غالبية المهرجانات اللبنانية لا تجتذب المراهقين، لأنها موجهة لفئة عمرية تخطت الثلاثين سنة على الأرجح، لكن الوضع بدأ يتغير خصوصاً مع حفلة الفنان العالمي ميكا الصيف الماضي في بيروت والتي نظمها مهرجانا بيت الدين وبعلبك واجتذبت جمهوراً فاق ال20 الفاً. العرض الذي قدّمته فرقة كين البريطانية لموسيقى الروك ضمن مهرجانات جبيل، برهن مجدداً أن الموسيقى الشبابية يجب أن تكرّس في المهرجانات، وأن تزداد على غرار العروض الأخرى، وهذا ما التفتت اليه أيضاً مهرجانات بعلبك باستضافتها في 25 الجاري فرقة «ديب بيربل» لموسيقى الهارد روك. الوصول الى المدينة البحرية شمال بيروت، كالوصول الى بركان على وشك الفوران: حشود تزحف صوب ميناء جبيل حيث مسرح الحفلة المبني فوق البحر. صراخ يعلو، أضواء تلمع وتخفت، وأجساد باتت متلاصقة من زحمة الأنفاس. الحفلة بدأت. سيطرت الموسيقى على المكان ووصلت الأنغام الصاخبة الى أبعد من خيال الجمهور!. رقص في مساحات لا تتسع للرقص، ووحدهم طويلو القامة تمكنوا من رؤية الفرقة أما قصار القامة فحرموا مرات من رؤية أعضائها الذين كانوا يجوبون المسرح ذهاباً وإياباً. فوجئت كين بجمهورها الذي تجاوز الخمسة آلاف «راقص»، خصوصاً انها زيارتها الأولى للشرق الأوسط، وعبّر أعضاء الفرقة عن ذهولهم وسعادتهم بما يجري. وقال المغني توم تشابلين: «أمر رائع ان نكون بينكم، الطقس جميل، نغني فوق البحر، جمهور متفاعل، ماذا نريد اكثر من ذلك لنعود مجدداً الى هنا؟». قدّمت كين أنجح أغانيها من «Everybody's Changing» إلى «Somewhere Only We Know» مروراً ب «Is It Any Wonder?»، إلى جانب أغنيات أخرى من ألبومها الجديد «Perfect Symmetry». يتميّز هذا النوع من الحفلات أنه مساحة لتحرير الأجساد من ثقلها أو كآبتها، فالموسيقى تثير الحماسة الى الرقص أو القفز أو الصراخ. غنى الجمهور مع الفرقة كل أغنياتها، وعبّر شابلين مغني الفرقة الأساسي مراراً عن صدمته الايجابية من معرفة الجمهور اللبناني بأعمال الفرقة. تدعو أغنيات الفرقة الى الحب والفرح والحياة الهانئة، كما قدّمت أغنية تتمنى فيها أن يحل السلام في العالم، وأن تسقط الأقنعة الخفية التي تتحكم بمصير العالم، وأن تُهدم الحواجز بين الشعوب وتتضامن لمصلحة الجميع. بعد إنشائها عام 1997، عملت كين المؤلفة من المغني توم تشابلين وعازف الدرامز ريتشارد هيوغز وعازف البيانو تيم رايس - أوكسلي، على تأدية أشهر الأغنيات آنذاك، وقدمت حفلات في المملكة المتحدة تضمنت أغاني لفرق «أوازيس» و«يو 2» و «بيتلز». لم تستمر الفرقة على هذا النحو وسرعان ما ألفت أغانيها الخاصة، وبدأت بتقديم جديدها عام 1998، وفي وقت لاحق من السنة ذاتها، غادر تشابلين الفرقة ليتفرّغ لدراسة تاريخ الفن في جامعة «ادنبرة»، إلاّ أنّ غيابه كان وجيزاً فسرعان ما عاد إلى لندن 1999 ليضاعف عطاءه وجهوده في الفرقة. وبإلهام من أغاني تشابلين المفعمة بالإحساس وإبداع رايس - أوكسل، قدّمت الفرقة عام 2000 أغنية منفردة من انتاجها الخاص، وهكذا أبصرت «Call Me What You Like» النور، تلتها «Wolf at the Door» بعد سنةٍ، لكن الفرقة كانت حتى ذلك الحين تعجز عن إيجاد زخمها لا سيّما بعد رحيل سكوت، رغبةً من هذا الأخير بالتفرّغ لدراسته الجامعية في لندن. ودق الحظ أبواب الفرقة عام 2002، عندما حضر سايمون ويليمز، ممثل شركة «Fierce Panda Records» – إحدى حفلات الفرقة في لندن، ومن هناك كانت الانطلاقة والشهرة وصدرت باكورة الألبومات «Hopes and Fears» . ألبومها الجديد «Perfect Symmetry» التي قدّمت أغنيات منه في مهرجان جبيل، مختلف تماماً عمّا أنجزت الفرقة في بداياتها مع «Hopes And Fears»، الذي اتّسم بكلاسيكية أنغام البيانو، وكان ألبوم «Under The Iron Sea» الذي قُدّم بعد سنة من الأول أظهر قدرات الفرقة الموسيقية والكتابية. ويبرز الألبوم الجديد رايس - أوكسلي كأحد أبرع مؤلفي الأغنية البريطانية. نالت الفرقة جائزتي «بريت» (لأفضل اكتشاف وأفضل ألبوم للعام 2005) كما رُشّحت لجائزة «غرامي» عن أفضل موهبة فنية جديدة. وتواصل النجاح مع اعتلاء ألبومها الجديد المرتبة الثانية بين أكثر التسجيلات مبيعاً في بريطانيا.