أكد ثلاثة سفراء للمملكة في تصريحات إلى «الحياة» أنه تم تكثيف المتابعة للمبتعثين في الخارج، بعد رصد دعوات مضللة تستهدفهم، مشيرين إلى أن الحملات التوعوية مستمرة ولا تتوقف لتحصينهم من التأثر بالمتطرفين، وفي حال التأكد من تأثر أحد الطلاب بالجماعات والتنظيمات الإرهابية يتم إعادته إلى المملكة، وإذا لم يستجب تلغى بعثته. ولم تقتصر «الدعوات المضللة» من عناصر التنظيمات الإرهابية على دس سموم أفكارها في نفوس الشباب السعوديين داخل وطنهم وفي جامعاتهم ومدارسهم وبين أسرهم، بل تعدت هذه الحدود الجغرافية والاجتماعية لتستهدف أكثر من 150 ألف مبتعث سعودي في أكثر من 30 دولة حول العالم، ورغم أن وزارة التعليم العالي أكدت إلغاء بعثة كل مبتعث يميل للذهاب إلى أماكن الصراعات، وألزمت الراغبين في الابتعاث بتوقيع تعهد بعدم الذهاب إلى أماكن الصراعات إلا أن مصدراً في وزارة التعليم العالي أكد وجود دعوات مضللة تستهدف المبتعثين السعوديين لترك بعثاتهم والانضمام إلى جماعات متطرفة، معتبراً أن التعهد يأتي متناغماً مع الأمر الملكي الصادر في (فبراير) الماضي، الذي ينص على معاقبة كل من شارك في أعمال قتالية خارج السعودية. وشددت الملحقيات الثقافية السعودية على المبتعثين من الانسياق خلف الدعوات المحرّضة للذهاب إلى مواطن الفتن أو إلى الدول التي تشهد حالات قتال. وذلك عبر رسائل نصية تحذيرية على الهواتف المحمولة ورسائل إلكترونية عبر البريد الإلكتروني، إضافة إلى المتابعة الجادة لحال المبتعث الدراسي واليومي، فيما هددت الملحقيات مبتعثيها بإنهاء ابتعاث من يثبت سفره إلى مناطق الصراع. «محمد العتيبي وفيصل العنزي» نموذجان لمبتعثين سعوديين تركوا المذكرات والقاعات الدراسية و المستقبل الوردي المأمول لينضموا إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، التي تحولت أخيراً لتصبح «الدولة الإسلامية» بدعوى الجهاد، الأول «محمد العتيبي 26 عاماً»، ترك دراسته في الولاياتالمتحدة الأميركية في رمضان الماضي ليلتحق في صفوف الجيش الحر السوري، لينتقل بعد ذلك بتحريض من السعوديين المقاتلين هناك إلى تنظيم «داعش» إلا أنه بعد إن اكتشف دموية هذا التنظيم وحقيقته عاد إلى وطنه طواعية قبل خمسة أشهر، والأخير «فيصل العنزي 25 عاماً» لقي مصرعه مطلع الأسبوع الجاري في العراق، وذلك بعد أن عمل كطبيب في المستشفى السوري الوطني لمدة ثلاثة أشهر ثم انتقل ليكون الطبيب الخاص لقيادة داعش في العراق، وكان العنزي أحد المبتعثين السعوديين لدراسة الطب في الأردن إلا أنه وفي سنة الامتياز الأخيرة ترك دراسته بتحريض من زملائه ليلحق بركب المنضمين إلى التنظيمات الإرهابية. بدوره، أكد السفير سامي الصالح رقابة السفارة السعودية في الأردن وتشديدها على الطلبة السعوديين المبتعثين في الأردن والبالغ عددهم نحو 4200 مبتعث، في موضوع التعاطف مع الجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أن التوجيهات والتوعية للطلبة المبتعثين تكون إلكترونياً خلال الرسائل النصية والبريدية. وأكد الصالح في تصريح إلى «الحياة» اهتمام الملحقية الثقافية التابعة للسفارة بالطلبة السعوديين المبتعثين سواء على حسابهم الخاص أم على حساب الدولة وإن كانت النسبة الأكبر للأخيرة، مشيراً إلى دور الملحقية في التواصل مع كل المبتعثين عبر البريد الإلكتروني برسائل توعوية وتحذيرية تجرم الانضمام للجماعات الإرهابية والتحذير من الذهاب إلى أماكن الصراعات، إضافة إلى توفير الأندية السعودية والأنشطة الترفيهية التي تشغل الطلبة في وقت فراغهم والتي يتم عن طريقها توظيف المواقف ببث رسائل توعوية غير مباشرة. وأضاف الصالح «إذا تم الاشتباه بتعاطف أحد الطلبة مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية تتم إحالته إلى المرشدين ومراقبته عن كثب، وإذا تم التأكد من تعاطفه أو انضمامه لأحد الجماعات يعاد إلى المملكة وإذا لم يستجب تُسحب منه البعثة الدراسية. فيما أكد السفير السعودي في الكويت عبد العزيز الفايز في تصريح إلى «الحياة» أن سحب البعثة من المبتعث تكون بحسب الشروط ولم يتم سحب أية بعثة من طالب سعودي في الكويت وإنما انسحب عدد منهم بإرادته. ويبلغ عدد الطلبة السعوديين في جامعات الكويت أربعة آلاف طالب وطالبة، وتتم متابعتهم إلكترونياً بشكل شبه يومي من الملحقية الثقافية، هذا ما أكده الملحق الثقافي في السفارة السعودية في الكويت عبد المحسن الشبانة في تصريح إلى «الحياة»، وأضاف «تتم متابعة حضور وانتظام الطلبة السعوديين للجامعات إلكترونياً ومعرفة أسباب تغيبهم، إضافة إلى جداولهم الدراسية، كما يتم إرسال الرسائل التوعوية والتحذيرية لهم إلكترونياً. كما تتعامل مع أي طالب متعاطف مع التنظيمات الإرهابية وفق الأنظمة وإذا تم التحقق من تعاطفه وانضمامه يعاد إلى المملكة ويتم إيقاف بعثته. واتفق السفير السعودي لدى مملكة البحرين التي تضم 700 مبتعث ومبتعثة عبدالله ال الشيخ مع سابقيه، وقال في تصريح إلى «الحياة» الطلبة المبتعثون في مملكة البحرين منتظمون في دراستهم وبعيدون كل البعد عن هذه الأفكار المنحرفة، مؤكداً أن هناك تواصلاً كبيراً بين المبتعثين والملحقية وذلك خلال الاجتماعات الأسبوعية وبالرسائل النصية والتي تستخدم للتوجيه والتنبيه بأخذ الحذر والحيطة من دعاة السوء، مؤكداً أنه يتم إبلاغ المبتعثين بالتوجيهات الملكية والتحذيرات بصورة واضحة ودقيقة، وأنه يتم تنبيه من يُشك في تعاطفه وتبليغ القنوات المختصة.