عندما يدخل يسير عزيز بو علوشن (20 سنة) إلى بهو فخم للسينما في مدينة مراكش المغربية، تُقدّم له سماعتي أذنين! كل مقعد هنا مجهز بأدوات لمساعدة المكفوفين وضعاف البصر من محبي الأفلام، للاستمتاع بها. فحين يضع بو علوشن السماعات التي توصل بجهاز استقبال صغير في ذراع المقعد، يمكنه سماع صوت يشرح له تطور الأحداث في الفيلم وإشارات الجسد، وسياق المشاهد، والتفاصيل الأخرى الدقيقة التي من دونها يضيع معنى الفيلم. والفيلم المعروض على هذه الشاشة «للا حبي» الكوميدي الشهير الذي يروي قصة رجل يمرّ عبر مضيق جبل طارق للبحث عن زوجته التي غادرته من أجل رجل آخر، وذهبت للعيش في بلجيكا. ومنذ صدور أول جزء للفيلم في عام 1996، يعد «للا حبي» الأول في شمال أفريقيا الذي يحمل تعليقات سمعية. ويقول بو علوشن: «إنها فكرة رائعة، لم أكن قادراً أبداً على رؤية فيلم منذ أن فقدت بصري، لكنني الآن أشعر بأنني جزء من عالم السينما». وكان بو علوشن فقد بصره في عام 2005، بعد إصابته بمرض نادر في العصب البصري. أما الآن وبعد سبع سنوات، فهو يجلس بجوار مبصرين و «يشاهد» معهم الفيلم ويمكنه أن يضحك وإياهم حين يقوم بطل الفيلم بحركات كوميدية، من خلال تقنية الوصف السمعي. ويقود المغرب الطريق في أفريقيا باستخدام هذه التقنية الجديدة. وقالت نادية الحنصلي من مؤسسة مهرجان مراكش السينمائي الدولي لموقع «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «نحن الدولة الوحيدة في أفريقيا والعالم العربي التي تقدم هذه الفرصة للمكفوفين». وتمّول المؤسسة عملية تحويل الأفلام إلى تقنية الوصف السمعي من أجل المكفوفين. وكان المهرجان السنوي الذي تنظمه عرض أفلاماً بهذه التقنية في العامين الماضيين. وهناك الآن 8 أفلام تحمل وصفاً سمعياً، ومنها «الأطلنطي» (1934)، و «الملكة الأفريقية» (1951) و «شرقي عدن» (1955). وخلال 18 شهراً، سيتم إعداد ستة أفلام أخرى بهذه التقنية. وتكتب الحنصلي النصوص التي يقرأها الفنانون أثناء عرض الأفلام بتقنية الوصف السمعي. وتقول: «فكرنا في عدد الكلمات التي تقرأ، وما هو ضروري لفهم الفيلم تماماً. لذلك أتجنب تقديم كثير من المعلومات التي تربك الذين لا يستطيعون رؤية الشاشة».