أنفاس متراكمة بعضها فوق بعض، شهقات وزفرات عالية، وصرخات مفتعلة متقطعة، وأصوات المعادن ترتطم ببعضها... إذاً أنت في نادٍ رياضي، أو بالأدق نادٍ للياقة وكمال الأجسام، مليء بالشباب وبعض الشيوخ الذين يحملون روح الشباب. منهم من يبحث عن جسم رشيق، ومنهم من يريد التخلص من أرطال الشحوم الزائدة، وآخرون أتوا إلى هنا، من أجل المتعة الروحية والشكلية، البحث عن عضلات مفتولة، وجسم مليء بالتقاطيع الدالة على قوة ما. شبان كثيرون من اشتركوا في الأندية الرياضية التي بدأت فروعها بالتمدد في شكل لافت. في صالات الأندية العملاقة ليس غريباً أن تجد شاباً نحيلاً هزيلاً يصارع القضبان والأوزان، بحثاً عن جسم قوي مدعم بالعضلات، مهملاً طبيعة جسده الضئيلة. لكن لماذا؟ الأمر بات أقرب إلى الهوس لدى شريحة كبيرة من الشبان السعوديين، لدرجة نقلت تلك المعدات الثقيلة إلى المنازل وغرف النوم! عندما يصحو صباحاً يقوم ببعض تمارين الإحماء، قبل أن يبدأ بمصارعة تلك المعدات الثقيلة، ويتكرر الأمر قبل النوم. إذاً لا داعي للاشتراك في النادي ما دامت غرفة النوم تحولت إلى نادٍ مصغر، يمكنه من خلاله، وبمساعدة المنشطات والعقاقير والبروتينات أن يبني جسماً «هرقلياً» في وقت قصير وبجهد قليل. عبدالرحمن الحربي (28 عاماً) مثلاً يعتبر ممارسة الرياضة استثماراً لمن هم في عمره، «فالرياضة مهمة للجسم، لا سيما عند تقدم السن تبدأ فوائد الرياضة بالظهور، وممارستي للرياضة هو نتيجة اقتناعي بأهميتها». ويضيف: «أرى الكثير من الشباب يأتون إلى هنا لبناء الأجسام، وكما أعلم فهم يستعملون منشطات لتضخيم عضلاتهم». ويبدو ظاهراً على جسد جابر الجعيد (25 عاماً) مدى اهتمامه ببناء عضلاته، فلم يجد حرجاً أن يقول صراحة إن الفضل في تضخمها يعود إلى «حبوب البروتين وبعض العقاقير والمنشطات التي أتناولها». ويعتقد الجعيد أنه لا يحتاج إلى إرشادات اختصاصي أو طبيب حول تناوله تلك «العقاقير»، إذ يشير إلى أنه يكتفي باستشارة بعض الأصدقاء من ذوي الخبرة، والقراءة على الإنترنت». ويضيف: «نتنافس أنا والأصدقاء في بناء أجسامنا وعضلاتنا وحمل الأوزان الثقيلة». ويقاطعه صديقه أحمد الغامدي الذي كان أكثر صراحة حين اعتبر الأمر «موضة لا أكثر» أو «نوعاً من الاستعراض»، أكثر من كونه نشاطاً رياضياً يهدف إلى صحة البدن. من جانبه، حذر رئيس قسم الباطنية في مستشفى الجامعة عضو هيئة التدريس بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن الشيخ، الرياضيين من استخدام بعض العقاقير الطبية، خصوصاً هرمون الذكورة الذي يستخدمه بعض الرياضيين لزيادة القوة الجسمانية والبدنية وزيادة معدل نمو وتكوين العضلات. وقال: «هذه العقاقير لها تأثيرات جانبية في غاية الخطورة، وقد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات التي تزيد فيها كميات الجرعة، إذ سجلت حالات في بعض مستشفيات السعودية لرياضيين أصيبوا بجلطات جراء استخدام هذا النوع من الهرمونات عن طريق الإبر». من جانبه، أوضح اختصاصي طب الأسرة الدكتور محمد عبدالرزاق أن العقاقير المنشطة هي «مواد غريبة عن الجسم»، مشيراً إلى أنها حتى ولو كانت طبيعية، إلا أنها تؤخذ بكميات «غير طبيعية»، وبطرق غير معتادة تساهم في رفع اللياقة البدنية في شكل غير طبيعي. ولفت إلى أعراض نفسية لهذه العقاقير، موضحاً أن من أضرار هذه المنشطات الإدمان والاكتئاب النفسي والالتهاب الكبدي وكذلك الأرق والهلوسة، وأيضاً الطفح الجلدي وغيرها من الأمراض الخطرة على حياة الإنسان».