أنجز العدد صفر من الترجمة العربية للشهرية الفرنسية «مجلة الدفاع الوطني»، وسيصدر بعد أيام. وتنشر المجلة لجنة دراسات الدفاع الوطني، وهي لجنة غير حكومية، يتولى إدارة النشر فيها آلان كولدوفي، الأميرال السابق في البحرية الفرنسية. أما النسخة العربية فيرأس تحريرها فادي عساف. ومما جاء في افتتاحية رئيس التحرير: «عاش العالم العربي خلال العام المنصرم تحولات متسارعة على وقع تطورات دراماتيكية غيرت الكثير في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، وزعزعت الأسس الاجتماعية السياسية لمعظم دول المنطقة مما أثّر بشكل مباشر على استقرارها وعلى أمنها. وفرنسا التي فرضت نفسها كأحد أبرز اللاعبين المؤثرين في المشهد الإقليمي المستجد، عمدت الى إعادة تقويم سياستها الشرق أوسطية، بل سارعت الى إعادة بلورة توجهاتها الاستراتيجية العامة في المنطقة، مما أكسبها سريعاً مزيداً من الصدقية على الصعيد الدولي. فها هي تحصن صورتها كقوة دولية قادرة على حماية قيمها ومصالحها المشتركة مع حلفائها وشركائها في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تبدو من جديد مندفعة لأخذ المبادرات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وقادرة على فرضها على أرض الواقع. لذلك لا بد اليوم من الاعتراف بثقل فرنسا في ملفات المنطقة الساخنة، وبتأثيرها على قضايا العرب الأساسية، كما لا بد للفرنسيين من أن يضعوا رهانهم على تفعيل شراكتهم مع الدول العربية بفعل دينامية السياسة الفرنسية الحالية في المنطقة والصدقية العالية التي تتمتع بها باريس اليوم عند شركائها في المنطقة. وفي الوقت عينه، تبدو سياسة فرنسا الدولية كما تبدو تحركاتها ومبادراتها في الشرق الأوسط غير مفهومة تماماً، هي الدولة الحاضرة في جميع الجبهات الساخنة، من ديبلوماسية واقتصادية وسياسية وحتى الأمنية والعسكرية، بينما تهدد الأزمة الاقتصادية قواعدها الخلفية في أوروبا وتفرض أجندتها السياسية الداخلية حذراً «شديداً» على طموحاتها الخارجية. وفي الواقع، ومن منظور مادي صرف، فإن الفوائد الاقتصادية والتجارية الناجمة عن الالتزام الفرنسي الجريء بقضايا العرب والمنطقة وبقضايا العالم الإسلامي عموماً، لا ترقى الى مستوى الآمال والطموحات المعلقة عليها. وهذا مقياس صادق لمدى فهم السياسات الفرنسية في المنطقة، وللهوة بين ما يسعى الفرنسيون الى تقديمه لشركائهم في المنطقة وما يحصلون عليه هم في المقابل. البعض قد يرى العلة في «خدمة ما بعد البيع» لدى الفرنسيين الذين لا يشترطون عادة حصصاً مادية مقابل التزاماتهم السياسية والعسكرية وغيرها لمصلحة شركائهم. وإن أردنا تجاوز البعد النفعي والمادي البحث لنطرح موضوع النتائج الحقيقية لتدخلات فرنسا والتزاماتها في المنطقة، نرى من جديد أن النتائج مخيبة للآمال بعض الشيء. الفكر الاستراتيجي الفرنسي غني وهو يتطور باستمرار و «مجلة الدفاع الوطني» تساهم بطريقتها وبأسلوب موضوعي وأكاديمي في نشر الفكر الاستراتيجي الفرنسي من أجل إغناء التفاعل بين فرنسا وشركائها الدوليين. وبعد النسختين الإنكليزية والروسية والنسخة الصينية المنتظر صدورها عام 2013، تصدر النسخة العربية لتبرز الإرادة الفرنسية لشرح الأسس الاستراتيجية لتحركها الخارجي، وذلك من أجل تفاعل أكبر بين فرنسا والعالم والناطق باللغة العربية». يضم العدد الأول من النسخة العربية الدراسات التالية: «الحرب والاستراتيجيا والقوة» لبيار هاسنير الذي يعرض فكرة عامة عن مفاهيم الحرب والاستراتيجيا والقوة وعلاقاتها المعقدة في بداية القرن الحالي. «الدور الاستراتيجي للغرب» لهوبير فدرين الذي يعتبر التحديات التي يتعين على الغربيين مواجهتها ليست تحديات أمنية فحسب، بل أيضاً تحديات استراتيجية. وهي تحديات إعادة تشكيل منظومة العالمية. وإذا كانت هذه الرهانات تعني الأميركيين بالدرجة الأولى نظراً لتردي دورهم القيادي، فإنها تفرض على الأوروبيين التحلي بإرادة أقوى وعلى الشريكين الأطلسيين الاتفاق حول المسائل المهمة، وإلا فإن الغرب سيكون معرضاً للانشقاق. «ضرورات تطوير الدفاع الأوروبي» لبيار لولوش الذي يربط قدرة أوروبا على الحضور دولياً بإنعاش السياسة الأوروبية والدفاع عن (PESD) لأنها تمثل محوراً استراتيجياً للمشروع الأوروبي في السنوات المقبلة. «2008 - 2012: الرهانات الإستراتيجية الجديدة» لبونوا دابوفيل الذي يلاحظ أن الأزمة الاقتصادية والمالية عجلت في إعادة تشكيل السياق الإستراتيجي الدولي لأن الثقل النسبي لكل من آسيا والولايات المتحدة من شأنه أن يُهمّش أوروبا ويتسبب في ظهور تحديات جديدة لفرنسا، والعديد من الاستنتاجات في الكتاب الأبيض لعام 2008 لا تزال سليمة لكنها ناقصة، ويذكر منها بالخصوص توزيع الأدوار بين كل من الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، وكلاهما في مفترق طرق. «عام على انطلاق الربيع العربي» لخليفة شاطر. «ما هي محددات الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي؟» لبيار رازو. «الاتحاد الأوروبي والربيع العربي» لباستيان نيفيه.