شهدت مناطق جردية نائية على الحدود السورية - اللبنانية مواجهات عنيفة في الساعات الماضية بين مقاتلي المعارضة السورية وعلى رأسها «جبهة النصرة» وبين مقاتلي «حزب الله» اللبناني الذي يساند القوات الحكومية السورية. وأفيد أن المواجهات أوقعت قرابة 40 قتيلاً وجريحاً في صفوف الحزب اللبناني، في واحدة من أكبر خسائره في معركة واحدة منذ دخوله العلني في القتال إلى جانب نظام الرئيس الرئيس بشار الأسد قبل عامين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير من ريف دمشق: «قُتل 7 عناصر من حزب الله اللبناني وأصيب ما لا يقل عن 31 آخرين منهم خلال الاشتباكات التي استمرت منذ فجر (أول من) أمس وحتى ساعات متأخرة من ليلة (أول من) أمس، مع جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والكتائب الإسلامية في الجرود الواقعة بين بلدة رأس المعرة وعرسال». واضاف: «تمكّن حزب الله اللبناني من أسر 14 مقاتلاً (من «النصرة» والكتائب الإسلامية)، في حين استشهد ولقي مصرعه في الاشتباكات ذاتها ما لا يقل عن 9 مقاتلين من النصرة والكتائب الإسلامية وأصيب أكثر من 23 آخرين بجروح، تم نقلهم إلى مستشفى ميداني في عرسال». وتابع أنه وردت أيضاً «معلومات عن مصرع واستشهاد 8 مقاتلين من النصرة والكتائب الإسلامية وتعذّر نقل جثامينهم إلى المشافي». وكان عناصر من «حزب الله» إلى جانب جنود من الجيش النظامي السوري حاولوا الالتفاف على تجمع لمسلحي المعارضة الذين لجأوا الى جرود عرسال، فتسللوا من جرود نحلة باتجاه جرود عرسال حيث سُجّلت اشتباكات ضارية من صباح الأحد واستمرت حتى الليل. وقال الطبيب المسؤول عن المستشفى الميداني في عرسال الدكتور قاسم الزين ل «الحياة» إن المستشفى «ومستشفى الرحمة» في البلدة اللبنانية الحدودية «استقبلا 15 جريحاً إلى جانب جثث ثلاثة شهداء، اثنتان تعودان لمقاتلين والثالثة لرجل مسن». وأوضح نقلاً عن الجرحى أن العدد الأكبر من الإصابات حصل عندما لجأ الجيش النظامي إلى استخدام الطائرات الحربية لقصف المسلحين، لكن القصف أصاب أيضاً مدنيين كانوا قد لجأوا بدورهم إلى جرود عرسال وبين الجرحى طفل وامرأة ومسنّون». وأشار إلى أن معظم الإصابات طفيفة وعاد أصحابها بعد المعالجة أدراجهم من حيث أتوا، و «يخضع مصاب واحد إلى عملية جراحية لإصابة بليغة في فكه». وتحدث عن هدوء يخيّم على الجرود طوال نهار امس. وكانت مواقع التواصل الاجتماعي أوردت أن «حزب الله» نعى ستة من قتلاه في هذه الاشتباكات وهم: علي محمد يوسف المقداد (من مقنة)، زكريا فيصل سجد (الهرمل)، محمد علي حمود (خربة سلم)، بلال محمد كسرواني (النبطية)، يحيي الزكلة (بعلبك) وعلي حسين النمر. ونقلت «فرانس برس» عن مدير «المرصد» السوري رامي عبدالرحمن إن قوة من حزب الله «بادرت إلى الهجوم ليلة السبت - الأحد وتمكنت من التقدم الى تلة يتواجد فيها مقاتلو المعارضة، إلا أن هؤلاء كمنوا للقوة، وتمكنوا من ايقاع عدد من القتلى في صفوفها قبل وصول تعزيزات للحزب وتصاعد حدة الاشتباكات». وسيطرت القوات النظامية السورية مدعومة ب «حزب الله» اللبناني في منتصف نيسان (ابريل) بشكل شبه كامل على منطقة القلمون الحدودية بين سورية ولبنان، بعد معارك عنيفة استمرت أشهراً. ويقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وناشطون سوريون إن المئات من مقاتلي المعارضة لا يزالون مختبئين في تلال ومغاور وأودية في جبال القلمون الحدودية مع لبنان بعد انسحابهم من القرى والبلدات، وهم ينطلقون من هذه المخابئ التي يصعب على الجيش السوري اقتحامها، لتنفيذ عمليات مباغتة على مواقع وحواجز لقوات النظام و «حزب الله» في قرى القلمون. وتفيد تقارير أمنية لبنانية عن تسلل مقاتلي المعارضة والأسلحة عبر عرسال إلى الأراضي السورية. وذكر ناشط سوري على اتصال بالمجموعات السورية المقاتلة ضمن المعارضة المسلحة في منطقة القلمون لوكالة «فرانس برس»، أن جرود عرسال النائية عن المساحة المسكونة في البلدة، والخالية تماماً إلا من بعض المزارع والبيوت الزراعية، تشكل مكاناً «للاستراحة وتجميع القوى» بالنسبة الى مجموعات المعارضة المسلحة، بالإضافة إلى ممر للأدوية والمواد الغذائية والسلاح الخفيف، والجرحى الذين يسقطون في المعارك. وقال سكان في عرسال ل «فرانس برس» إن الطيران السوري يشارك بكثافة في المعارك في المنطقة الحدودية، وتسمع أصوات مدفعية الجيش السوري والصواريخ التي يلقيها الطيران الحربي بوضوح خلال الليل في كل أنحاء البلدة. وغالباً ما تعرضت مناطق في جرود عرسال داخل الأراضي اللبنانية خلال الأشهر الماضية لغارات من طائرات سورية.