عبّر الشاعر البحريني قاسم حداد عن مشاعر القلق التي تنتابه في كل مرة يقابل فيها الجمهور في أمسية شعرية بالرغم من كثرة الأمسيات التي يقيمها، ووصف لقاءه بالجمهور بالاختبار الصعب والدرس العسير. وقال أنّ القراءة المباشرة للجمهور هي أحد أشكال التواصل مع الآخر، وأنه يشعر في كل أمسية بأنها المرّة الأولى التي يلقي فيها الشعر. ومن جهة أخرى، رفض حدّاد في الأمسية التي أحياها بنادي الشرقية الأدبي ضمن فعاليات الأسبوع الشعري الذي يقيمه النادي احتفالاً بيوم الشعر العالمي، رفض تقييم الشعر من خلال تفاعل الجمهور معه. وقال حدّاد أن هناك أشكال أخرى لتلقي الشعر غير إلقاءه بشكل مباشر على الجمهور وليس مطلوباً من القصيدة أن تزكّي نفسها أمام الجمهور، ووصف الإلقاء باللحظة الحميمة التي تعني له الرغبة في الاتصال وليس الرغبة في الاختبار نافياً أن يكون للإلقاء علاقة بفنيات القصيدة، وأكّد على أن الحكم بالنجاح من خلال الجماهيرية تحميل لها أكثر مما تحتمل. وتعد الأمسية التي أحياها حدّاد مساءالثلاثاء الأولى له بعد انقطاعه لمدّة عام كامل للتفرغ لأداء مشروعه الشعري الذي دعته للمشاركة فيه الأكاديمية الألمانية للتبادل الثقافي والذي خصصه قاسم حداد للشاعر الجاهلي طرفة ابن العبد. وتحدث حداد أثناء إجابته عن أسئلة الحضور عن هذه التجربة ذاكراً أن الأكاديمية بدأت عملها منذ العام 1964 في استضافة ما يقرب من عشرين مبدعاً في ميادين فنية وأدبية مختلفة لفترة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى سنة يقضيها الضيف متفرغاً لإنجاز مشروعه الثقافي في ألمانيا، وقال أن الأكاديمية تساعد المبدع خلال فترة إقامته على الاتصال بالمجتمع الثقافي والتعرف على التاريخ والتراث الألماني. وأجاب حداد عن سؤال وجه إليه عن حضور القصدية في طقوس لحظة الكتابة لديه، وقال أن لحظة الكتابة هي لحظة بالغة التركيب، وأضاف أن الشاعر يجب أن يصغي إلى الخيال والقلب والعواطف أكثر، وأن لا يترك العقل ليسيطر عليه لكي يكون النص معبراً عنه لأنّ الفن في النهاية هو الخيال، وأوضح بأن العقل يأتي دوره في المراجعة والترميم إن كانت ممكنة. وانتقد حداد ما أسماه الموقف السلبي في الثقافة العربية من الفنون البصرية والذي انحسر في السنوات القليلة الأخيرة، و تحدّث حداد عن تجربته المشتركة مع فنانين تشكيلين ذاكراً أنها جاءت من نزعته لفتح أفق أكبر للكتابة، وقال أن تجاهل التثقافة العربية للصورة أدى إلى خسارة فادحة لأن الجانب البصري يثري المخيلة ويساعد في استنباط الصور الشعرية، وأضاف قائلاً أنه يكتسب تجربة جديدة في كلّ مرة يخوض فيها تجربة عمل مشترك مع فنان تشكيلي ويشحذ إمكانياته الذاتية، ودعا إلى كسر الحدود المفتعلة بين أشكال التعبير. وكشف حداد عن حماسه الشديد للتقنية قبل دخول الإنترنت إذ كان يكتب نصوصه على الكمبيوتر ويدعو أصدقاءه إلى ذلك عازيا الأمر إلى أنّ التقنية لها تأثير نوعي على عملية الكتابة على الشاشة تشبه السحر وتجعل طاقة النص مضاعفة عن طاقته على الورق وعبر عن حبه لطقس الحملقة في الكلمات على الشاشة وتحريكها بأصابعه. وقال حداد أنه يحسد الأجيال اللاحقة لأنها ستتداول تقنيات معرفية لن يتمكن جيله من التعامل معها. وأجاب حداد عن سؤال حول استخدامه تقنية السرد الشعري في قصائده قائلاً أنها تجربة بالغة الجمال وأنه يحب التحرك في السرد الشعري بحرية بعيداً عن الوزن، وقال أن السرد الشعري يقع خارج التجربة العربية، وامتدح حداد السرد الشعري كونه يفتح أفق القصيدة للشاعر ليكتشف جماليات اللغة العربية التي تشرع في منح جمالياتها بشكل لا نهائي بالغ التنوع والثراء. وقرأ حداد في الأمسية القصائد التالية ( الحب، ملاك، نهج السيرة، طيش القناني، سهرة أطول من الليل، حجر الضياع، قل هو الحبّ، السبايا، اللؤلؤة، حكمة النساء، الأصدقاء هناك .