لن يعلو صوت في «الفضائيات المصرية» إلى موعد انتهاء انتخابات الرئاسة فوق صوت «المرشحين المحتملين» الذين باتوا ضيوفاً دائمين عليها وتحديداً في برامج ال «توك شو». ففي الوقت الذي تلعب برامج الحوارات دوراً كبيراً في تعريف الجمهور بالمرشحين وببرامجهم، يلعب المرشحون دوراً أكبر في كيفية الوصول إلى هذه الفضائيات وبرامجها التي تتيح لهم فرصة أكبر لطرح أجنداتهم ورؤاهم في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والفكرية وغيرها. ويكمن الفيصل في مدى العلاقة التي تربط بين مرشح ما ومستشاريه الإعلاميين وفريق العمل المقرب منه، وبين فرق إعداد برامج الحوارات ومقدميها، وقبل كل هذا مدى «التوافق» مع صاحب القناة وسياساته. وعلى رغم أن بعض الفضائيات يرفع شعار «الحياد التام» أمام المرشحين، غير أن هذا الشعار غير موجود عملياً، والدليل تكرار ظهور مرشحين وعلى فترات متقاربة، سواء استلزمت الأحداث ظهورهم أم لم تستلزم، إضافة إلى كثرة المداخلات معهم للتعليق على أحداث تستحق، أو لا تستحق التعليق، وما أكثرها. واللافت ان المراكز البحثية لو ارتأت الاشتغال على دراسة لظهور المرشحين على الفضائيات لوجدت أن حمدين صباحي يأتي في المرتبة الأولى، لكونه صحافياً في الأساس وتربطه علاقات طيبة بغالبية المعدّين ومقدمي البرامج، ويليه عبدالمنعم أبو الفتوح، ثم يأتي خلفهما بنسب متفاوتة عمرو موسى وحازم أبو إسماعيل ومحمد سليم العوا وأيمن نور وأحمد شفيق. عصا سحرية وتبقى المشكلة في أن كثرة ظهور المرشحين عبر الفضائيات للحديث عن أي شيء، وتأكيد كل مرشح أنه يملك عصا سحرية لحل كل المشاكل التي تواجهها مصر في فترة قصيرة، من دون وضع آليات واضحة لتحقيق هذه الحلول، تفقد الجمهور الثقة في ما يردده المرشح هنا وهناك، ويكرره في شكل أقرب إلى الحفظ، خصوصاً أن كثراً يدركون ان ثمة فوارق كبيرة بين النظرية والتطبيق، وبين الواقع والمأمول. ومن يدقق في وجوه المرشحين أثناء أحاديثهم الكثيرة، وتعاطيهم مع الكاميرات وحركتها والإضاءة في الأستوديو وغيرها، يدرك أن غالبيتهم باتت تتعامل باحترافية تقترب من احترافية الفنانين الذين يمتهنون التمثيل. ومن يحرص على متابعة برامج الحوارات يستشعر أن قناة «الحياة» مثلاً تميل الى مرشح بعينه، في حين تميل قناة «أون تي في» إلى مرشح آخر، و«دريم» إلى مرشح ثالث وهكذا... ومثل هذه القنوات توصد أبوابها تماماً في وجه مرشح رابع لاعتبارات لا تعلنها. وهو ما كشف عنه المرشح المحتمل للرئاسة عالم الفيزياء النظرية الدكتور محمد النشائي الذي اقتصر ظهوره على قنوات منها «الحافظ» و«الصحة والجمال»، إذ تحدى أياً من القنوات المعروفة بثقلها الجماهيري ان تشرّع أثيرها له، مؤكداً «أن نصوصاً موجودة في عقود بعض مقدمي البرامج في هذه القنوات لعدم استضافته، لجرأته الشديدة وإصراره على إقامة مناظرات مع منافسيه من المرشحين»، كما يقول.