قررت واشنطن إيفاد رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي إلى القاهرة نهاية الأسبوع، بعد تدهور العلاقات بين الجانبين على خلفية إحالة مصر 19 مسؤولاً أميركياً في منظمات غير حكومية على المحاكمة الجنائية بتهمة العمل من دون ترخيص و «ممارسة نشاطات سياسية بطرق غير مشروعة». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ضابط أميركي رفيع، أن الجنرال دمبسي «سيزور مصر في نهاية الأسبوع»، مشيرة إلى أن هذه الزيارة «مقررة منذ فترة طويلة». وإضافة إلى لقاء مع نظيره المصري الفريق سامي عنان، سيلتقي دمبسي رئيس المجلس العسكري الحاكم وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي. وكان ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي البارزين حذروا القاهرة من مغبة القطيعة بين البلدين، معتبرين أن «الأزمة الحالية مع الحكومة المصرية بلغت مستوى بات يهدد صداقتنا المستمرة منذ زمن بعيد». ونبه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إلى أن المساعدة العسكرية البالغة 1.3 بليون دولار ستعلق في حال الحكم بالسجن على الناشطين. وقال: «اذا صدر حكم بالسجن على أي منهم أعتقد أن العواقب ستخرج عن السيطرة». واعتبر غراهام لدى سؤاله عما اذا كان ذلك يعني وقف المساعدة الأميركية إلى مصر، أن «ذلك محتمل في شكل كبير». وأضاف أن «الخط الأحمر بالنسبة إليّ هو السجن. إذا اعتقل أي أميركي أو ناشط في منظمة غير حكومية سواء قبل المحاكمة أو بعدها، فهذا في رأيي إجراء غير متناسب». وصعدت القاهرة أمس، من جهتها، إذ رد رئيس الحكومة كمال الجنزوري على التلويح الأميركي بالنظر في خفض المعونة بتأكيد أن بلاده «لن تغير موقفها من القضية من أجل المساعدات». وأكد في مؤتمر صحافي أمس، أن «القضية تخضع لأحكام القضاء»، متهماً المنظمات ب «انتهاك القوانين المصرية بما في ذلك عدم التسجيل وتلقّي أموال أجنبية بطريقة غير قانونية». وشدد على أن «مصر ستطبق القانون في قضية المنظمات غير الحكومية ولن تتراجع بسبب المساعدات أو غير ذلك من الأسباب». وبالتزامن مع تصريحات الجنزوري، عقد قاضيا التحقيق في القضية مؤتمراً صحافياً رفضا فيه «تسييس القضية»، وأبديا امتعاضاً من «تدخلات خارجية وداخلية». واتهما المنظمات رسمياً ب «ممارسة نشاطات سياسية بطرق غير مشروعة». وأشارا إلى أن القضية «تضم مئات الأشخاص والمنظمات والكيانات المصرية والأجنبية، وما تم إعلانه هو جزء من القضية». وأوضح القاضي سامح أبو زيد أنه «تم كشف سرية حسابات العديد من المنظمات والأشخاص الذين توافرت دلائل كافية على ارتكابهم جرائم». ودافع عن اقتحام مقرات المنظمات، قائلاً ان «أمر التفتيش من اختصاص سلطات المحقق أياً كان، سواء قاضي التحقيق أو عضو النيابة العامة». وأضاف أن المنظمات التي طالها التفتيش «ثبت في ذلك الوقت ارتكابها لجرائم تلقي تمويلات أجنبية بطريقة غير مشروعة... وقرارانا بتفتيش هذه المنظمات تم لمصلحة التحقيق وبهدف كشف الحقيقة كاملة حتى لا يدان بريء أو يفلت مجرم من العقاب». وأشار إلى أن «التفتيش أسفر عن ضبط العديد من المستندات والأوراق الخاصة بممارسة النشاط في مصر والتي تثبت تلقي التمويل الاجنبي من الخارج على نحو غير مشروع بطرق مختلفة وغير مفصح عنها للسلطات المختصة». وعزا حظر سفر عدد من المتهمين الأجانب المشمولين بالتحقيقات إلى «انه عند استدعاء أحد المتهمين من الأجانب العاملين في هذه المنظمات محل التحقيق تبين مغادرته البلاد وقدم محاموه تذاكر سفر ولم يتسن التأكد من السفر من عدمه». وأوضح أنه «وصل إلى قضاة التحقيق في قضية التمويل الأجنبي يوم 23 كانون الثاني (يناير) الماضي خطاب من سفيرة الولاياتالمتحدة لدى القاهرة آن باترسون تضمن طلب رفع اي قيود على سفر المتهمين الاميركيين في القضية، وهو ما رفضه قضاة التحقيق»، مشيراً إلى أن «هذه المخاطبة لا تجوز قانوناً لقاضي تحقيق او محكمة مصرية من سفير دولة اجنبية، لأنه ليس للسيدة السفيرة صفة رسمية في القضية، كما أنه لا تجوز مخاطبتنا مباشرة من سفير دولة اجنبية في مصر». وأوضح أن «القضية تم البدء فيها منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهي كبيرة ومتشعبة جداً تشمل مئات الاشخاص والمنظمات والكيانات المصرية والأجنبية، ومن ثم، فإن مواقف المتهمين والمنظمات فيها مختلفة وليس هناك تشابهاً في جميع المواقف، وعند الانتهاء من أي جزء في هذه التحقيقات سيتم إعلانه حسب القانون». من جانبه، رد محامي المنظمات المتهمة الناشط الحقوقي نجاد البرعي على تصريحات قضاة التحقيق، بالقول إنهم «لم يقدموا أي دليل اتهام». وأضاف ل «الحياة» أن «القضية الآن في حوزة القضاء المصري وهو الذي يحدد ما إذا كانت تلك المنظمات مدانة أم غير ذلك».