ترتكز العقيدة السمحة على مبدأ الحب، يقين بهذا الحب لله ورسوله هو مفتاح أبواب طمأنينة الروح والعقل والجسد، ذكر في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، ونقش في ذاكرة الإنسانية، وربما في ما ورائيات الغيب والسماء، كمحور العلاقة بين الخالق والمخلوق، وارتكاز للأعمال والأقوال التعبدية والسلوكية الحياتية، فهو هنا نبع إيمان دائم. في السياسة لا بد من الاتكاء على حب، حب القائد لمواطنيه، الذي بالضرورة يقابله حبه لهم، الناس تعرف من الأقوال والأفعال أن قائدهم يحبهم، فتمنح الولاء، وتغذي الاستمرارية بهذا الحب، ومهما طال زمان الكراهية لا بد أن يثور الناس في وجه من يحبهم ادعاء، فلا يجتمع أن تحب شعبك، وتريق دماءهم، وتنتهك أعراضهم، ومن قبل تنتهك حقوقهم في المواطنة الكريمة والحياة الحرة الشريفة. في الاقتصاد غالباً ما ينجح ويستمر من يحب عمله، ومن يستثمر في وطنه وأهل بلده، ويصبح الحب مع الزمن محرك ولاء الناس لسلعته أو خدمته، وإذا أخفق في الحصول على محبتهم التي تلبس ثوب الإعجاب، يأفل وتأفل تجارته ولو بعد حين، وحتى لو ساعده احتكار أو استئثار لفترة من الزمن. اجتماعياً يكفي مبدأ «أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك» ليكون مبحثاً علمياً، وتطبيقاً عملياً يخرج المجتمعات إلى سُدَّة التقدم الإنساني الذي لا يمكن تحقيق تقدم في مناحي تروم إليها الأمم من دونه، ومعه يأتي مبدأ حب الحرية الشخصية المحترمة للحريات العامة، هذان المبدآن هما وقود التفوق الأول، وهما ما يأتي بالتفوق التقني والسلعي والخدماتي. في ملعب كرة القدم لا يبدع اللاعب إلا إذا أحب فريقه، ولا تنجح الإدارة إلا إذا أحبتها الجماهير، ولا يتفوق النادي إلا إذا أحب روح التفوق. انظر حولك، تأمل جيداً، مكان عملك ودرسك وسكنك، لن يقدم لك المراسل فنجان قهوة «مضبوطاً» إذا كان يكرهك، سيفعل مُكرَهاً، لكنك لن تجد نكهة في كوبك، ولن تنجح العلاقة بين عائلتك وسائقها، أو العاملة المنزلية إذا أبعد الجانب الإنساني، جانب الحب الذي تتكئ عليه البشرية، ويتكئ عليه الكون علِم من علم، وتجاهل من تجاهل. ربما تبدو الوردة بغصنها الغضِّ أضعفَ من أن تكون أداة اتكاء، تتعكز عليها، لكنها كفهوم حب، وكدليل حب أو عرفان تشكل روحاً ترتكز عليها أقوال وأفعال كثر، وبالمثل يمكن للحب نفسه من دون تعابيره وأدواته أن يفعل أكثر. هلا تفهَّم الديكتاتوريون، وهلّا حاول التفهم أكثر أصحاب المسؤولية، وما حولنا لبعض الأشقاء يشي بأنهم يتكئون على شوكة، رأسها المدبب دوماً موجهٌ إلى الضعفاء من شعوبهم الذين ملُّوا حالة اللا حب، ويثورون من أجله. [email protected] @mohamdalyami