مثلما أن الإنسان عدو لما جهله، فهو يستغرب مما لم يتعود عليه، وقد تعودنا من وزارة التجارة طوال عقود أنواعاً من التعامل مع قضايا الرأي العام، حتى وضعناها في نادي الصم والبكم الخاص بالأجهزة الحكومية، وهو نادي قديم له أسوار عالية، وحاصل على بطولات «كيسان ودروع» مختلفة، المهم أن الوزارة «كنها» بدأت في تغيير ذلك النهج، ولا أقصد بالتغيير بعض الأخبار أو البيانات، مثل قضية الرد على إعلان وكيل السيارات أو إيقاف رسوم الخدمة من المطاعم «ولو نظرياً»، بل مسألة أخرى مرت مرور الكرام. قضايا كثيرة، تتعلق بالصحة والغش والتحايل برزت في سنوات مضت، اشتهر منها عدد قليل بعد نشره في الصحافة أو الإشارة إليه من بعيد، أي مثل من يصف منزلاً من الطريق الدائري! ولا أخفي على القراء الكرام أنه سبق لي وتابعت بعض هذه القضايا في دهاليز البيروقراطية، وحسب الإمكانيات المتاحة من المصادر المتطوعة، ولاحظت أنه كلما كبرت القضية «بالأطنان» وتوارت عن الإعلام ينتهي ذكرها، تغوص كمن يغرق في رمال متحركة، وبحكم تعدد المحطات الحكومية التي تمر بها القضايا، لم يكن من السهل تحديد موقع بركة الرمال «البالعة»، أيضاً احتمال أن البركة نفسها متحركة وارد، بمعنى أنها تتنقل من هنا إلى هناك حسب الحاجة. الحقيقة أدهشني أن تبادر وزارة التجارة «دون تعقيب وخطابات»، أقول تبادر إلى إخطار أمانة الرياض أنها تبنت قضية المطعم الشهير في طريق التحلية، وأحالتها إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، ويتم هذا الإخطار من خلال موقع «تويتر» ما غيره، وفوق هذا شكرت الوزارة الأمانة. الشفافية بين الأجهزة الحكومية ليست بالصورة التي يتوقعها الكثير من الناس، وأن يتم ذلك في موقع تواصل اجتماعي مفتوح مثل تويتر، لا شك أنه ملفت للنظر، قد يكون مقصوداً وقد لا يكون، وكرة المطعم الآن في هيئة التحقيق والادعاء. والملاحظ أن أي إجراء بسيط إيجابي من وزارة التجارة يوسع صدور الناس، وردود فعل الجمهور شاهد على ذلك، ما يعني أنهم لم يكونوا يطالبون بالكثير، وأيضاً يعني فيما يعني أن بعض السابقين من المسؤولين كانوا إما في قمة التطنيش أو أسرى «وهم استشاري»، بقي القول إن هناك قضايا «محرزة» تستطيع الوزارة النبش عنها، ستجد الكثير من المدفون هنا أو هناك، وهو للرأي العام - حينما يأخذ طريقة القانوني - ألذ من وجبة «مدفون» من أناس يستاهلون. www.asuwayed.com asuwayed@