أعلن مستشار محافظ نينوى لشؤون الأقليات أن عدد المسيحين الذي نزحوا من الموصل باتجاه سهل المحافظة بلغ 451 عائلة، عدا النازحين نحو مدن إقليم كردستان، فيما دعا رئيس الوزراء نوري المالكي «العالم لمواجهة ما يقوم به داعش». وكانت المئات من الأسر المسيحية بدأت النزوح في أعقاب تهديدات أطلقها «داعش» ودعاهم إلى إشهار إسلامهم أو دفع الجزية، أو مغادرة المدينة بحلول منتصف السبت الماضي. وقال الدكتور دريد حكمت زوما، مستشار محافظ نينوى لشؤون الأقليات منسق شؤون المنظمات الدولية في المحافظة ل «الحياة» إن «451 أسرة نزحت من الموصل باتجاه مناطق سهل نينوى (خاضع لسيطرة البيشمركة) عدا الأسر التي توجهت إلى محافظات إقليم كردستان»، وأضاف أن «قضاء الحمدانية يؤوي الآن 210 أسر من طائفة الكاثوليك، و77 من الأرثوذوكس، و56 في دير شيخ متى، و18 في ناحية برطلة، و12 في كرمليس و33 في تلكيف، و36 في ألقوش و8 في الشرفية». وزاد: «التقينا الكثير من النازحين، الجميع تعرض لسلب كل ما يملك من أموال وسيارات، وبقي عدد محدود من الأسر التي قررت البقاء، لدى بعضها معاقون، ويبلغ عددها بين 20 إلى 25 عائلة»، مشيراً إلى أن «عملية الإيواء ترعاها الكنائس بالتنسيق مع بعض المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية، كما وصل اليوم (أمس) وزير الأوقاف في حكومة إقليم كردستان لمعاينة أوضاعهم»، وزاد «ان نحو 12 عائلة فقط صودرت مستمسكاها الرسمية وجوازاتها ومصادرة الأموال كانت حالة عامة، ونحو 36 سيارة». وكان عدد من الكنائس التي يعود تاريخ بعضها إلى 1500 سنة، تعرضت للحرق وتحطيم الصلبان والتماثيل والأيقونات». وقال سعد متى (52 سنة) وهو من الحي العربي في الموصل ل «الحياة»: «كنا نزحنا نحو أربيل منذ سيطرة داعش على الموصل، لكن قررت صباح الخميس العودة لمعاينه منزلنا وممتلكاتنا، رافقني والداي، وكان الطريق سالكاً، ومع وصولنا شاهدت عبارة مكتوبة على جدران المنزل تدعي أنه عقار الدولة الإسلامية وحرف نون الذي يرمز إلى النصارى، وعلى رغم ذلك بقينا فيه بضع ساعات وزارنا الجيران للاطمئنان إلينا، ثم تلقيت اتصالاً من شقيقي في أربيل يدعوني للعودة بأسرع وقت بعد التهديدات التي أطلقها داعش ضد المسيحيين». وأوضح: «قررنا العودة، ولدى وصولنا إلى حاجز للمسلحين أبلغناهم أن والدي مريض ومسن عمره يتجاوز 85 سنة، وعلينا إيصاله بأسرع وقت إلى المستشفى في أربيل فرفضوا الاستماع وأمرونا بالترجل من السيارة، توسلت إليهم دون جدوى وقلت إن والدي لا يقوى على المشي، وقلت إنني سأعود إلى الموصل، فرفضوا ونصحوني بعدم العودة ومتابعة عودتي إلى أربيل بسيارة أجرة بعد تسليم كل ما لدينا من أموال والسيارة والهواتف، ثم توجهنا إلى قضاء الحمدانية»، واختتم بالقول «أتمنى في أي لحظة أن أغادر هذه البلاد، لكن لا نملك أموالاً، وكنا نعوّل على بيع منزلنا، لكننا فقدناه هو الآخر». وفي بيان إدانة، أعربت رئاسة إقليم كردستان «عن استعدادها لاستقبال المسيحيين وإيوائهم»، داعية المجتمع الدولي إلى «الإسراع في تقديم المساعدات للتخفيف من معاناتهم». في المقابل دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بيان أمس المجتمع الدولي إلى «الوقوف صفاً واحداً وتشديد الحصار على تنظيم داعش، لما قام به من انتهاكات ضد المسحيين كاشفاً خطورته على الإنسانية وتراثها المتوارث عبر القرون»، وحضّ «اللجنة التي شكلها لرعاية شؤون النازحين على تقديم العون إليهم في أسرع وقت». في الفاتيكان انتقد البابا فرنسيس عمليات الاضطهاد التي يتعرض لها مسيحيو العراق الذين «جردوا من كل شيء». وقال البابا بعد صلاة البشارة الأسبوعية من شرفة الفاتيكان المطلة على ساحة القديس بطرس: «تلقيت بقلق الأنباء الواردة من الجماعات المسيحية في الموصل ومناطق أخرى من الشرق الأوسط». وأضاف: «تعيش هذه الجماعات منذ بداية المسيحية مع مواطنيها. وهي تتعرض الآن للاضطهاد». وأردف: «إخوتنا مضطهدون، يُطردون وعليهم أن يغادروا منازلهم من دون أن يتسنى لهم أن يحملوا معهم شيئاً. أؤكد لهذه العائلات ولهؤلاء الأشخاص قربي منهم وصلاتي المستمرة من أجلهم. إني أعرف كم أنتم تتألمون، وأعرف أنكم جُرّدتم من كل شيء. أنا معكم في الإيمان بمن انتصر على الشر».