لم يذرف الإسرائيليون دموعاً على رئيس حكومتهم المنصرف إلى بيته اليوم ايهود اولمرت الذي لم ينل ثقتهم باستثناء شهرين أو ثلاثة على حكمه الذي استمر 39 شهراً، بل يبدو أن غالبيتهم تودع رئيس الحكومة الحادي عشر في تاريخ دولتهم بدعاء توراتي «تبارك الله الذي أعفانا»، أو بلغة الناس العاديين «وداعاً، وليس إلى اللقاء». ويغادر اولمرت الذي اضطره الرأي العام إلى الاستقالة بعد توجيه لوائح اتهام ضده في عدد من ملفات الفساد بالرغم من أن المحاكم لم تبت فيها بعد، حاملاً لقب «رئيس الحكومة الأقل شعبية في تاريخ إسرائيل» الذي قضى سنوات حكمه الثلاث يدير معركة شرسة من أجل البقاء السياسي وكسب ثقة الإسرائيليين الذين لن ينسوا له أساساً فشل الحرب الثانية على لبنان في تحقيق الأهداف التي حددها عندما أطلق شارة الحرب. وتحت عنوان: «لا تتصل بنا... لا تتوقع ان نشتاق لك»، كتب معلق الشؤون الحزبية في صحيفة «معاريف» شالوم يروشالمي أمس مهاجماً «عجرفة اولمرت الذي نفخ صدره قبل أيام ليقول لنا كم هو قوي وكأنه أوجد الحرب بلا حدود على الإرهاب»، وقال إن اولمرت ينصرف إلى بيته مع حرب فاشلة في لبنان «كلفتنا عشرات كثيرة من القتلى، هذه الحرب التي وُلدت بسبب سطحيته وعجرفته واستمرت وسط لا مبالاة وعدم مثابرة كما جاء في تقرير فينوغراد... وهو ينهي مع حرب مثار جدل في غزة لم تأت بأي نتائج بل تعززت قوة حماس... فقذائف القسام لم تتوقف و (الجندي الأسير) غلعاد شاليت لم يعد، وإسرائيل أضحت بسبب هذه الحرب احدى أكثر الدول المكروهة في العالم». وتابع أن اولمرت ينصرف إلى بيته بعد أن كان «بطة عرجاء» خلال ولايته، «ينصرف إلى بيته مع ثلاثة ملفات جنائية... ينصرف من دون أي حمولة سياسية أو أخلاقية... إنه رجل تقريبا... تقريباً كاد يتوصل إلى انفراجة مع سورية، وتقريباً كاد يوقع على اتفاق مع رئيس السلطة الفلسطينية، وتقريباً إلى اتفاق لإعادة شاليت». وزاد أن اولمرت دهور المستوى الأخلاقي للدولة إلى الهاوية، ولذلك أطيح به رغماً عن أنفه. وتابع: «ينصرف اولمرت إلى بيته من دون أن يترك أي إرث... يترك فقط فضائح، فيما أسلافه يخلد ذكراهم... إنه أول رئيس حكومة ينصرف مع توصية بمحاكمته بالغش وخيانة الثقة... يغادر ولا يوجد أي سبب ليعود... لا دعم شعبياً وراءه، ولا اشتياق له». وختم: «إن من وعد لدى تسلمه منصبه بأن إسرائيل في عهده ستكون دولة يطيب العيش فيها، ينصرف في طريقه تاركاً شعوراً بأنه سيطيب لنا أكثر في هذه الدولة من دونه». من جانبه، تناول المعلق السياسي المخضرم في «هآرتس» عقيبا إلدار المفاوضات السياسية التي أجراها اولمرت مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن) التي لم تسفر شيئاً في اتجاه حل الصراع، ففند مزاعم اولمرت بأنه قدم للفلسطينيين اقتراحات أبعد بكثير مما قدم رئيس الحكومة السابق ايهود باراك في «كامب ديفيد» عام 2000، وقال إن هذه التصريحات «تقول عملياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد بنيامين نتانياهو إن عباس ليس شريكاً لعملية السلام». وأكد الكاتب أن اولمرت لم يجر في الواقع مفاوضات مع عباس إنما أجرى مجرد محادثات لم يتم تدوينها خشية أن تلزمه. وتابع أن مقترحات اولمرت الرافضة أي رمز فلسطيني سيادي في البلدة القديمة من القدسالمحتلة لن تلقى تجاوباً من أي زعيم فلسطيني، «وكان حرياً بأولمرت بعد ثلاث سنوات في الحكم أن يدرك أنه لن يجد زعيماً فلسطينياً يقبل بأقل من الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة مع تعديلات حدودية متبادلة». وختم قائلاً: «بعد اولمرت وقبل نتانياهو يبقى السؤال نفسه: هل يوجد للسلطة شريك إسرائيلي للسلام؟». لكن المحرر في «يديعوت أحرونوت» ايتان هابر نصح زملاءه الإعلاميين بعدم التسرع في إطلاق الأحكام على اولمرت وعهده، وقال إن الإسرائيليين لم يحسنوا صنعاً مع أي من زعمائهم في السابق بل حلا لهم أن يدوسوا بأقدامهم على بعضهم ويذلوه».