أجبرت التظاهرات العنيفة في أفغانستان، المستمرة منذ ثلاثة أيام، احتجاجاً على حرق جنود أميركيين في قاعدة بغرام العسكرية قرب كابول مصاحف، الرئيس الأميركي باراك أوباما على توجيه رسالة اعتذار نقلها السفير برايان كروكر الى الحكومة الأفغانية وشعبها، متضمنة تأكيد واشنطن أن الحادث «لا يعبر عن سياسة الولاياتالمتحدة وقواتها في أفغانستان، ونتج من تصرف فردي غير مقصود لضابط سيخضع لمحاسبة الجيش الأميركي». وفيما اتسعت التظاهرات التي تخللها سقوط قتلى، وامتدت الى ولايات غير بشتونية، قتل جندي أفغاني تسلل بين حشود غاضبة، جنديين أميركيين بالرصاص في ولاية ننغرهار (شرق) وسقط 8 متظاهرين في ننغرهار وولاية فارياب شمال كابول وباغلان (شمال) واوروزجان في الجنوب. وأعقب ذلك إصدار حركة «طالبان» بياناً دعت جميع «المجاهدين» والقوات الحكومية إلى استهداف الجنود الأجانب وقواعدهم ودورياتهم، والعمل لإنهاء احتلالهم أفغانستان. ولم يستجب الشعب نداءً وجهه الرئيس حميد كارزاي للتحلي بالهدوء ونبذ العنف، قبل أن يعلن مكتبه أن الحلف الأطلسي (ناتو) تعهد محاكمة المسؤولين عن حادث حرق مصاحف، اعتبره الشارع الأفغاني محاولةً للمس بعقيدته ودينه. وخلال جلسة طارئة عقدها بطلب من كارزاي، حضّ البرلمان الأفغاني على محاكمة الجنود الأميركيين الذين أحرقوا مصاحف، استناداً الى قانون البلاد الذي «لن يمنحهم اي حصانة»، فيما اكتفى قادة أحزاب المجاهدين السابقين و «الحزب الإسلامي» (أعضاؤه أكبر كتلة)، بالصمت في محاولة لإبقاء خيط حوار مع الولاياتالمتحدة، وذلك بخلاف كارزاي الذي وصف محللون خطابه بأنه يدعم المشاعر الشعبية الغاضبة، ويؤكد تنامي خلافه الشخصي مع السياسة الأميركية أخيراً. في جدة، أبدى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلي استياءه لحادث حرق مصاحف في أفغانستان، معتبراً أنه «عملية تحريض مؤسفة تتطلب محاسبة مرتكبيها». ورأى الأمين العام للمنظمة التي تمثل 57 دولة إسلامية أن «التصرف يتعارض مع الجهود المشتركة بين المنظمة والمجتمع الدولي بما فيه الإدارة الأميركية لمكافحة التعصب والتحريض على الكراهية على أساس الدين والمعتقد». لكنه رحب بالتصريحات الأميركية «المنددة بالحادث»، وتأكيد واشنطن أن «تحقيقاً دقيقاً سيجري حوله، ولن يسمح بتكراره».