طرحت إستقالة جورج شهوان من رئاسة نادي الحكمة مجدداً مشكلة تمويل الأندية في لبنان، التي تدور في فلك مرجعيات أو متمولين، و"تتمتع" بجمعيات عمومية "وهمية" لا تقدّم أو تؤخر، ما يجعل القرار المركزي لا سيما في شأن التمويل والرعاية محصوراً بشخص واحد، ما يؤثر سلباً عموماً على الإستقرار والتطوير. ولعلّ "ظاهرة" التأرجح الإداري في نادي الحكمة في الأعوام الخمسة الأخيرة خير دليل، خصوصاً بعدما "تحكّمت" بالفرق موازنات إحترافية وإنفاق "خيالي" في ضوء قدرة السوق اللبنانية وحجمها، في مقابل قاعدة إدارية هاوية أو غير صلبة كفاية. ولعلّ أزمات كثيرة "تنخر جسد" الرياضة اللبنانية الضعيف المناعة جراء ذلك. والمشكلة القديمة – الجديدة تعيد الى الواجهة قضية تمويل أفراد للجمعيات الرياضية في لبنان، التي تتأثر عموماً بأحوال هؤلاء وأوضاعهم المادية أو قرارهم الإبتعاد لأسباب أخرى مشروعة، وهي كثيرة. ولعل ما كُتب لكرة السلة اللبنانية من مطبات موسمية يجعلنا نعتقد أنها تدفع ضريبة تألقها في المحافل الخارجية والإستحقاقات الدولية. كما كُتب على نادي الحكمة أن يعيش مخاضاً مزعجاً في أواخر كل موسم أو في مستهله منذ إستقالة أنطوان شويري عام 2004، اذ لم يعمّر هنري شلهوب طويلاً في رئاسة النادي. وبعدما تلقف شهوان "كرة النار" أعلن أول من أمس "إستقالة نهائية" بعدما فشل في الوعد الذي قطعه على نفسه منذ ثلاثة أعوام لدى تسلّمه مقدرات النادي العريق بتحويله الى مؤسسة منتجة، اذ قوبل دائماً بالدعم المعنوي والمؤازرة الكلامية وتُرك وحيداً ينفق على فرق كرة السلة وكرة القدم، فبلغت الموازنة المسددة في ثلاث سنوات 4 ملايين دولار. وما جعل شهوان يفرمّل إندفاعه تأثر مشاريعه وأعماله جراء الأزمة العالمية، فكان قراره وبعد مراجعات عدة، مؤكداً في الوقت عينه بقاءه في "عائلة الحكمة معنوياً ومادياً" ومساعداً في التمويل. وطبعاً الإسهام الجديد لشهوان لن يتعدى 100 ألف دولار سنوياً، فضلاً عن مساهمة مطرانية بيروت المارونية التابعة لها مدارس الحكمة ومعاهدها وولية النادي ب200 ألف دولار، والمجموع 300 ألف دولار مبلغ لا يكفي لتحقيق جزء من أحلام تشكيل فرق منافسة على البطولات خصوصاً في كرة السلة. *** رئيس الحكمة جورج شهوان أنفق 4 ملايين دولار في 3 سنوات ثم استقال "قرفا" *** وطرح شهوان موقفه مطلقاً في الوقت عينه مبادرة "حلّ" مفادها أن تتولى المطرانية والرابطة المارونية التي تضم 1100 منتسب من أعيان الطائفة، مقدرات ادارة هذا الصرح "الذي سعيت أن يبقى للجميع بعيداً من كنف أي مرجعية سياسية على عكس أندية أخرى". وما أعلنه شهوان متوقع تفاقمه، خصوصاً أنها الخطوة "السلبية الثانية" في أوساط كرة السلة، بعدما قرر ممول نادي بلوستارز ورئيسه ماريو سرادار وقف إنفاق موازنات لمستوى إحترافي. كما تردد أن رئيس نادي الرياضي، بطل لبنان والأندية العربية، ينوي الإستقالة في ضوء قرار المرجعية السياسية تقليص موازنة فريق كرة السلة الى مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ لا يلبّي الطموحات، مع التذكير بالأزمة التي عاشها النادي في منتصف الموسم بعد تمرّد لاعبيه، والتي كادت أن تطيح بالبطولة كاملة. وفي إطار كرة القدم التي تعيش أزمة تمويل أيضاً معطوفة على أزمتها الفنية وتخبطها الإداري مع إقتراب موعد إنتخابات لجنتها العليا الجديدة (7 آب/أغسطس المقبل) المتوقع الا تحمل جديداً "خيّراً"، ستعاني فرق عدة من شحّ الموازنات ومنها الأنصار. وذكر مطلعون أن رئيسه كريم دياب قدّم إستقالته. وهذه كلها مؤشرات تنعكس على أداء اللاعبين وبعضهم آثر الابتعاد. كما أن كثراً من عناصر منتخب كرة السلة الذي يستعد لبطولة آسيا في الصين، خاض مباريات دورة قطر الدولية الأسبوع الماضي "جسدياً" بينما محور تركيزه ينصب على مصيره في الموسم المقبل خشية عودته من بطولة آسيا حاملاً تأهلاً جديداً لنهائيات المونديال وفريقه حُلّ وناديه أوصد أبوابه، وذلك في ضوء خطوة "الكبيرين" الحكمة وبلوستارز، واتجاه رئيس نادي الشانفيل ميلاد السبعلي الى الإبتعاد طوعاً أيضاً. مؤشرات "مزعجة" تعيد طرح مشروع إعتماد سقف للإنفاق وميثاق شرف يرعى هذا التوجه، تواكبه خطوات تنموية تقطف ثمارها لاحقاً، والا فإن الأحلام الزاهرة ستذبل سريعاً.