بعد تأخر دام لأكثر من خمسة أعوام على انتظار الوظيفة التعليمية لنحو أربعة آلاف خريج وخريجة من تخصص التربية الخاصة، لاح في الأفق بوادر لحل أزمة خريجي التربية الخاصة في السعودية، إذ التقى عدد من الخريجين وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل في جدة الأسبوع الماضي، وعرضوا ملفاً بمطالباتهم بعد معاناة ظلت تلازمهم طيلة تلك المدة من دون حصولهم على وظائف تعليمية. وأكد عدد من خريجي التربية الخاصة إحالة ملف تأخر تعيينهم إلى التحقيق بحسب توجيه وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل، ومتابعة من نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد السبتي، مشيرين إلى وعد الأمير خالد الفيصل للخريجين خلال لقائه بهم بمحاسبة المقصرين في عدم تعيين الخريجين خلال تلك الفترة. وحاولت «الحياة» التواصل مع المتحدث الإعلامي لوزارة التربية والتعليم مبارك العصيمي للاستفسار والإيضاح عن لقاء وزير التربية والتعليم خريجي التربية الخاصة، بيد أنه لم يتجاوب مع اتصالات الصحيفة المتكررة. من جهته، أوضح المتحدث باسم خريجي وخريجات التربية الخاصة عبدالله القرني ل «الحياة» أن الخريجين طالبوا خلال لقائهم وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل بإظهار الحاجة الحقيقية لتخصصات التربية الخاصة، إذ إن الحاجة الفعلية أعلى من ما أعلنته وزارة الخدمة المدنية بكثير، مشيراً إلى أن عدد الخريجين الذين حضروا أمام مقر مكتب وزير التربية والتعليم في جدة بلغ 150 خريجاً من مختلف المسارات بالتربية الخاصة. وقال القرني: «إن إحصاء وزارة الصحة لذوي الاحتياجات الخاصة في السعودية يزيد على 720 ألفاً، إضافة إلى إشارة إلى درس أجراه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بيّن أن عدد ذوي صعوبات التعلم يصل إلى 500 ألف طالب وطالبة في المراحل التعليمية كافة، ما يعني وجود ما لا يقل عن مليون وربع المليون من ذوي الاحتياجات الخاصة في السعودية، بينما تكتفي وزارة التربية والتعليم بتقديم خدماتها لأقل من 54 ألفاً فقط، منهم أقل من 24 ألفاً من ذوي صعوبات التعلم». وبيّن القرني أن عدد خريجي المسارات الجديدة التي استحدثت مثل اضطرابات اللغة والنطق منذ عامين بلغ أكثر من 200 طالب من أربع جامعات، ولم يتم الإعلان إلا عن 100 رقم شاغر فقط، مرجعاً تلك المشكلة إلى مديري المدارس بعدم رفعهم بأعداد الحاجة الحقيقية، وتفاقمها لإدارات التربية والتعليم بالمناطق المختلفة. وأشار إلى منافسة المعلمين من هم على رأس العمل للحصول على وظائف التربية الخاصة، وذلك من أجل الحصول على العلاوة السنوية بعد حصولهم على دبلومات تتيح لهم التحويل إلى تخصص التربية الخاصة، إذ زادت من إشكال الخريجين من حملة البكالوريوس بعدم توظيفهم، مبيناً أن عدد خريجي التربية الخاصة العاطلين عن العمل يصل إلى حوالى أربعة آلاف خريج وخريجة. وأفاد بأن عناصر التحقيق التي حددها نائب وزير التربية والتعليم مع الخريجين هي تحويل المعلمين على رأس العمل بالتعليم العام إلى معلمي تربية خاصة بعد حصولهم على الدبلوم وتجاهل خريجي بكالوريوس التربية الخاصة، واكتفاء الوزارة بخدمة حوالى 30 ألفاً من ذوي الاحتياجات الخاصة من أصل 720 ألفاً، مع ترشيد التعيينات في مسار الإعاقة السمعية وتغطية حاجتها بالدبلوم، إضافة إلى تقديم الوزارة خدمات صعوبات التعلم لأقل من 24 ألفاً من أصل 500 ألف طالب وطالبة، وعدم الاعتراف بمساري التدخل الباكر وتعدد الإعاقات، وإيقاف تعيينات مسار الموهبة والتفوق، وأخيراً آلية تحديد حاجة التربية الخاصة. فيما أكد أحد خريجي التربية الخاصة عبدالله الشهري ل «الحياة» أن وزارة التربية والتعليم أعلنت العام الماضي، تجديدها لعقود معلمين مقيمين في السعودية في تخصصات الرياضيات والتربية الخاصة، مسار اضطرابات نطق ولغة، متسائلاً عن سبب تجديد عقود المعلمين المقيمين وتجاهل الكوادر السعودية المؤهلة. وقال الشهري: «إن حاجة المدارس السعودية لمعلمي التربية الخاصة لا تقل عن 17 ألف معلم، لخدمة 100 ألف طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ إن عدد المدارس في السعودية التي تحوي فصولاً لطلاب الاحتياجات الخاصة بلغ نحو 1800 مدرسة فقط من أصل 10 آلاف مدرسة». .. و«الخدمة المدنية» تخلي مسؤوليتها من توظيف «الخريجين» أخلت وزارة الخدمة المدنية مسؤوليتها من توظيف خريجي التربية الخاصة، باعتبار أن دورها يتمثل في شغل الوظائف والحاجات التي تردها من الوزارات، وأن إعلان الوظائف للخريجين يتم بحسب حاجة الجهات للموظفين، مبينة أن الحاجة تحددها وزارة التربية والتعليم، وترفعها إلى وزارة الخدمة المدنية. وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الخدمة المدنية عبدالعزيز الخنين ل «الحياة» أن إطلاق خريجي التربية الخاصة حملة للمطالبة بتعيينهم وتوظيفهم في وزارة التربية والتعليم على مواقع التواصل الاجتماعي أمر يعود إلى الخريجين أنفسهم، لافتاً إلى أن دور الوزارة يتمثل في شغل الوظائف والحاجات التي تردها من الوزارات، وأن إعلان الوظائف للخريجين يتم بحسب حاجة الجهات التي تريد التوظيف، وفقاً لضوابط المفاضلة للمتقدمين. وأضاف الخنين «الحاجات تحددها وزارة التربية والتعليم، وترفعها إلى وزارة الخدمة المدنية، وما يختص بالتربية الخاصة فهو أكثر من مسار، وتم الإعلان عن عدد الحاجات للتخصص، وإذا كان هناك استياء من مجموعة لم يصلها الدور وتم توظيف مجموعة غيرهم ممن سبقوهم في المسار نفسه فهذا أمر طبيعي، وأي مواطن يتقدم للحصول على وظيفة فيتم تعيينه وفقاً لضوابط الوظيفة المعلنة، ولكن ليس له الأقدمية أو الأولوية».