ثلاثة مراسلين اجانب قتلوا في حمص. في العام الفائت قضى «ضحية» الربيع العربي عشرون مراسلاً وفق منظمة «مراسلون بلا حدود» وذلك من ضمن 66 صحافياً قتلوا في العالم. الربيع العربي كان وبالاً على بعض هؤلاء الذين خاطروا بحياتهم في سبيل الحصول على الخبر. بات عمل المراسل الحربي أخطر، وأمست «الجبهة» الإعلامية اليوم توازي تقريباً في أهميتها «الجبهة الحربية»، هكذا تقول مجلة «الاكسبريس» الفرنسية في تحقيق نشرته اخيراً تحت عنوان «المهنة: مراسل حربي» سلطت فيه الضوء على الصعوبات التي تواجهها هذه المهنة لدى مراسلي وسائل الإعلام، لا سيما مع تكاثرها والتطور المذهل الذي شهدته والتنافس الشديد القائم بينها. فهل يمكن اعتبار هذا التنافس مسؤولاً عن الثمن الباهظ الذي يدفعه اصحاب المهنة أحياناً؟ بالتأكيد لكنه بالطبع ليس السبب الوحيد! فهذا البحث «الشرس» عن الصورة وذلك السباق الذي يحتم الجري وراء كل ما هو آني ومباشر، يقود المراسل إلى خوض تجربة هو في كثير من الأحيان غير مستعد لها. يشرح كبير مراسلي محطة «فرانس 2» العامة فيليب روشو، الرهينة السابق في لبنان، أنه في التسعينات كان لديه أسبوع لينفذ خلاله التقرير. أما اليوم فلا يُعطى أكثر من ثلاثة ايام، ما يقوده إلى الاستنتاج «حين نعمل بسرعة أكبر نتعرض أكثر للخطر». هذه السرعة الشديدة المطلوبة سببها المنافسة بين الإعلام والسباق المحموم على الأولوية في نقل الخبر. وثمة منافسة أخرى تفرضها سوق العمل الصحافي المغلق نسبياً، فيندفع بعض المراسلين للمغامرة على رغم قلة خبرته، اذ يرى في الحروب فرصاً للتواجد و «خرق السوق». يضيف التحقيق أن هؤلاء المراسلين يجدون أنفسهم في خطر أمام أسلحة شديدة التطور. فقذائف اليوم تخترق جدراناً، وثمة معدّات تكشف مكان وجودهم من خلال أجهزتهم الرقمية... ويشير أحد المراسلين أيضاً إلى أن الموقف من الصحافي قد اختلف اليوم، فإلى منتصف التسعينات، كان ينظر إليه نظرة محترمة كتلك الموجهة إلى الصليب الأحمر أو المنظمات الإنسانية. الآن تغيرت الحال حتى أن شبهة «الجاسوس» تلاحقه بعض الاحيان، عدا عن مجابهته في بعض البلدان مقاتلين من نوع جديد «يافعين ومخدرين» مع كل ما ابتلعوه من حبوب هلوسة. وفوق كل هذا وذاك، يبدو أن المراسلين لا يتبعون الحذر في عملهم، فهم لا يرتدون ستراً واقية من الرصاص ولا يضعون الخوذ على رؤوسهم معتبرين أن ذلك يعوق حركتهم. ولكن، كما يقول أحدهم، يمكنهم على الأقل ارتداء «حذاء رياضي جيد» يسمح لهم بالهرب سريعا لأن «الخوف أفضل وسيلة... للنجاة من المخاطر». تخطت مهنة البحث عن المتاعب تلك التسمية في عصرنا، وباتت لدى بعضهم مهنة البحث عن الموت.