وصل وفد من «منظمة المؤتمر الإسلامي» برئاسة مدير عام المنظمة مهدي فتح الله إلى بغداد امس في زيارة تهدف إلى تفعيل «وثيقة مكة» للمصالحة الوطنية وتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسيين في العراق. إلى ذلك اعلن «التيار الصدري» انطلاق الاستفتاء الشعبي العام بخصوص مشروع «ميثاق الشرف الوطني» الذي دعا إليه زعيمه مقتدى الصدر. ويعقد وفد «المؤتمر الإسلامي» سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع عدد من المسؤولين العراقيين للاتفاق على عقد مؤتمر يتم من خلاله تفعيل اتفاقية مكة. وأكد مصدر في وزارة الخارجية العراقية ل «الحياة» أن «المنظمة تسعى جاهدة منذ أسابيع لعقد مؤتمر ثان يكون مكملاً لمؤتمر مكة، وتريد إقناع الحكومة والأطراف العراقيين بهذه الفكرة». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «المنظمة اقترحت تقديم قرض بمبلغ 500 مليون دولار لدعم بنود اتفاق مكة في المجالات الثقافية والفكرية والاقتصادية»، مشيراً إلى أن «الحكومة العراقية تعطي الأولوية للمؤتمر الوطني الذي يجري الإعداد له وترى انه سيغني عن أي مؤتمر آخر». وتابع أن «الموقف الرسمي للحكومة العراقية يعتبر أن المصالحة الوطنية تحققت وأغلق ملفها مع نهاية العام الماضي، وبالتالي فإن المؤتمر الذي تسعى إلى عقده منظمة المؤتمر الإسلامي، إذا تم الاتفاق عليه، يجب أن يكون تحت مسمى آخر غير المصالحة». وأبدى رئيس «لجنة المصالحة» البرلمانية قيس الشذر في اتصال مع «الحياة» ترحيبه بفكرة عقد مؤتمر متمم لمؤتمر مكة، وقال «يجب أن يكون المؤتمر بتنظيم عراقي هذه المرة وبمشاركة ورعاية المنظمة». وأضاف أن «المصالحة الوطنية في العراق خطت خطوات كبيرة في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية، وهناك العديد من الجماعات المسلحة أعلنت إلقاء السلاح وباشرت بدخول العملية السياسية، وكان هناك نية لإغلاق هذا الملف نهاية العام الماضي». وأردف «لكننا نعتقد أن هناك أطرافاً آخرين لم يتم الحوار معهم. ومشروع المصالحة في نهايته لكنه لم يكتمل». ورفض الشذر فكرة أن يكون «المؤتمر الوطني» بديلاً من المؤتمر الذي اقترحته المنظمة الإسلامية وقال «المؤتمر الوطني سيقتصر على الأحزاب والكتل الموجودة في السلطة وهناك العديد من الأطراف والأحزاب والجماعات في حاجة للحوار بعد انتهاء الاحتلال الذي استمر قرابة التسعة أعوام». وقال ممثل «المؤتمر الإسلامي» في العراق حامد التني إن وفد المنظمة يضم المدير العام للشؤون السياسية مهدي فتح الله وعدداً من الأعضاء، موضحاً انه يحمل رسالة من الأمين العام اكمل الدين إحسان أوغلو إلى رئيس الوزراء نوري المالكي حول تفعيل اتفاقية مكة للمصالحة الوطنية، ومشيراً إلى أن الهدف من الزيارة تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين العراقيين. وكان التني كشف بعد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي عزم المنظمة على إرسال وفد لبحث مضامين عقد مؤتمر جديد يعد استكمالاً لمؤتمر مكة الذي رعته المنظمة وتمخض عنه إصدار «وثيقة مكة»، غير أن النجيفي ربط انعقاد المؤتمر بانتفاء الحاجة للمؤتمر الوطني المزمع لحل الأزمة السياسية في البلاد. وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان همام حمودي اعلن خلال اجتماعه مع التني قرب انعقاد الجلسات التحضيرية لمؤتمر «تفعيل وثيقة مكة» التي وقعها علماء العراق من سنة وشيعة في جدة العام 2006 والتي تمثل الضمان لعدم عودة العنف الطائفي، وأن اللجنة التحضيرية تعمل بجد لإنهاء جلساتها التحضيرية للمؤتمر الذي سيدعى إليه علماء دين عراقيون. وتتضمن وثيقة تحريم الدم العراقي ونبذ الطائفية ووقف أعمال العنف بكل أشكالها وتوزيع الثروات للعراقيين في شكل يحقق العدالة الاجتماعية. وأعلن الناطق الرسمي باسم «التيار الصدري» الشيخ صلاح العبيدي امس انطلاق الاستفتاء الشعبي العام بخصوص مشروع ميثاق الشرف الوطني في كل محافظات العراق، بما في ذلك محافظات إقليم كردستان. وقال العبيدي في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه إن «الاستفتاء يأتي كخطوة ثانية بعد توقيع الميثاق من قبل عدد كبير من مختلف شرائح المجتمع السياسية والعشائرية والأكاديمية والعلمائية والعلمية». وأوضح أن «الخط الصدري مستمر في طرح المبادرات الواحدة تلو الأخرى في سبيل الوصول بالبلاد إلى بر الأمان، لا سيما بعد خروج قوات الاحتلال، والتوجه نحو البناء والأعمار في كل الميادين لإصلاح ما خربه النظام البعثي وقوى الاحتلال». وتابع العبيدي أن «التيار الصدري، بعدما أثمرت المقاومة العسكرية للمحتل وانتهت مرحلة السلاح، سيعمل خلال الفترة المقبلة لتفعيل ميثاق الشرف الوطني كخريطة طريق لبناء الوطن ورعاية أبناء الشعب الجريح من خلال أذرعه السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية».