شهدت الساعات الأخيرة من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة تطورات مهمة، أهمها إعلان «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أن أرسلت ثلاث طائرات استطلاع صغيرة من دون طيار محملة بصواريخ إلى إسرائيل. كما أعلنت أنها قصفت بالصواريخ منطقة القريبة من مدينة أسدود في قلب الدولة العبرية حيث توجد صواريخ تحمل رؤوساً نووية. أما التطور الثالث، فتمثل في تراجع حدة العدوان في شكل لافت، وبالتالي تخفيف الأجنحة المسلحة، خصوصاً «حماس»، ردها من خلال اقتصار إطلاق الصواريخ على بلدات ومناطق محاذية للقطاع وبأعداد أقل من الأيام السابقة. ويبدو التطور الأخير مرتبط بالمفاوضات غير المباشرة التي تجري بين إسرائيل و «حماس» عبر الوسيط التركي للتوصل إلى وقف إطلاق النار أو تهدئة في الميدان، فيما تصر إسرائيل على صيغة «تهدئة مقابل تهدئة». شلح لكن الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح، شدد على أن «معادلة تهدئة مقابل تهدئة وفق اتفاق تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012 انتهت»، ووضع ثلاثة شروط للتهدئة، قائلاً إن «الحرب الجارية لن تقف من دون رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر، وتأكيد الحق الفلسطيني في الرد على أي عدوان إسرائيلي في المستقبل». وقال في مقابلة مع قناة «الجزيرة» ليل الأحد- الإثنين: «لا يوجد، حتى اللحظة، وسيط جدي... ولا يمكن وقف العدوان من دون دور من مصر التي رعت كل تفاهمات التهدئة السابقة». من جهته، قال المفوض العام ل «وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) بيير كرينبول، إن قطاع غزة «يعيش مجدداً ظروفاً دراماتيكية وصعبة للغاية»، معرباً عن قلقه الشديد «من الخسائر البشرية والمادية المدمرة التي يتكبدها المدنيون». وأضاف خلال مؤتمر صحافي في مدينة غزة بعدما سمحت إسرائيل له بالدخول، أن «كل المؤشرات والمعطيات يشير إلى أن النساء والأطفال يشكلون عدداً ملحوظاً من ضحايا الغارات الجوية الحالية، وهذا في حد ذاته مؤثر ومقلق، كما أن عدد الشهداء من الأشخاص ذوي الإعاقة نتيجة الضربات الإسرائيلية يُشكل مصدر قلق خاص بالنسبة إلي شخصياً». وأعتبر أنه «ما لم تتم استعادة الهدوء بسرعة، فإن مستوى الضحايا سيصبح أمراً لا يطاق وغير محتمل أكثر وأكثر». أسلحة محرمة دولياً من جهتها، قالت «الهيئة الفلسطينية المستقلة لملاحقة جرائم الاحتلال الصهيوني في حق الفلسطينيين»، إن «الأدلة الأولية التي توافرت للهيئة تشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة محرمة دولياً» في العدوان على القطاع. وأضافت في بيان أمس أنها «حصلت خلال الأشهر الماضية على نتائج فحص بعض العينات لأنسجة الشهداء والمواد المتفجرة في الحربين السابقتين عام 2008 و 2012 في معامل دولية خارج قطاع غزة، إذ تأكد لديها أن الجيش الإسرائيلي استخدم أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين». ميدانياً، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز «أف 16» والمروحيات العسكرية من طراز «أباتشي» الأميركية الصنع قصف منازل الفلسطينيين والمقار الحكومية، واستهداف المقاومين. كما واصل الجيش الإسرائيلي حشد مزيد من قواته ليل الأحد- الإثنين في محيط قطاع غزة استعداداً للشروع في عملية عسكرية برية واسعة النطاق انطلاقاً من شمال القطاع، الذي عمد إلى ترحيل الآلاف من سكانه أول من أمس وتهديهم بالقتل في حال عدم مغادرة المنطقة. وشنت الطائرات نحو 204 هجمات على القطاع الأحد، أي نصف عددها في الأيام السابقة، ما يرفع عدد الهجمات منذ بداية العدوان إلى 1474، فيما أطلقت الفصائل نحو 137 صاروخاً، تم اعتراض 27 منها، وهي قليلة أيضاً مقارنة بالأيام الماضية. طائرات بلا طيار من جهتها، أعلنت «كتائب القسام» تسيير عدد من الطائرات من دون طيار «للقيام بمهام خاصة داخل الكيان الإسرائيلي». وقالت في بيان أمس إن مهندسيها «تمكنوا من تصنيع طائرات من دون طيار تحمل اسم «أبابيل 1»، وأنتجت منها ثلاثة نماذج». وأضافت أن «الطراز الأول هو طائرة إيه 1 إيه وهي ذات مهام استطلاعية، وأخرى من طراز إيه 1 بي، وهي ذات مهام هجومية - إلقاء، والثالثة طائرة إيه 1 سي، وهي ذات مهام هجومية - انتحارية». وأشارت إلى أن «الطائرات نفذت صباح اليوم (أمس) ثلاث طلعات، شاركت في كل منها أكثر من طائرة، وكانت لكل طلعة مهام تختلف عن الأخرى، وفُقد الاتصال مع طائرتين في الطلعة الثانية، ومع أخرى في الطلعة الثالثة». وأوضحت أن «هذه ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها طائراتنا مهمات في عمق الكيان ... وقامت في إحدى طلعاتها بمهام محددة فوق مبنى وزارة الجيش الإسرائيلي في تل أبيب التي يُقاد منها العدوان على قطاع غزة». واعتبرت أن «نجاح عدد من طائراتنا في تنفيذ مهامها، يُسجل لكتائبنا المظفرة، على رغم الغطاء الجوي ومنظومات الاعتراض المتطورة للاحتلال». وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أمس إسقاط طائرتين من دون طيار قرب مدينة أسدود التي تبعد عن القطاع نحو 40 كيلومتراً. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية ان الطائرة كانت محملة بالمتفجرات وسُمع دوي انفجار كبير لدى إسقاطها من دون وقوع مصابين، فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن صاروخ «باتريوت» مضاد للصواريخ أسقطها. كما أعلنت «كتائب القسام» في بيان أمس أنها قصفت الأحد «أهدافاً عدة في منطقة أسدود ومحطيها». وأوضحت أن مصادرها «أكدت أن أحد هذه الصواريخ أصاب في شكل مباشر قاعدة سدوت ميخا العسكرية المعروفة لدى الاحتلال باسم كناف 2، وهي قاعدة بطاريات حيتس 2 وصواريخ أرض- أرض من طراز يريحو التي تحمل رؤوساً نووية». ولاحقاً مساء امس، أعلنت «القسام» أنها أطلقت أربعة صواريخ من نوع «أم 75» على تل ابيب. من جانبها، أعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، أمس عن «قصف مفاعل «ناحال سوريك» النووي، وقاعدة «بلماخيم» الجوية بصاروخي «براق 70». كما أطلقت والأجنحة العسكرية الأخرى عشرات الصواريخ على بلدات محاذية للقطاع أبعد من عسقلان وبئر السبع التي تبعد عن القطاع نحو 40 كيلومتراً.