اتهم القضاء المصري أمس جمعيات أهلية ناشطة بعضها أميركي بممارسة نشاطات سياسية بطرائق غير مشروعة في البلاد ما قد يفجر أزمة حقيقية بين القاهرةوواشنطن. وقال القاضي سامح أبو زيد أن "أول ما اثبتته التحقيقات ان المنظمات الاجنبية محل الاتهام في أمر الاحالة ليست جمعيات أهلية وما قامت به هذه المنظمات من خلال الفروع التي قامت بفتحها وادارتها على أرض مصر من دون ترخيص من الحكومة هو نشاط سياسي بحت لا صلة له بالعمل الأهلي". وتابع "اكدت معلومات وتحريات الامن الوطني والقومي ان التمويل الاجنبي لهذه المنظمات اتخد بعدا جديدا عقب احداث ثورة 25 يناير تهدف من خلاله بعض الجهات الاجنبية الى محاولة التأثير من خلال توجيه العملية السياسية في مصر". وشدد على ان "هذه المنظمات قامت بانشطة لا علاقة لها بخدمة المجتمع المدني وكثفت نشاطها بعد ثورة 25 يناير وعملها كان سياسيا في الاساس والموضوعات تتعلق بتدريب الاحزاب السياسية على العملية الانتخابية وحشد الناخبين وتأييدهم لمرشح أو آخر". وأضاف في مؤتمر صحافي عقد في مقر وزارة العدل في القاهرة ان ملف التمويل الاجنبي الذى تسلمه قضاة التحقيق من لجنة تقصي الحقائق في 3 اكتوبر الماضي هو عبارة عن مجموعة من الملفات الفرعية من بينها التمويل الاميركي. وكان مصدر قضائي مصري في الثالث من فبراير الجاري أعلن انه تمت احالة 44 شخصاً من بينهم 19 اميركيا وأجانب آخرين سيحاكمون في قضية التمويل غير المشروع لجمعيات أهلية ناشطة في مصر. ومن بين المنظمات الاميركية (المعهد الديموقراطي الوطني) و(المعهد الجمهوري الدولي) و(فريدم هاوس) ومنظمة (كونراد أديناور) الالمانية. وتوترت العلاقة بين القاهرةوواشنطن منذ صدور قرار ملاحقة هؤلاء النشطاء قضائيا. وعلى اثر ذلك حذر ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي مصر من أن خطر حصول قطيعة "كارثية" بين البلدين نادراً ما كان بهذا الحجم. وفي تعبير عن مشاعر الغضب التي عمت مجلس الشيوخ بأعضائه الجمهوريين والديموقراطيين، حذر الجمهوريان جون ماكين وكيلي ايوت والمستقل (اليهودي) جو ليبرمان ، من ان "دعم الكونغرس لمصر خصوصا لجهة المساعدة المالية بات في خطر". وادى التوتر الى تشكيك البعض علنا في الشراكة الحيوية بين الولاياتالمتحدة ومصر التي ارست للسياسة الاميركية في الشرق الاوسط طوال جيل كامل وحافظت على معاهدة كامب ديفيد التي يرفضها معظم المصريين. وانتقد السناتور الاميركي جون كيري الرئيس النافذ للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي الملاحقات معتبرا انها تشكل "صفعة" للاميركيين الذي يدعمون مصر منذ عقود وللمصريين والمنظمات غير الحكومية الذين يخاطرون بحياتهم من أجل تحقيق ديموقراطية أكبر في مصر" - على حد تعبيره - لكن مصر تبدو حازمة في قرارها فقد اتهم ابو زيد العاملين بهذه المنظمات ب "عدم احترام القوانين المصرية المنظمة للاقامة والعمل في مصر وذلك لانهم كانوا يعملون في مصر لسنوات بتأشيرات سياحية حيث صدرت لهم تعليمات من الخارج ان يعملوا بهذ الشكل والا يحصلوا على تصاريح ولا اقامة عمل".. وزاد على ذلك ايضا ان هذه المنظمات "خالفت القوانين المصرية المتعلقة بالضرائب فلم تفصح او تسجل نشاطها في الضرائب". واكد أن احالة هؤلاء "المتهمين إلى المحكمة ستكون بتهمة تلقى تمويل اجنبي من الخارج، وهو نشاط غير مشروع ويخل بالسيادة المصرية، وعقوبة هذه الجريمة تصل إلى السجن 5 سنوات".. ولفت أبو زيد أيضاً الى ان "جهاز الامن القومي والوطني في مصر رفض مرارا قبل ذلك الموافقة على تسجيل وترخيص فروع هذه المنظمات للعمل في مصر ومع ذلك قامت هذه المنظمات بفتح فروع لها وكثفت نشاطها". وفي 19 ديسمبر جرى اقتحام مقرات 17 منظمة أهلية محلية ودولية ومصادرة أجهزة كمبيوتر واوراق.. وغالبا ما تنسب السلطات ووسائل الاعلام الرسمية المصرية حركة الاحتجاجات والتظاهرات ضد الجيش في البلاد الى "مؤامرات" حيكت خارج البلاد والى "اياد اجنبية". ويخضع عمل المنظمات الاجنبية في مصر او التمويل الاجنبي لمنظمات محلية لشروط صارمة بموجب تشريعات من عهد مبارك.. ويبلغ حجم المساعدة السنوية التي تدفعها واشنطن لمصر 1,3 مليار دولار وتعد من أكبر المساعدات الاميركية الى أي دولة (عدا اسرائيل).