كابول - ا ف ب - يواجه آلاف الأفغان الذين هجروا بلداتهم هربا من عنف حركة طالبان وهجمات حلف شمال الأطلسي والذين وجدوا لهم ملجأ في مخيمات العاصمة كابول، عدوا جديدا.. هو البرد الذي يأتي قارسا بشكل استثنائي في فصل الشتاء هذا، فيقتل أطفالهم. ترك دل آغا مزارع من مقاطعة قندهار معقل حركة طالبان في الجنوب، أرضه قبل أربعة أعوام بعدما أدى قصف قوات حلف شمال الأطلسي إلى قتل عدد من القرويين. والأسبوع الماضي، توفيت ابنته البالغة من العمر ثلاثة أعوام. فيخبر من أمام منزله "كان البرد شديدا في تلك الليلة. عندما استيقظت كانت قد فارقت الحياة". ومنزله هو كناية عن حفرة في الأرض تحيط بها جدران من الطين ترتفع مترا واحدا وتعلوها بعض الأقمشة البالية وقطع ممزقة من الخيم التي تشكل سقف "المنزل". يعيش دل آغا في شراهي كامبر أحد مخيمات اللاجئين في كابول. هو يستهجن الحياة "القاسية جدا"، ويسر قائلا "أخشى على ولدي الثاني" وهو رضيع يبلغ بضعة أشهر، كان يسعل بالقرب منه. أما خير محمد البالغ من العمر 12 عاما، فقد هرب قبل أربع سنوات من جنوبأفغانستان. وكانت عائلته قد قررت الرحيل عندما اتهم عمه بالتجسس لصالح القوات الأجنبية، فتم شنقه بعد تعليقه على شجرة وبقر بالسكين. ويعاني محمد من عواصف ثلجية وهواء قارس تخترق كوخه منذ بضعة أسابيع، تضاف إليها درجات حرارة متدنية تصل إلى 16 درجة مئوية تحت الصفر خلال الليل. فيقول "منذ أن بدأ البرد، قضى أطفال كثر". يضيف "ندفنهم هناك"، مشيرا إلى هضبة صغيرة. وخلال الشهر الأخير، تم إحصاء "15 ضحية" سقطوا جراء البرد و"جميعهم تقريبا من الأطفال" في ثلاثة مخيمات للاجئين في كابول، بحسب ما يقول غلام ساخي كرغار نوروغلي وهو متحدث باسم وزارة الصحة. يضيف أن نصف أعداد الوفيات سجلت في مخيم شراهي كامبر. لكن، بعض سكان المخيم يشيرون إلى أن حصيلة الضحايا هي مرتين أكبر من ذلك. وكانت الحرب بين المتمردين الاسلاميين والقوات الموالية للحكومة المدعومة من قوات حلف شمال الأطلسي التي أطاحت بحكم حركة طالبان أواخر العام 2001، قد دفعت بنحو 447 ألف أفغاني إلى هجر منازلهم، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وخلال العام 2011 حصرا، اضطر 185 ألف شخص غالبيتهم من الجنوب، إلى ترك قراهم. ويسجل ذلك زيادة بنسبة 45% مقارنة مع العام الذي سبق، بحسب نادر فرهاد متحدث باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويعيش نحو 18 ألف شخص في مخيمات كابول ومحيطها. من بين هؤلاء، 1500 مهجر "مرتبط بالنزاع" في حين أن الآخرين تركوا منازلهم لأسباب إقتصادية، بحسب المصدر نفسه. إلى ذلك، يتألف ربع الشعب الأفعاني من لاجئين كانوا منفيين سابقين في كل من باكستان وإيران وقد عادوا إلى البلاد بعد التدخل العسكري الغربي. وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي أغرقت البلاد منذ سقوط نظام طالبان، إلا أن أفغانستان تبقى أحد البدان اأشد فقرا في العالم. وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، كان بيتر نيكولاوس رئيس المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العاملة في أفغانستان، قد صرح لوكالة فرانس برس قائلا "أخطأنا.. هو الخطأ الأكبر الذي ارتكبته المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تاريخها". وذلك في ما يتعلق باستراتيجية منظمته التي لم تول أهمية للمجالات المهنية الواجب توفيرها للاجئين، فحكمت عليهم بالبؤس. في العام 2009، كانت أفغانستان تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد تشاد، في ما يتعلق بنسبة الوفيات الأكبر بين الأطفال دون الخامسة من عمرهم، بحسب منظمة الأممالمتحدة للطفولة. وقد قدرت "اليونيسف" هذه النسبة في العام 2009 ب199 وفاة لكل ألف طفل دون الخامسة. فكان طفل واحد من بين خمسة أطفال يقضي قبل بلوغه الخامسة من عمره. وبحسب وزارة الصحة التي ترتكز على دراسة حديثة، فإن هذه النسبة انخفضت إلى النصف تقريبا، لتسجل 97 وفاة لكل ألف طفل في العام 2011. وبالتالي، فإن طفلا واحدا من بين عشرة أطفال يقضي في أفغانستان قبل بلوغه الخامسة من عمره.