على رغم أن «رأس» برنامج «لأجلكم» الذي يناقش قضايا الأسرى في سجون الاحتلال عبر شاشة تلفزيون فلسطين، مطلوب من أعلى قمة الهرم السياسي الإسرائيلي، أي رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، فإن منال سيف معدة ومقدمة البرنامج مصرة على الاستمرار في الإطار ذاته، مع عدم رضاها عما وجدت فيه «اعتذاراً غير مباشر» في إحدى نشرات الأخبار عبر الشاشة الفلسطينية ذاتها. تروي سيف التي تقدم البرنامج منذ سنوات ل«الحياة» حكايات مثيرة حول ملاحقة الإسرائيليين لهذا الجسر التلفزيوني بين الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال وأسرهم. ففي مطلع العام الماضي حُقِق معها بتهمة الترويج للإرهاب، تحت ذريعة بث تقرير عن أسير قتل عدداً من المستوطنين، إحداهن أميركية الجنسية، ما أدى إلى رفع أسرتها في الولاياتالمتحدة قضية ضد البرنامج، ليتكرر التحقيق في أيار (مايو) الماضي، قبل أن يطلب منها التوجه إلى القدس للخضوع لتحقيق مع سلطات الاحتلال، وهو ما رفضته. وفي حوادث أخرى، اتُهم «لأجلكم» بالترويج للإرهاب كون مقدمته تحدثت في إحدى الحلقات مع ابن أحد الأسرى، ويبلغ من العمر سبع سنوات، ووصفت الاحتلال بالعدو، وتارة أخرى بالوحش في حديثها مع طفلة في الثامنة، وهي تصف تعامل سلطات الاحتلال مع أهالي الجنود، وبخاصة الأطفال والنساء. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، هاجم، أخيراً تلفزيون فلسطين، مطالباً السلطة الفلسطينية بإدانة ما بثه في برنامج قال إنه يمجد منفذ عملية ايتمار. وأضاف: «صُوّر الفلسطينيون الذين نفذوا العملية كأنهم أبطال. لذا أطالب بإدانة فورية لبث البرنامج، فالطريق الوحيد للمضي قدماً تكون بعملية السلام وإعداد الشعبين للسلام وليس للإرهاب». وكان تلفزيون فلسطين استقبل مكالمة هاتفية من والدة حكيم عواد، منفذ ما بات يعرف باسم «عملية ايتمار»، وهي مستوطنة قرب نابلس، اقتحمها عواد وقتل خمسة مستوطنين من أسرة واحدة. وفي الاتصال أشادت والدة عواد ببطولته، وقالت: «حكيم بطل أسطوري». وقال المدير العام للبرامج في تلفزيون فلسطين عماد الأصفر ل «الحياة»: «ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول برنامج الأسرى، يهدف إلى التغطية على الجرائم الإسرائيلية وبخاصة بحق الأسرى. فمع كل لقاء أو محاولة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يشدد الجانب الإسرائيلي حملته ضد الإعلام الفلسطيني، ويبحث عن أي مبرر لوصفه بالإرهاب، ويركز عادة على برامج الأسرى». وأضاف الأصفر: «برامج الأسرى مخصصة لأغراض التواصل الإنساني بين الأسرى وذويهم وبخاصة الممنوعين من الزيارة. ثم إن الاتصال الذي ورد من الأم جاء بكل عفوية وتلقائية، وهو لا يعبر عن أي رأي أو موقف رسمي للتلفزيون أو السلطة الفلسطينية». اعتذار؟ ونفى الأصفر أن تكون التصريحات التي تكررت عبر نشرات الأخبار الفلسطينية تبريراً لما حدث، واعتذاراً عنه، وقال: «هذا ما حصل بالفعل... ليس في الأمر أي تبرير، ولا اعتذار، فالأهل عبروا عن مشاعرهم بتلقائية، ومذيعة البرنامج مارست عملها بكل مهنية»، مشدداً على أنه لم يتخذ أي إجراء بحق القائمين على برنامج «لأجلكم» أو العاملين فيه، ولم يتلقوا أية تعليمات خاصة بعد اتهامات نتانياهو، «بخاصة أن القائمين على البرنامج كانوا ولا يزالون يواصلون عملهم بمهنية، لينقلوا رسائل ذوي الأسرى الذين يحول الاحتلال دون تواصلهم مع أبنائهم إلى هؤلاء الأبناء القابعين في سجون الاحتلال. علينا أن نشكر القائمين على هذه البرامج لدورهم الوطني في قضية تهم كل الفلسطينيين، ألا وهي قضية الأسرى». وعن اتهام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التلفزيون، بمنع زوجة الأسير عاهد غلمة، الأسير في سجون الاحتلال منذ سنوات بتهمة اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي السابق رحبعام زئيفي، من التواصل معه عبر برنامج الأسرى، أكد الأصفر، أن ثمة لبساً في الموضوع، و «المقصود في الحديث كان الإذاعة وليس التلفزيون، والأمر لم يكن مقصوداً، وتجاوزناه بسهولة، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بتصريحات نتانياهو الأخيرة حول تلفزيون فلسطين». وشدد الأصفر، على أن الأوساط الرسمية الإسرائيلية دأبت على اختلاق وتضخيم الأحداث بهدف التغطية على الانتهاكات والممارسات العنصرية والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، كشفت أخيراً، أن الحكومة الإسرائيلية باتت تعتمد على تقارير مؤسسات إعلامية تابعة لليمين المتطرف في إسرائيل والولاياتالمتحدة، بخصوص ما تسميه «التحريض في الإعلام الفلسطيني والعربي»، بخاصة بعدما أوقفت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) مراقبتها للمعلومات العلنية، بسبب تقليص موازنة الدفاع والأمن القومي في إسرائيل. الصحيفة الإسرائيلية ذكرت أيضاً أن نقص المراقبة الناتج من ذلك عُوّض من خلال جهتَيْن رئيسيتَيْن، الأولى هي معهد «ميمري»، ومنظمة «نظرة على الإعلام الفلسطيني»، وكلاهما يعمل في الولاياتالمتحدة وإسرائيل، ومقرب من دوائر الصهيونية العالمية واليمين الإسرائيلي. فمثلاً، يترأس منظمة «نظرة على الإعلام الفلسطيني» إيتمار ماركوس الذي شغل حتى فترة قريبة منصب نائب رئيس «الصندوق المركزي لإسرائيل»، وهي جمعية مقرها نيويورك، وتدعم الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة مادياً في شكل مباشر.