القاهرة - أ ف ب - أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنه قرر «وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سورية في شكل فوري»، متهماً الحكومة السورية ب «تصعيد الخيار الأمني» ما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا، فيما اعتبر المجلس الوطني السوري قرار الجامعة العربية بوقف عمل المراقبين بأنه «عملية إيقاف خجولة». وقال العربي في بيان رسمي إنه قرر بعد مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب «وقف عمل بعثة المراقبين العرب في سورية في شكل فوري». وأوضح أن هذا القرار اتخذ «بالنظر إلى تدهور الأوضاع في شكل خطير في سورية والى استمرار استخدام العنف وتبادل القصف وإطلاق النار الذي يذهب ضحيته المواطنون الأبرياء، وبعد أن لجأت الحكومة السورية إلى تصعيد الخيار الأمني في تعارض كامل مع الالتزامات المنصوص عليها في خطة العمل العربية وبروتوكول بعثة مراقبي جامعة الدول العربية، ما زاد من تدهور الأوضاع الأمنية في شكل خطير وارتفاع عدد الضحايا واتجاه الأحداث نحو منحى يبتعد تماماً عن طبيعة مهمة بعثة الجامعة التي كانت كلفت بالتحقق من التزام الحكومة السورية بتعهداتها». وأكد العربي في بيانه أنه أصدر «تعليمات لرئيس البعثة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة أفراد البعثة». واعتبر عضو مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري محمد ياسين قرار الجامعة العربية وقف عمل المراقبين العرب في سورية بأنه «عملية إيقاف خجول، بخاصة بعدما سحبت دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب مراقبيها»، وقال النجار ل «الحياة» إن «موقف الجامعة في شأن المراقبين هو إقرار بما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أثناء الاجتماع الوزاري الأخير في القاهرة حينما أعلن سحب المراقبين السعوديين وأكد رفض بلاده أن تكون شاهد زور» في عملية المراقبة. وفيما وصف النجار وقف الجامعة عملية المراقبة بأنها «عملية استدارة إلى الخلف من خلال تجميد مبدئي» لأعمال المراقبين، أشار إلى أن «تلك الخطوة جاءت تحت تأثير تشابك تفاعلات الوضع في سورية»، مشيراً إلى اجتماع مجلس الأمن ومشاورات مكثفة بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا والقوى المؤثرة في الملف السوري. وحذر النجار من أن تطورات الأحداث في سورية حالياً تؤكد «أن النظام يدفع إلى الحرب الأهلية»، مستشهداً بالقصف الذي تعرضت له بعض الأحياء في اللاذقية أمس، وقال إن «القصف يهدف إلى الزعم بأن هناك حرباً طائفية وليست ثورة ضد النظام». ودعا النجار روسيا إلى اتخاذ موقف حاسم لمنع حرب أهلية، وقال: «نركز الآن على مجلس الأمن (...) كما أن هناك تركيزاً على التأثير على الموقف الروسي بممارسة ضغوط من دول عدة، باعتبار أن مصالح روسيا ستتأثر من موقفها الحالي، لأن القضية السورية باتت قضية إنسانية على المستوى العالمي»، ونوه في هذا الإطار بمواقف دول مجلس التعاون الخليجي وما وصفه ب «التناغم السعودي القطري» في شأن الوضع السوري. وذكرت الجامعة في بيان أصدرته السبت أن أمينها العام «سيتوجه إلى نيويورك الأحد بدلاً من السبت وذلك بعد تأجيل جلسة مجلس الأمن إلى الثلثاء المقبل بدلاً من الاثنين». وكان العربي أعلن الخميس أنه سيغادر مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بصفته رئيساً للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية السبت إلى نيويورك لحضور اجتماع لمجلس الأمن الاثنين لعرض الخطة العربية الجديدة حول إنهاء الأزمة السورية وطلب «مصادقة» المجلس عليها. يذكر أن وزراء الخارجية العرب دعوا الأحد الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة إلى «بدء حوار سياسي جاد في أجل لا يتجاوز أسبوعين» من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهرين وطالبت الرئيس السوري بشار الأسد بتفويض صلاحيات كاملة إلى نائبه الأول للتعاون مع هذه الحكومة. وقرر الوزراء إبلاغ مجلس الأمن بمبادرتهم الجديدة ومطالبته ب «دعمها». ودعت دول أوروبية وعربية الجمعة مجلس الأمن إلى دعم خطة تدعو الرئيس السوري إلى التنحي عن السلطة، لكن روسيا أكدت أن مشروع القرار الذي تقترحه هذه البلدان يتجاوز «الخطوط الحمر» التي حددتها موسكو. وتقدم المغرب بمسودة القرار التي وضعتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول عربية، إلى الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن على أمل إنهاء أشهر من عجز الأممالمتحدة في شأن الوضع في سورية. ويطالب النص «بأن تضع الحكومة السورية فوراً حداً لكل الهجمات والانتهاكات لحقوق الإنسان» ضد السكان المدنيين. ويقول مشروع القرار إن «على كل الأطراف في سورية وبينها المجموعات المسلحة أن توقف فوراً أي عمل عنف». كما يشير إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجامعة العربية على سورية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي و «يشجع» كل الدول على تبني «إجراءات مماثلة». إلا أن النص لا يتضمن أي إجراءات ملزمة. وقال السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين بعد انتهاء اجتماع المجلس إن النص «تجاوز خطوطنا الحمر التي لا يمكن تخطيها»، مؤكداً أن روسيا تعارض فرض أي عقوبات أو أي حظر على تصدير الأسلحة أو «تغيير النظام» ولكنها على استعداد لمواصلة الحوار. ويؤكد مشروع القرار أن مجلس الأمن «يدعم بقوة» خطة وضعتها الجامعة العربية نهاية الأسبوع الماضي وتتضمن بنداً يتعلق بنقل صلاحيات الرئيس السوري بشار الأسد إلى نائبه تمهيداً لتنظيم انتخابات جديدة. وسيتوجه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني إلى بروكسيل الاثنين لمحادثات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندريس فوغ راسموسن تتعلق بسورية. كما سيلتقي الثلثاء بمسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. وكان رئيس بعثة المراقبين العرب في سورية محمد الدابي أعلن الجمعة أن معدلات العنف في سورية «تصاعدت في شكل كبير» خلال الأيام الثلاثة الأخيرة «وبخاصة في مناطق حمص وحماة وإدلب». وأضاف إن «الوضع بما هو عليه الآن من عنف لا يساعد على تهيئة الظروف أمام القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري العربي في اجتماعه الأخير والتي تهدف إلى دفع كافة الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار». وكان 165 مراقباً من الجامعة العربية بدأوا مهمتهم في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي إثر اتفاق مع الحكومة السورية يقضي بأن يتحققوا من التزام دمشق بخطة عمل عربية تنص على وقف العنف ثم بدء حوار وطني سوري يضم الحكومة والمعارضة للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة.