غيّب الموت أقدم أميركي كان يقطن سلطنة عمان، دونالد بوش، عن 95 سنة، أمضى قسماً كبيراً منها في مسقط راسماً مشهداً تاريخياً للمدينة التي عرفته طبيباً جرّاحاً في مستشفاها الوحيد خلال فترة ما قبل السبعينات من القرن العشرين، ومجيء السلطان قابوس إلى سدة الحكم. ربما لم يبلغ بوش شهرة الطبيب الآخر توماس، الذي عرفه العمانيون باسم «طومس»، وكان الطبيب الوحيد في البلاد قبل عام 1970، إلا أن رحيل طومس عن مستشفى الإرسالية الأميركية في مسقط، والذي سمي لاحقاً «مستشفى خولة»، أعطى بوش الفرصة ليستحوذ على قلوب الكثيرين من العمانيين الذين عالجهم وأنقذ أبناءهم أحياء حين كان الموت يحصد معظم الأطفال في بلاد افتقرت آنذاك إلى ابرز مقومات الحياة. ولد بوش العام 1917 في بلدة أموي بجمهورية الصين الشعبية، حيث عمل والده طبيباً مسؤولاً في أحد مستشفيات الإرسالية المسيحية في الصين. سلك طريق والده، ونال دكتوراه في الطب من جامعة أيوا العام 1941 ولم يكن قد تجاوز الثالثة والعشرين، ثم انضم في العام التالي إلى الفيلق الطبي للجيش الأميركي ونُقل إلى مسرح العمليات في أوروبا حيث خدم في الجبهة الأمامية في ميدان القتال، وكان ضمن الفرقة الأولى التي عبرت إلى داخل ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. انتقل بوش الى مسقط عام 1955، وعاش في عُمان، بعيداً من الأضواء، حتى إن غالبية العمانيين لم تكن تعرف أن مساعد الطبيب الشهير طومس لا يزال في السلطنة، ويقطن في قرية بحرية ضمن مسقط تسمى حرامل، في منزل منحه إياه السلطان قابوس، الذي قلّده أيضاً وسام عُمان المدني العام 1972. وهو، إلى جانب عمله كطبيب، ألّف كتاباً عن الأصداف البحرية في عُمان ومنطقة الخليج، كما عرفت عنه مهارته في الخطابة ولعب كرة المضرب.