أنا معلمة حديثة العهد بالتدريس، أعمل مدرِّسة للمرحلة الابتدائية. وكأي فتاة في بداية حياتها العملية أواجه بعض المشكلات مع بعض طالباتي اللاتي يبلغن سن السابعة والثامنة، والتي من أهمها الشتم، وعدم طاعتهن لأوامري.. فكيف أقوّم سلوكهنّ؟ بداية أشكرُ لكِ غيرتكِ وحرصكِ كمعلمة على أداء رسالتك السامية على أكمل وجه، وأوجّه حديثي في الإجابة ليس لكِ وحدكِ بل لكل أخواتكِ المعلمات، فدوركنّ لا يقتصر على نقل المعلومة إلى عقول الطالبات، بل يتعدى ذلك. فالمعلمُ مربٍّ، ويتلخّص دوره بإيجاد بيئة صحية راقية لحدوث عملية التعلّم، والبيئة تشمل البيئة الاجتماعية، والفيزيائية (من تفاعل، وحضور ذهني وشخصي للمعلم، وتوفر الوسائل حتى جودة التهوية... إلخ) حتى تنطلقي وتنجحي كمعلمة في تهيئة بيئة صفية جيدة للتعلّم، عليكِ أولاً تكوين شخصية واثقة جذابة ومحبوبة تصل إلى قلوب وعقول الطالبات، وهذا لا يكون إذا لم تقومي بزيارة أعماقكِ لتتعرفي على نقاط قوتكِ ومميزاتكِ وتستثمريها، وتعالجي سلبياتكِ ونقاط ضعفكِ، وتفهمي نفسكِ حتى تتمكني بعدها من فهم طالباتكِ وتلمّس حاجاتهن، ومعرفة خصائصهن العمرية والفردية، وبناء جسور المودة والألفة، فالحب والألفة شبهتهما هنا بالزيت اللازم لتشغيل الماكينة، أو الهواء في الفضاء، إن غاب انعدمت الحياة، وبالتالي لن تصل الأصوات. وتكوين الألفة مع طالباتكِ يمكن أن يكون عن طريق إجراءات صغيرة، كالأكل معهنّ، أو الحديث عن شيء مشترك، ولا تنسي أن تحاولي إضافة المتعة على الدرس، وكسر الرتابة والروتين، واحرصي على ربط المواضيع (الدروس) بالحياة والواقع وحاجات الطالبات ورغباتهن. فدائمًا أؤكد أن معايير نجاح أي لقاء تعليمي هي أولاً: تحقق الأهداف النابعة من الحاجة. ثانيًا: ملامسة الواقع. ثالثًا: الاستمتاع، فإذا ما تحققت هذه الأمور الثلاثة فقد حققتِ النجاح في درسكِ، وكوني على يقين أنك ستبدعين في مجالكِ، وستتمكنين من تقويم سلوك طالباتكِ، وسيصغين لكِ ويحترمنكِ.