تساءل رئيس تحرير مجلة «القافلة» الشاعر محمد الدميني حول ملتقى المثقفين السعوديين، الذي عقد قبل مدة، وأثار جدلا واسعا، ومن التساؤلات التي يطرحها الدميني: هل تتقدم الثقافة بدون خطة استراتيجية؟ كيف نصنع ثقافة حديثة ومواكبة في مناهجنا ومدارسنا؟ وما هو الدور المفترض للمثقفين في نشر ثقافة حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني؟ وكيف نتخلص من معوقات تنقل الكتاب وقنوات المعرفة إلى بلادنا؟ ولماذا تغيب الثقافة والفنون من خارطة وزارة الاقتصاد والتخطيط؟ وأين المسرح والسينما وأين صالات الفنون؟ وكيف نبني متاحف جاذبة للمواطنين والزوار؟ وما دور الرأسمال الخاص في صناعتنا الثقافية؟ ويرى بأن ملتقى المثقفين «ينبغي أن يكون حاضناً لسلسلة من ورش العمل، المخصصة لمناقشة باقة من المقترحات والخطط والمشاريع والمشكلات التي تواجهها جهود التنمية الثقافية». في ما تطرق رئيس تحرير الموسوعة العربية العالمية الدكتور أحمد الشويخات إلى أهمية عملية الانتخاب في شكل عام، وفي الأندية الأدبية في شكل خاص، ويتأمل أهمية هذه المسألة من زوايا عدة وجوانب مختلفة. وأكد الشويخات أن طبيعة التعامل مع المبدع «تختلف عن التعامل مع السياسي أو التربوي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فالمبدع يشغله الفعل الإبداعي، ومن هنا ينبغي تفهم طبيعة المبدع في الحقول الثقافية من خلال الأندية الأدبية». جاء ذلك في العدد الجديد من مجلة «القافلة» التي تصدرها إدارة العلاقات العامة في أرامكو السعودية. ويطالع القارئ في العدد مواضيع ثقافية وفكرية وفنية وعلمية متنوعة، كما جرت عادة المجلة الأقدم في الخليج العربي، ربما لتثبت أن الصحافة الثقافية الورقية المتنوعة قادرة على الصمود بقوة في وجه رياح الصحافة الإلكترونية التي يعتقد الكثير من مرتاديها بأنها الخيار المستقبلي الوحيد. ففي باب «قضايا» يقف القارئ مع مقالة للكاتب فاضل التركي بعنوان: النظرية النسبية، هل يتقدم العلم أم يتأخر؟ وفيها يتعرض لقصة مجموعة من العلماء توصلوا في نتائج تجاربهم التي استمرت ثلاث سنوات، إلى أن هناك جسيمات فاقت سرعتها سرعة الضوء. والمقالة تعرّف القارئ على تفاصيل هذه القصة، وتجول به في كيفية آلية عمل العلم، والمنهج العلمي والتفكير النقدي. وفي باب «طاقة واقتصاد» يكتب عضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين المهندس أمجد قاسم، متناولاً في دراسة تحليلية الأسس والمقاييس لتصنيف النفط الخام، وما يميز كل صنف منها عن الآخر، ويشرح أن النفط الخام عبارة عن مزيج معقد يتفاوت تركيبه الكيميائي، إلا أن السمة المشتركة التي تربط بين معظم المركبات الداخلة في تركيبة وجود ذرات الكربون والهيدروجين، وما اختلاف خواص النفط إلا في القدرة المميزة لعنصر الكربون على الاتحاد مع العناصر الأخرى ليشكل تكوينات جزيئية بسيطة أو معقدة. أما الكاتب أمين نجيب فيتناول المسؤوليات الكبرى التي ألقيت على عاتق الإدارات المختلفة في أنحاء العالم، ويمهد لذلك بعرض لتاريخ الإدارة ونشوئها ومراحل تطورها عبر العصور، وتطور مفاهيم الإدارة الحديثة ووظائفها، متوقعاً أن يعبر العالم في المستقبل القريب إلى عصر الإدارة الفاعلة والمتجددة. بينما يقدم الكاتب أسامة أمين للقارئ كتاب «ما أكبر حب الألمان لسلطة المكرونة» الصادر عن دار نشر (دي تي في)، ميونيخ، للكاتب الروائي رفيق شامي، الذي يحتوي على عشرين قصة قصيرة، تدور أحداث بعضها في دمشق، وبعضها في ألمانيا، والبعض الآخر يقارن بين العالمين. لكن القارئ يحار بحثاً لإيجاد علاقة بين «الرز الهندي» و«رطوبة الدمام» و«تمر القصيم»، لأنه لن يظن بأن ثمة علاقة بينها، لكن الدكتور يوسف العوهلي كتب في باب «بيئة وعلوم» ليبين أن ثمة قاسماً مشتركاً بينها يتمثل في المانسون الهندي، أو الرياح والأمطار الموسمية الهندية، فهي من ظواهر الطقس الأكثر إثارة على الكرة الأرضية. ومع باب «زاد العلوم» يشد القارئ رحاله نحو الدراسة التي أعدّها الباحث منصور الشافعي من مركز البحوث والتطوير في أرامكو السعودية، عن إعادة استخدام النفايات لإعادة إنتاج مواد نافعة، فوسائط كلاوس يمكن استخدامها دون أية معالجة مسبقة كمادة أولية لتصنيع الأسمنت البورتلندي لتحل محل البوكسيت والطين، ونالت هذه الدراسة براءة اختراع عالمية. ثم نطالع موضوعين في باب «الحياة اليومية»، أحدهما عن التوتر النفسي، والثاني عن الإتيكيت ومبادئ تهذيب النفس، ثم قراءة لفيلم «مونوبولي» الذي بث على ال«يوتيوب»، وسؤال: هل يتخلى السعوديون عن المطالبة بإنشاء صالات العرض السينمائي؟ ويحتوي العدد أيضاً على ثلاث قصائد للشاعر إبراهيم زولي، وقراءة في سيرة فيكتور هيغو، وكيف كان متفوقاً بإمكاناته العقلية الفذة وقدرته على الإحساس بالأشياء من حوله، مما جعل الناس يلقبونه بالرجل الخارق أو السوبرمان. لكن القارئ قبل أن يسدل الستار على العدد، يتوقف متسائلاً: هل يمكن للحجر أن يحكي الملاحم؟ سيجد الجواب في ملف العدد الذي يروي حكاية «الطرق القديمة في الجزيرة العربية»، متماهياً مع المعرض الذي أقيم في متحف اللوفر بباريس في الفترة من يوليو حتى سبتمبر من العام الماضي، عارضاً كنوز الآثار في الجزيرة العربية وما يحتويه متحف اللوفر منها، إذ ينطق الحجر تاريخاً حياً شاهداً على ما قدمه إنسان الجزيرة العربية عبر القرون.