تحولت الرقابة الشعبية في مصر إلى سيف مسلط على نجوم الفضائيات، والذين كانت لهم مواقف مضادة لثورة 25 يناير في بدايتها. ولم يتوقف الأمر عند حدود مقدمي البرامج السياسية، وإنما امتد أيضاً إلى الهجوم على مقدمي البرامج الرياضية، والذين دخلوا ببرامجهم على "خط السياسة"، ومنهم مدحت شلبي، الذي عرف بعلاقاته القوية بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وكان يخصص فقرات كاملة لمدح نجليه علاء وجمال مبارك، وبلغ حد قيامه بالرقص عندما فازت مصر على الجزائر بأربعة أهداف نظيفة في الدور قبل النهائي لكأس أمم أفريقيا 2010 في أنجولا. وهو الفوز الذي استغله شلبي في معاودة مدح جمال وعلاء مبارك، مستعيداً الفقرات التي ظهر فيها جمال مبارك مع المنتخب القومي المصري، والتي هتف فيها جمال "زي ما قال الريس.. منتخب مصر كويس" في إشارة إلى الرئيس السابق مبارك. لعبة السياسة استهوت شلبي، حيث خصص مجموعة من حلقات برنامجه "مساء الأنوار" لمناقشة الأحداث السياسية التي تعيشها مصر حالياً، ولأنه اتخذ موقفا ضد أحداث التحرير والثوار، فقد تعرض في إحدى الحلقات لهجوم من مشاهد اسمه "بدوي" فاجأه بالقول "أنا قلت لفريق الإعداد والإخراج بتاعك إني مساند لما تقوله حتى أتمكن من إجراء مداخلة في الحلقة، لكن أنا غير مساند لما تقوله بالمرة، ورسالتي لك إني مش عايزك تطبل للحكومة، خليك كده لكن مش بعد الثورة ما تنجح تجيب أهالي الشهداء وتطبل لهم، خليك تطبل للحكومة بس". واكتفى شلبي في رده على المشاهد بدوي بعبارة "الناس تعرفنا كويس"، وبعدها استضاف في بقية حلقات برنامجه والذي تعرضه قناة "موردن سبورت" الدكتور أيمن نور المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، وبعض الشخصيات التي بدأت في شن هجمات على المجلس العسكري حتى يتفادى الصدام مع ثوار 25 يناير. والعجيب أن عدوى دخول أصحاب البرامج الفضائية المصرية مجال السياسة امتدت إلى مجدي عبد الغني، والذي يقدم هو الآخر برنامجه "السادسة مساءً" على قناة "موردن سبورت" أيضاً، حيث اعتاد في الفترة الماضية التقرب إلى المعتصمين في ميدان التحرير من خلال عرض جميع أحداث الاعتصامات بداية من ميدان التحرير، وحتى باقي الميادين، وخاصة في السويس والإسكندرية. ولم تتوقف الرقابة الشعبية عند القنوات الرياضية، وإنما امتدت إلى القنوات التي تنتهج مواقف سياسية، خاصة قناة "سي بي سي"، حيث تعرض الإعلامي مجدي الجلاد في برنامجه "لا زم نفهم"، لهجوم من خلال مداخلة أثناء استضافته للدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة؛ حيث انتقدته مشاهدة اسمها "فيفي" بسبب تركيزه أثناء الحوار على الحديث على قضايا مثل "الخمر والمايوهات"، وقالت أثناء مداخلتها "نريد من برنامج من المفترض أنه يتحدث عن مستقبل مصر أن يتناول البرامج الحقيقية للمرشحين بدلاً من الإصرار على الحديث عن قضايا تافهة لا تهم الشعب المصري المتدين بطبعه مثل ارتداء النساء للمايوهات، كفاية تفاهة، ودعونا نتحدث عن برنامج الدكتور حازم وغيره من المرشحين المحتملين لرئاسة مصر، حتى نحدد ما هو مستقبل بلدنا، وكيف يمكن الخروج بها من الأزمات التي تلاحقها". أما رجل الأعمال المصري أشرف السعد فقد تسبب في إحراج شديد للإعلامية لميس الحديدي أثناء تقديمها لبرنامجها "هنا العاصمة"، والذي تقدمه على قناة سي بي سي الفضائية، حيث كانت تستضيف في الحلقة رجل الأعمال المثير للجدل أحمد توفيق الشهير ب "الريان" حيث اتصل بها السعد وقال لها "أرجو منك أن تسمعيني ولا تقطعي الخط ". فسألته لماذا تقول هذا؟ فرد عليها قائلاً "لأنك من قبل أربع سنوات قطعت الخط عندما انتقدت الرئيس السابق حسني مبارك"، وعلقت قائلة :" أنا.. الحقيقة مش فاكرة.. بس على كل حال ما دام أنا كنت بشتغل على التلفزيون المصري وأنت بتنتقد رئيس الدولة يبقى لازم أقطع الخط". والأعجب أن مداخلة السعد جاءت في الوقت الذي كانت فيه لميس الحديدي تتباهى بأنها تتمتع بالحرية طوال عمرها، وأنها لم تكن يوماً ضد أي صوت معارض للرئيس السابق مبارك. ولم تنج الإعلامية منى الشاذلي من الإحراج، حيث تم بث شريط لها في الحلقة التي قدمتها عشية موقعة الجمل، وهي تعلق على خطاب الرئيس السابق مبارك، وهي تبكي قائلة "مش قادرة أقول حاجة، بس اللي ها قدر أقوله إن الراجل ده حمى مصر، وحافظ على مصر". والغريب أن منى تعمدت حذف هذه العبارة من الفيلم التسجيلي الذي عرضته في برنامجها "العاشرة مساءً" ، والذي تناول تغطية البرنامج ل 18 يوماً هي عمر الأيام التي سبقت تنحي مبارك عن الحكم. تقول الإعلامية انتصار شلبي إن "من حق الشارع أن يفرض رقابته الخاصة على نجوم القنوات الفضائية، والذين يحاولون أن يجعلوا من أنفسهم أبطالاً من ورق في مرحلة ما بعد الثورة، رغم أنهم كانوا قبل ساعات من سقوط حكم الرئيس السابق حسني مبارك أبواقاً له ولأركان حكمه، وبعد ثورة 25 يناير كان من الطبيعي أن يجد هؤلاء أنفسهم أمام رقابة شعبية ضد محاولاتهم للهجوم على طرف تجاه طرف".