سنحت لي فرصة التُعلم في الولاياتالمتحدة الأميركية برفقة زوجي الذي ابتعث للدراسات العليا هناك، قررت أن ادرس الفنون الجميلة وأتعلم واصقل موهبتي الفنية، بعد أن خرجت من كنف والدي ولكنني كنت أتقدم في دراستي بفضل توجيهاته المستمرة لي، ثم عُدت لبلدي احمل بكالوريوس ثانياً في الفنون الجميلة من جامعة ايسترن ميتشيغن يونيفيرسيتي في عام 1993.