بتاريخ 5/2/2012 طالعنا السيد حازم الأمين في جريدة «الحياة» بمقال يفتقر إلى الحد الأدنى من التحقيق والتحليل الموضوعيين، فهو يقول إن الحملة على المغنية لارا فابيان «تولتها جماعةٌ تشعر بالضيق حيال عجزها عن الاندراج الفعلي في حركة التغيير التي تعصف بالمنطقة، إذ بدت الحملة محاولة تعويض واستنهاض لهمم قديمة لا مكان لها في منظومة القيم الجديدة». الواقع أن القول بأن عمل مقاطعة إسرائيل يسير بعكس حركة التغيير في الدول العربية، يُغفل أن النضال من أجل التحرر من الاستبداد المحلي لا يمكن أن يتناقض مع النضال من أجل التحرير الوطني من الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، فمقاومة الظلم كلٌّ لا يتجزأ. أما «القيم الجديدة»، فهي بالتأكيد ليست من الأمور التي ترحب بها حملتنا إن جاءت على حساب إنسانيتنا وحريتنا وسيادتنا الوطنية. والحق أن حازم الأمين هو الذي قد يخرج عن «القيم الجديدة» التي تنادي بها عشرات الألوف من البشر في العالم، نقابيين وأكاديميين وفنانين وأطباء وحقوقيين وكنسيين، يؤيدون مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. ومن أبرز المؤيدين: رئيس أساقفة جنوب أفريقيا دزموند توتو، وألفيس كوستيللو (المغني وعازف الغيتار الفائز خمس مرات بجائزة غرامي البريطانية)، وروجر واترز (من فرقة البينك فلويد)، والمغنية البلجيكية ناتاشا أطلس، وبونو (من فرقة يوتو)، وعازف الكمان البريطاني نايدجل كنيدي، والروائي الجنوب أفريقي أندريه برينك، والمخرج والناقد السينمائي الفرنسي-السويسري جان لوك غودار، والكاتب البريطاني إيان بانكس، والكاتبة الأميركية الشهيرة أليس واكر، والناقد الفني الإنكليزي جون برغر، ونقابة CUPE (أكبر نقابة عمال في مقاطعة أونتاريو-كندا)، واتحاد NATFHE (أكبر اتحاد لأساتذة الجامعات في بريطانيا)... أخيراً، جاء اتهام «الأمين» لحملتنا بالعنصرية قمةً في اللاأمانة الصحافية وتشويه المواقف المعلنة، فحملتنا قامت، أولاً وأساساً، على الرد على عنصرية إسرائيل باستلهام قيم الحقوق والمثل والمبادئ الإنسانية، بعيداً من أي عداء مستند إلى الطائفية والهوياتية الضيقة. ولعل ما ساق حازم الأمين إلى اتهامه هذا، هو محاولته الإيهام ب «الموضوعية» عبر مقارنة عمل حملتنا ببرنامج عنصري فعلاً ضد الشعب الفلسطيني في لبنان بثته محطة أم. تي. في. أما بيسان الشيخ (الحياة 3/2/2012)، فحاولت عقد مقارنة عبثية بين مقاطعتنا لفابيان وعدم مقاطعتنا للفنانة اللبنانية جوليا بطرس، التي غنت -في زعم الشيخ- أغنية «أطلق نيرانك لا ترحم» للجيش السوري. والشيخ هنا تتجاهل أمرين: الأول، أن حملتنا تهدف إلى مقاطعة داعمي «إسرائيل» حصراً، من دون أن تصادر حق أحد في مقاطعةِ من يشاء وفي تشكيل الحملات التي يشاء. والثاني، أن المكتب الإعلامي لجوليا نفى نفياً قاطعاً أن تكون الأغنية «إهداءً خاصاً من جوليا بطرس دعماً للنظام السوري». الأهم أن معلومات بيسان الشيخ تتجاهل أسباباً أساسية لمقاطعتنا لفابيان، ففابيان لم تكتفِ بأن قالت (بالعبرية) «أنا أحبكِ يا إسرائيل» (ولم يكن ذلك في تل أبيب كما زعمت الشيخ بالمناسبة)، بل قالت ذلك في باريس (تروكاديرو) في 25/5/2008، وتحديداً ضمن الاحتفال الستيني بذكرى «استقلال إسرائيل». وهذه المعلومة (الغناء في الذكرى الأليمة وفي مهرجان من تنظيم إسرائيلي رسمي!) أغفلتها الصحافية عمداً على الأرجح، وأغفلت أيضاً معلومتين مهمتين أخريين: الأولى، أن الأغنية المذكورة ليست أغنية عادية، بل تستند إلى قصيدة «شجرة الكينا» للشاعرة الصهيونية نعومي شيمر، وهي قصيدة تمجد خمسين عاماً من الاستيطان الصهيوني (1913-1963). والثانية، أن فابيان شاركت في احتفال نظمته منظمةٌ صهيونية بلجيكية (سيركل بن غوريون) العام الماضي (2011) وتلقت جائزة «نجمة داود الذهبية». وأخيراً، فإن الشيخ تخلط بين موقف حملتنا وبين رأي أحد النقاد الذين اعتبروا فنها «هابطاً»، في حين أن الحملة لم تتناول فن فابيان ولا صوتها من قريب أو بعيد. إن حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان، إذ ترحب بكل نقد، تناشد الصحافيين والإعلاميين الاتصال بها لاستيضاح ما قد يلتبس عليهم من أمور، حرصاً على الحقيقة الموضوعية التي تشكل أحد أهم أسلحتنا في مقاومة العدو الصهيوني. * ناشطة في حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان