تلقى محبي المغنية البلجيكية لارا فابيان خبر عزوفها عن تقديم حفلتين غنائيتين في لبنان بحزن. إلا أن هذا الحزن قابلته فرحة كبيرة لدى الناشطين الذين نظموا حملة لمقاطعة حفلتي فابيان إحتجاجاً على موقفها الداعم لإسرائيل. الناشطون في حملة مقاطعة إسرائيل في لبنان، وحملة الBDS العالميّة، نجحوا في إجبار المغنيّة الفرنسيّة على إلغاء حفلتيها في «كازينو لبنان»، اللتين كانتا مقررتين في 14 و15 شباط (فبراير) المقبل لمناسبة عيد الحبّ. وكان الناشطون توجهوا برسالة مكتوبة إلى فابيان، لإعلان عدم ترحيبهم بزيارة مغنيةٍ غنت في "العيد 60" لتأسيس دولة إسرائيل في فرنسا، وأعلنت في نهاية الحفل حبها لإسرائيل. الحملة التي نظمها الناشطون، شملت أيضاً اجتماعاتٍ مع أصحاب الشأن في "كازينو لبنان"، ومع عدد من المسؤولين في وزارتي الثقافة والإقتصاد، لإقناعهم بعدم السماح لفابيان بالغناء في لبنان. يذكر أن القيمين على الحملة، حاولوا منذ مدة قصيرة، منع منسق الأغاني العالمي "آرمين فان بيورن" من تقديم حفلةٍ في بيروت، وذلك بسبب تقديمه حفلةً قبلها في تل أبيب. وعبر صفحتها الرسميّة على فايسبوك، توجّهت فابيان ب«رسالة حبّ» إلى أصدقائها اللبنانيين، كما سمّتهم. وبلغة حزينة، أعلنت أنّها لن «تغنّي تحت التهديد». وأضافت: «وحدها الموسيقى يمكنها أن تمحو الاختلافات». ورداً على رسالتها، قال الناشط في الحملة اللبنانية لمقاطعة مؤيدي إسرائيل أسعد غصوب "لا يمكن إلا أن نكون فرحين لهذا التراجع، وعليها تحمل مسؤولية أفعالها وأقوالها". وأضاف "لا يمكن أن تعلن محبتها لإسرائيل وأن تتوقع من أنها مرحب بها في لبنان". لمحة تاريخية عن جدول المقاطعة ويندرج هذا النوع من المقاطعة في إطار المقاطعة الثقافية لكل من يتعاون مع إسرائيل على المستوى الثقافي، وذلك لممارسة كافة أنواع الضغط على اسرئيل لتجريدها من شرعيتها و تسليط الضوء على سياستها العدوانية والعنصرية. فعلى سبيل المثال لم تقتصر حركة التحرر في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري على العصيان المدني، والتظاهرات، والحركات السلمية، بل ترافقت مع حركات مسلحة وعسكرية سعت إلى محاصرة النظام من الداخل، في حين كان يجري العمل على محاصرته من الخارج عبر تجييش العالم لمقاطعة النظام اقتصادياً وثقافياً وسياسياً. أطلق النداء الأول لمقاطعة البضائع الجنوب أفريقية في العام 1959، وبدأت تلبيته من خلال حركات رمزية تمثلت بامتناع عمال المرافئ في بعض المدن الأوروبية عن إفراغ البضائع تضامناً مع حركة التحرر في جنوب أفريقيا... تحركات رمزية تحولت إلى مقاطعة دولية بدأت تتفاعل في مطلع السبعينيات، ما أثّر على الاقتصاد في جنوب أفريقيا، وبدأ بتكبيده خسائر فادحة. إلى جانب المقاطعة الاقتصادية، أطلقت المقاطعة الرياضية والأكاديمية، ففي 1964 سحبت اللجنة الأولمبية ترشيحها جنوب أفريقيا لاستضافة الحدث العالمي، بعد رفض النظام القبول بأن يكون الفريق الممثل للبلاد مختلطا عرقياً. أما على الصعيد الأكاديمي فقد أقدم أكثر من 496 أستاذاً جامعياً من أكثر من 34 جامعة في بريطانيا في العام 1965 على توقيع عريضة تقاطع التعاون الأكاديمي مع جنوب أفريقيا تنديداً بنظام الفصل العنصري. أشكال المقاطعة كافة ساهمت بانتزاع شرعية النظام ومحاصرته وتشويه سمعته، وساهمت بعد عشرات السنوات بزعزعته، حتى سقط في العام 1993. إن التجربة الجنوب أفريقية، لا يمكن إلا أن تكون برهاناً على فعالية المقاطعة في إسقاط أي نظام يعتمد الفصل العنصري، وفضح بشاعته أمام العالم.