افتتح نشاط «المنامة عاصمة للثقافة العربية - 2012» رسمياً بالعرض الموسيقي الغنائي «طريق اللؤلؤ» عند شاطئ متحف البحرين، وتقدم الحضور مساء الخميس ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ووزيرة الثقافة الشيخة مي آل خليفة ووزراء وديبلوماسيون ووجوه ثقافية واجتماعية وإعلامية، كما حضر ضيوف من خارج البحرين يتقدمهم الأمير الوليد بن طلال. ساعدت الرياح البحرية في اضفاء جو حقيقي على العرض الذي يستوحي مسار البحث عن اللؤلؤ وما يكتنفه من جهد وخبرة ومجابهة لسؤال البحر وسحره. وخاطبت وزيرة الثقافة الحضور بكلام على الاستحقاق الثقافي لبلد صغير المساحة واسع الحضارة وعميقها، استحقاق هو السياسة الأجمل الموصلة الى الحب الذي يرمم الأقدار ويخاطب تجارب الإنسان. وركزت الشيخة مي على الأمل ومخاطبة اليوم والغد في سنة الثقافة البحرينية العربية، حيث يتم شهرياً افتتاح بنية ثقافية تحتية تبقى ملعباً لإبداع الأجيال. عرض «طريق اللؤلؤ» بموسيقاه وحركات الأفراد والجموع وبلعبة الضوء والظل والصور المرسلة الى خلفية المسرح المفتوح، بدا أشبه بترجمة مشهدية موسيقية غنائية راقصة لروح البحرين العريقة وانفتاح مواطنيها. واقتضى العرض فرقتين موسيقيتين، عربية هي فرقة سليم سحاب وأجنبية هي أوركسترا الإذاعة الوطنية البلغارية، كما اقتضى اجتماع كورال نسائي بحريني وآخر بلغاري، ومشاركة فرقة قلالي للفنون الشعبية التي أدت الغناء والرقص والعزف الإيقاعي، وكذلك فرقة شباب الحد للعرضة في أدوار البحارة، وكان للأطفال حضورهم وهم ينتسبون الى مدرسة بالار للفنون الأدائية. أخرجت العرض الماري لينييه وتولى التأليف الموسيقى جولين صديق مع حضور كثيف للفولكلور البحريني، خصوصاً ذلك المرتبط بسحر البحث عن اللؤلؤ، وكان صوت المغنية البحرينية هند حاضراً في ربط المشاهد بعضها ببعض، وحمل صوت هند الرومانسي المناسب لأناشيد الحنين، أرواح الحضور الى أعماق التاريخ البحريني الذي أوصل الشعب الى زهو الحاضر المنفتح القائم على التسامح، وهذا ما انتهت اليه كلمات كاتب العرض الشاعر حسن كمال الذي جمع الفصحى والعامية لينظم طريق اللؤلؤ البحريني: «إنما العقد باللآلئ جمعا/ وإذا فرقت تضيع انتثارا». فهذه بلاد بناها آباؤها والأجداد بالتعب والأمل، بيوتهم ثابتة وبحرهم متجدد وغناؤهم عابر، لكنه يبقى في أرواح الأجيال مثل نداء الى فضاء بلا حدود. فن البحر وسكان الشواطئ، حيث الايقاع بحركة الجسد وتصفيق اليدين والانتقالة في المكان المحدود حين تختصر رحلة الشراع. في المكان المحدود هذا يبقى الجسد وينتمي، يرحل لكنه يعود الى أرض اعتبرها وطنه الى الأبد، فلا يغنيه عنها شراع ولا وعد ما بعد الأفق حيث يغيب النورس بلا عودة. برنامج السنة تتوزع النشاطات الثقافية على أشهر السنة بحيث يخصص لكل شهر فن من الفنون، مع انفتاح النشاطات على الجمهور البحريني الذي يعرف بعضها المحلي ويتابعه وينفتح كالعادة على الجديد العربي والعالمي. كانون الثاني (يناير) كان الشهر الأول في سنة 2012 «المنامة عاصمة الثقافة العربية» وشهد محاضرة للفنانة والديبلوماسية الأميرة وجدان علي، وإصدار ترجمة لأطروحة دكتوراه للفنان البحريني الراحل أحمد باقر، ومعرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية في دورته الثامنة والثلاثين، ومعرض تشكيلي عربي بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس، وآخر للفن الأردني المعاصر بالتعاون مع الجمعية الملكية للفنون الجميلة، وملتقى البحرين الدولي للنحت الذي يستضيف في دورته الخامسة نحاتين بحرينيين وعرباً ليقدموا خلاصة ابداعاتهم على الحجر. شهر شباط (فبراير) الجاري مخصص للعمارة، مع محاضرة للمهندس ريم كولهاس الحائز جائزة بريتزكز، وإصدار ترجمة كتاب «التعالم من لاس فيغاس» لروبرت فينجري ودنيس سكوت براون وستيفن ازنفور، ومسابقة أفكار مفتوحة لتطوير ساحة باب البحرين يشارك فيها معماريون ومخططون مدنيون ومخططو حدائق ومساحات مفتوحة. وسترافق المسابقة مناظرة حول الأماكن والساحات العامة في العالم العربي. وفي الشهر المقبل، آذار (مارس) معرض للمنتجات والأيقونات المصممة، ومحاضرة عن ثورة التصميم في العالم العربي، اضافة الى عرض أزياء لمصممين عرب وأجانب. نيسان (ابريل) مخصص للتراث مع محاضرة لمنير بوشناقي (المدير العام لمنظمة ايكوروم) وإصدار ترجمة كتاب ليندل بروت «شواهد على التاريخ: وثائق وكتابات حول استرجاع القطع الأثرية»، ومؤتمر دول حول المواقع الأثرية المبكرة واتفاقية التراث العالمي، ومهرجان التراث في دورته التاسعة عشرة مع التركيز على الأدب والرقص الشعبي. نشاط أيار (مايو) مخصص للمتاحف، مع محاضرتين لهانز مارتن هنز (رئيس المجلس الأعلى للمتاحف) ومايكل بيرتروفسكي (مدير متحف ارميتاج)، وإصدار ترجمة مختارات لمقالات عن متاحف العالم، ومعرض يتضمن 400 قطعة من حقبة تايكوس في عنوان «رحلة الى ما وراء الحياة»، وعرض متنقل في البحرين يعرف الأطفال بالتراث الثقافي المحلي، وورشة عمل حول إدارة المتاحف تقام في متحف البحرين الوطني. وخصص شهر حزيران (يونيو) للشعر، مع محاضرة للشاعر قاسم حداد وإصدار ترجمة منتخبات من الشعر الإسباني المعاصر (أنجزها المهدي أخريف)، وملتقى الشعر لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحفلات لقصائد مغنّاة. ومجالات الفكر تتقدم في تموز (يوليو) بمحاضرة لمحمد جابر الأنصاري وإصدار ترجمة كتاب ميشال دوسارتو «الثقافة بصيغة الجمع»، وندوة لمفكرين من العالم العربي. وفي آب (أغسطس) ندوة حوارية حول الترجمة وعروض لأفلام عربية قديمة وحديثة. وتحضر الموسيقى في أيلول (سبتمبر) بحفلة لمشاهير الغناء العربي، وعزف على العود والجاز، ومهرجان الموسيقى الدولي في دورته الحادية والعشرين. وفي تشرين الأول (أكتوبر) محاضرة لغونزالو أفيدو (كبير مستشاري السياسة الاجتماعية في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وإصدار ترجمة كتاب أوغسطين كوليت «دراسة حالة مواقع التراث العالمي وتغير المناخ»، وندوات في جزيرة «حوار» حول المعارف التقليدية في إدارة المحميات الطبيعية ومواقع التراث العالمي». وفي تشرين الثاني (نوفمبر) محاضرة للمخرج والمؤلف التونسي فاضل الجعايبي، وعرض مسرحية بحرينية، وورشة عمل لإدارة المؤسسات الثقافية بالتعاون مع جامعة فيينا وشركة SEED. ويتميز الشهر الأخير من «المنامة عاصمة للثقافة العربية 2012» باحتفاليات شعرية ومسرحية وموسيقية في حب البحرين، مع اهتمام خاص بمبنى الإذاعة باعتباره سجلاً صوتياً لتاريخ البحرين.