لم تغير جلسة مجلس الامن ليل اول من امس شيئاً في خريطة المعارك في سورية. فالمواجهات في حمص وريف دمشق استمرت على حالها، بل زاد عدد القتلى امس عن معدلاته ووصل حسب تنسيقيات الثورة السورية الى 68 قتيلاً، معظمهم في حمص وريفها، وشملت المعارك منطقة وادي بردى الذي شهدت بلداته مواجهات بين الجيش والمنشقين. وفي نيويورك أجرى امس رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بان جاسم والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي اجتماعات شبه مكوكية مع أعضاء مجلس الأمن بهدف ضمان أكبر دعم لمشروع القرار المغربي المقدم باسم جامعة الدول العربية. ومكث حمد بن جاسم والعربي في نيويورك أمس الأربعاء للعمل مباشرة مع أعضاء المجلس والاجتماع مع بعض منهم للمرة الثانية إضافة الى الاجتماع مجدداً مع وفد «المجلس الوطني السوري» برئاسة برهان غليون، وذلك لإيجاد لغة في مشروع القرار تؤدي الى اقناع روسيا بالامتناع عن التصويت وتسمح بذلك لمجلس الأمن بتبني القرار المقترح. واجتمع مجلس الامن في جلسة مغلقة مساء امس على مستوى السفراء للتفاوض على مشروع القرار. وعلمت «الحياة» أن الفكرة الرئيسية في المفاوضات مع روسيا ارتكزت على إمكان المقايضة بين موافقتها على دعم المبادرة العربية في قرار لمجلس الأمن وبين اقناع «المجلس الوطني» بالموافقة على دعوة روسيا الى إجراء حوار بين أركان النظام والمعارضة في موسكو. وأكد برهان غليون في حديث الى «الحياة» (ينشر غداً الجمعة) أنه «إذا كانت روسيا مستعدة لأن تمرر قرار مجلس الأمن ولا تستخدم الفيتو ضده يمكن أن تكون هناك بعض جلسات مفاوضات على نقل السلطة، كما تقتضي الخطة العربية في موسكو... لا مشكلة لنا مع المكان بل مشكلتنا مع شرط المبادرة الروسية وبأية شروط سوف يتحقق نقل السلطة الى الشعب»، وليس اللقاء لمجرد الحوار. وبحسب مصادر عربية رفيعة، تبدو العقبة الأصعب أمام قبول روسيا بتمرير القرار في لغة دعم الخطة العربية الواردة في القرار، والتي قد يكون في الإمكان التغلب عليها أما عبر الربط بصورة أو بأخرى بمبادرة موسكو أو بلغة لا تنطوي على «تبني» مجلس الأمن للخطة العربية وإنما الاكتفاء بنوع من الدعم والتأييد. ورداً على ما اذا كانت روسيا تعارض المبادرة العربية، قال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن «سلطة مجلس الأمن ليست الدعوة الى نقل السلطة وليس من مهمات مجلس الأمن تقديم وصفات للدول». وأضاف أن ثمة أمراً مشتركاً بين روسيا والجامعة العربية وهو الحاجة الى الحوار وأن الحكومة والأطراف الأخرى (في سورية) «عليهم أن يتحاوروا ولهذا جددنا الدعوة الى الحوار في موسكو من دون شروط مسبقة تحضيراً لعملية سياسية تحت رعاية الجامعة العربية». وقال: «يمكننا أن نتوصل الى قرار يمكن ان يكون مفيداً ويعطي الجامعة العربية دوراً رئيسياً ويعطينا الفرصة لتشجيع الحوار». وأوضح أن «لجامعة الدول العربية الحق في طرح مبادرة ولدينا الحق في مجلس الأمن أن نقرها أم لا». وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن «الموقف الروسي يسمح بالتوصل الى تسوية في الأيام المقبلة «، وذلك تعليقاً على كلمة تشوركين في مجلس الأمن. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن العملية السياسية الانتقالية الواردة في الخطة العربية هي نقطة التوفيق بين الموقف الغربي الداعي الى تنحي الأسد عن السلطة وبين الموقف الروسي المتمسك بالحفاظ على نظام الأسد وعلى بقائه في السلطة. وقال إن هناك 10 دول في مجلس الأمن تدعم مشروع القرار المغربي. اما النواحي الأخرى من مشروع القرار التي لقيت معارضة روسية فتضمنت مسألة الإيضاح الكامل بعدم وجود أي لغة في مشروع القرار تؤدي الى استخدام القوة العسكرية تحت عنوان «تدابير أخرى». وارتكزت الديبلوماسية العربية على محاولة ضمان دعم جميع الدول المنتخبة لمشروع القرار العربي مما يؤدي الى عزل الصين وروسيا، وهذا بدوره قد يؤدي بالصين الى الامتناع عن التصويت وقد يؤثر في الموقف الروسي أيضاً. واستمرت المفاوضات في شد حبال سياسي على وقع إمكان التوصل الى تفاهمات وربما مقايضات. وكانت وكالة «انترفاكس» الروسية نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله «نبذل حاليا جهودا للتوصل الى نص مقبول من الجميع يسهم في ايجاد تسوية سياسية في سورية». واضاف ان الخبراء يواصلون مناقشة مشروعي القرارالروسي والمغربي. واوضح ان المشروع العربي ليس مقبولا بالنسبة الى روسيا «لانه ما زال يتضمن بنودا تنص على توقيع عقوبات على سورية واخرى يمكن تفسيرها على انها تجيز اللجوء الى القوة». من جهة اخرى اكد الوزير المغربي المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني ان المغرب ملتزم العمل مع جميع شركائه من اجل التوصل الى توافق حول مشروع القرار المقدم الى مجلس الامن. وجدد العمراني الذي شارك في اجتماع مجلس الامن، دعوة المجلس الى «مساندة هذه الخطة لوقف اعمال العنف فورا والسماح للشعب السوري بتحقيق تطلعاته المشروعة لبناء دولة ديموقراطية». وتم تقديم مشروع القرار من جانب المغرب وسبع بعثات في مجلس الامن تمثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا والبرتغال والمانيا وكولومبيا وتوغو. في هذا الوقت اعلن مصدر مسؤول في الجامعة العربية امس ان وزراء الخارجية العرب سيجتمعون في 11 شباط (فبراير) الحالي في القاهرة لبحث الاوضاع في سورية ووضع بعثة المراقبين العرب. وكان مقرراً عقد هذا الاجتماع الاحد المقبل في 5 الجاري، غير ان المشاورات الجارية في مجلس الامن بمشاركة الجامعة العربية فرضت تأجيله الى اواخر الاسبوع المقبل.