أحيت الأمسية الشعرية التي نظمها ملتقى الوعد الثقافي على مسرح جمعية الثقافة والفنون في الدمام، أخيراً، وشارك فيها الشاعران البحريني قاسم حداد والعماني سيف الرحبي، أحيت الأمل من جديد بعد خيبة طويلة اعترت مثقفي ومثقفات المنطقة الشرقيةبسبب الفعاليات التي كانت تقيمها المؤسسات الثقافية وعلى رأسها النادي الأدبي، التي لم تنجح في استقطابهم وتشجيعهم على الحضور، فاستطاعت هذه الأمسية، التي قدمها الشاعر محمد الفوز، أن تغير الصورة تماماً وأن تحشد جمهوراً لم تشهده أي فعالية من قبل، إذ فاق ال500 ضمنهم أكثر من 100 امرأة، فغصت المقاعد بالحضور من الجنسين، لحضور تلك الأمسية التي لم تقتصر على الشعر فقط، ولكن مزجت بمقاطع موسيقية لمحمد سنان وسامح إبراهيم، ترافق الشاعرين عند إلقائهما للقصائد، إضافة للوحات حميدة السنان التي كانت تزين جنبات المداخل. وكانت الأمسية قسمت إلى ثلاث جولات لكل شاعر، كانت البداية مع الرحبي، الذي قرأ في البداية خاطره كتبه وهو قادم تحدث فيها عن العلاقة الإنسانية التي تجمعه مع قاسم حداد. بعدها قرأ مجموعة من النصوص المتفرقة ك«على حد الصيف» و«إلى تلك المرأة» و«كن شط الضياع» ونص «الصحراء» الذي يقول فيه: في هذه الصحراء العاتية/ الصحراء التي تسيلُ مع الشمسٍ كثباناً وشياطينَ/ تناسلَ الأسلاف جَدّاً بعد جَدّ/ ونبتْنا مصْل أشجارٍ صخريّة/ راكضين بين الشاطئ والجبال/ بأرجل حافيةٍ وقلبٍ مكلوم/ كبرُنا مع الجمال والحمير/ قُدنا القطيع إلى مساقط الوادي/ وشاهدنا القطا تغيبُ مع السراب/ نصبْنا شباكاً للثعالب/ وأخرى لوعول الغيب/ وحين سافرنا إلى بلدان العالي/ لم نجد أثراً للأضحية في ثيابنا/ ولم نجد ضالّة الحنين». وحظيت هذه القصيدة بتفاعل الجمهور. قاسم حداد افتتح كلامه بشكر أعضاء الوعد الثقافي، ثم قرأ مجموعة من النصوص خصوصاً من ديوانه «طرفة بن الوردة» الذي قام بتوقعيه في ختام الأمسية. وكانت قصيدة الأولى بعنوان «ماذا تريدون منّي؟» وفيها يقول: كيف تريدونني أن أراه/ وهو مستوحشٌ في تجاعيده/كيف لي أن أميز إيقاعه/ وهو يخرجُ في كل يوم على الوزن/ ميزانه أنه واحدٌ والملوكُ كثيرون/ أن القبيلة تقتله والقضاة يرون/ كيف تسمونه العبدَ وهو على صهوة الريح حرٌ/ ماذا ترون بأشعاره النادرة، غير أخباره الخاسرة/ تريدونني أن أرى ما ترون/ أيها السادرون بعيدا/. سيبتعد الآن أكثر/ إن الخراب الكبير الذي تشِيدُونَه، دُونَه/ شاهقٌ مثل عيد الرماد/ أسمع الآن صوت الهشيم/ فهل تدركون الذي تفقدون/ طفلكم طفلُ أحفادكم/ تفقدون الحروف القتيلة في النص/ ماذا تريدونني أن أرى/ غير هذا الشهيق الممزق في كبد الطفل/ في وردة الريح يسرقها الآخرون/ وحيدٌ ومستوحشٌ/ ويشرد مستنفراً». ورداً على سؤال طرحه عليه مدير الأمسية، قال حداد: «أقوم عبر النص بالهروب من الوعي والدخول في اللاوعي». معتبراً أن النصوص مفتوحة لا تعنيني بشيء أثناء الكتابة ولا أدرك ذلك إلا عندما يستمع الجمهور إلى نصوصي». فيما قال الشاعر سيف الرحبي ان الشعر ينبثق من الفقدان، متحدثاً عن غياب الأخلاق في زمن اليوم.