الرياض، انقرة، موسكو - «الحياة»، ا ف ب، رويترز - بعد يوم على اعلان دول مجلس التعاون الخليجي طرد سفراء سورية من عواصمها، أعلنت هذه الدول امس الغاء اجتماع وزراء خارجيتها الذي كان يفترض عقده في الرياض يوم الأحد المقبل، واكتفت باجتماع وزراء خارجية العرب الذي يعقد في مقر الجامعة العربية في اليوم نفسه. وقالت مصادر خليجية ل «الحياة» أن من المتوقع أن تصدر قرارات جديدة خاصة بسورية وأن الدول العربية قد تتخذ الخطوة الخليجية نفسها بطرد سفراء النظام السوري. وفي الوقت الذي أمهلت فيه الكويت السفير السوري لديها أياماً لمغادرة البلاد بعد القرار الخليجي، قال مساعد وزير الخارجية السعودي الأمير خالد بن سعود بن خالد ل «الحياة» إن «قرار المملكة في شأن مغادرة سفير دمشق في الرياض كان واضحاً، وتم إبلاغه بمغادرة الأراضي السعودية» فوراً. وأكد المسؤول السعودي إنه كان يفترض أن يغادر السفير السوري في أقرب رحلة إلى بلاده، بعد صدور البيان الرسمي الذي دعاه إلى مغادرة المملكة. ويذكر أن السعودية سبق ان سحبت سفيرها من دمشق بعد خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 7 آب (أغسطس) الماضي. وقال مصدر ديبلوماسي عربي في القاهرة ل»الحياة» إن اجتماع وزراء الخارجية سيستعرض تقريراً للأمين العام للجامعة نبيل العربي حول الموقف بعد الفيتو الروسي - الصيني في مجلس الأمن. وقال إن العربي سيقترح العودة مجدداً إلى مجلس الأمن بخطة جديدة لتلافي المعارضة داخل المجلس، بما في ذلك استئناف المشاورات مع كل من موسكو وبكين. وأشار إلى أن القرارات المنتظرة من الاجتماع الوزاري تتجه إلى إلغاء بعثة المراقبين في سورية بعد أن باتت بلا جدوى، وتفعيل قرار العقوبات الاقتصادية والتجارية بما لا يمس الشعب السوري، إضافة إلى بحث اقتراح خليجي بسحب السفراء العرب من دمشق وطرد سفراء سورية والاعتراف ب «المجلس الوطني السوري». ولفت المصدر إلى ان هذا القرار قد يصطدم بعدد من الدول العربية وقد تحل معضلته بإضافة توصية تنص على ألا يتعارض مع السيادة الوطنية لكل دولة. ونفت الجامعة ما تردد في وسائل اعلامية سورية انها قررت سحب مراقبيها من سورية. واكد نائب رئيس غرفة عمليات بعثة المراقبين السفير علي جاروش أن الامانة العامة لم توجه بسحب بعثتها من دمشق، وإن غرفة العمليات في دمشق التابعة للبعثة ما زالت تعمل كما ان ادارة الفريق على ما هي عليه، وأن كل ما في الامر ان الامين العام الذي أوقف نشاط البعثة نظراً للاعتبارات التي أوضحها في حينه منح أعضاءها اجازة لزيارة أوطانهم وأسرهم ريثما يتحدد عمل البعثة في ضوء قرار الوزراء العرب الاحد المقبل. وعلى صعيد التحرك الدولي بدأت تتبلور صيغة المبادرة التركية التي كان رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان اعلنها عشية زيارة وزير خارجيته احمد داود اوغلو الى واشنطن والتي بدأت امس. ووصف داود اوغلو هذه المبادرة بأنها «منتدى على اساس واسع من اجل توافق دولي» بين الدول التي يقلقها الوضع في سورية. واوضح ان هذا المؤتمر قد يعقد في تركيا او بلد آخر لكن يجب ان يكون «في المنطقة» و»في اقرب فرصة». وقال «نأمل بان لا تتحول سورية التي تقع في قلب الشرق الاوسط الى كوريا شمالية اخرى». وترافق هذا الموقف التركي مع انتقال تركيز اميركا على مجموعة «أصدقاء سورية» بمشاركة أوروبية واقليمية فاعلة، ويتوقع أن تفسح هذه الخطوة الطريق أمام تشديد العقوبات على النظام السوري وتسهيل المساعدات الانسانية والسياسية للمعارضة، كما تفتح الباب أمام خيارات أخرى اذا فشلت الخيارات السلمية. وأكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل «الحياة» أن هناك اقبالاً دولياً واسعاً على المشاركة في «مجموعة اصدقاء سورية»، وأن الاقتراح التركي لعقد مؤتمر في اسطنبول هو مؤشر على ادراك دولي لضرورة «التحرك» مع استمرار أعمال القتل في سورية وفشل مساعي الأممالمتحدة. وأكد أن العقوبات ستكون جزءا هاما من عمل المجموعة الى جانب مساعدة المعارضة سياسيا وتقديم مساعدات انسانية للشعب السوري. واذ لفت الى أن الخيارات العسكرية ليست «مرغوبة لدى أحد اليوم» وأن «الهدف هو وقف العنف» لفت الى أنه «لن يتم شطب أي خيار»، وخصوصا في حال فشل الأدوات الديبلوماسية في حل الأزمة. في هذا الوقت اعلنت موسكو ان اتصالاً هاتفياً تم امس بين الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف واردوغان. ونقلت عن ميدفيديف قوله انه يريد ان يتواصل البحث عن حل للازمة السورية بما في ذلك داخل مجلس الامن. واضاف ان ذلك يجب ان يحدث «من دون تدخل خارجي، وباحترام تام لسيادة سورية». وقال مكتب اردوغان انه اكد على ضرورة ان تتعاون تركيا وروسيا من اجل اعادة الاستقرار والسلام الى روسيا. واضاف ان الرجلين اتفقا على عقد لقاء بين وزيري خارجيتهما من اجل التشاور. كما دعا الرئيس مدفيديف شركاء روسيا الى تجنب اتخاذ «تدابير احادية متسرعة» لحل الازمة في سورية، خصوصا في مجلس الامن الدولي، في اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال الكرملين في بيان انه «في اطار مواصلة العمل الصعب، وخصوصا في مجلس الامن الدولي، لحل الازمة في سورية، دعا ديمتري مدفيديف مختلف الشركاء الى تجنب اتخاذ تدابير احادية متسرعة». وشككت مصادر غربية في مجلس الأمن في صدقية الطروحات الروسية التي أطلقها وزير الخارجية سيرغي لافروف في دمشق معتبرة أن «وعود الرئيس السوري بشار الأسد الفارغة بالإصلاح تتعارض بشكل صارخ مع سحق القوات الحكومية التظاهرات السلمية وقصف المدنيين في حمص». وقال دانيال شابرد الناطقة باسم البعثة البريطانية في نيويورك «إننا نحكم على النظام السوري هو من خلال أفعاله وليس أقواله». وعن تقويم لندن للطروحات التي أطلقها لافروف في دمشق، قال إن الحديث عن «اعتزام الأسد إجراء استفتاء وإعلانه الاستعداد للخوض في حوار سياسي يتعارض بشكل صارخ مع سحق التظاهرات السلمية في حمص ومع وعوده الفارغة بالإصلاح». واستمرت الاستعدادات في نيويورك للانتقال الى الجمعية العامة بعدما أجهض الفيتو الروسي - الصيني تبني مجلس الأمن مشروع القرار المتعلق بسورية. وتتواصل المشاورات حول إمكان انعقاد الجمعية العامة تحت شعار «متحدون من أجل السلام» لاستصدار القرار الذي أجهضته روسيا والصين في مجلس الأمن الذي يدعم خطة جامعة الدول العربية للعملية الانتقالية وكامل المبادرة العربية في الشأن السوري، فضلاً عن الطلب من مجلس الأمن إحالة الوضع في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية.