وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    الأرصاد: انخفاض ملموس في درجات الحرارة على أجزاء من شمال ووسط المملكة    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الربيع العربي» وصعود التيارات الإسلامية: تحديات وفرص
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 2012

لا يستطيع أي شخص أن يجادل في أن أحد أهم الأطراف المستفيدة حتى الآن مما جرى وصفه ب «الربيع العربي»، كان التيارات الإسلامية، وذلك مع الإقرار بالطبع بأنها تنطوي على تنوع واختلافات، بل أحياناً خلافات، في التوجهات والسياسات وإستراتيجيات العمل.
الصعود السياسي لتلك التيارات لم يكن مفاجئاً لأي محلل جاد، بل جاء نتيجة طبيعية لتفاعلات ومعطيات نمت بشكل تراكمي على مدار تلك الفترة الزمنية، وأيضاً من دون إغفال تأثيرات أدوار أطراف خارجية، سواء إقليمية أو دولية.
ويطرح هذا الصعود العديد من التحديات والفرص، ليس فقط أمام هذه التيارات، ولكن أيضاً، وربما يكون ذلك هو الأهم، أمام المجتمعات العربية التي شهدت هذا الصعود، خاصة وقد جُسد في نتائج محددة للانتخابات في كل من مصر وتونس.
أما التحديات، فتخص من جهة التيارات الإسلامية ذاتها، من حيث كيفية ودرجة ومدى سرعة التأقلم مع واقع سياسي مختلف يقبل مشاركة هذه التيارات في العملية السياسية على قدم المساواة مع القوى السياسية الأخرى، ولكن يتطلب منهم ذلك بدوره إعادة مواءمة لنهج التعامل مع هذه البيئة السياسية المتغيرة التي أصبح لهم فيها شركاء، ولو كانوا منافسين لهم، حديثي التعامل معهم، من منطق القبول المتبادل والإقرار بنسبية الحقيقة عندما يتعلق الأمر بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ومتطلبات تغييره نحو الأفضل، سواء داخلياً أو خارجياً، وبالتالي الإقلاع تماماً عن ثقافة «التكفير» الصريح أو الضمني أو التلويح به، وهو ما يجب بدوره أن يتزامن مع تخلي القوى السياسية كافة، الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، عن ثقافة «التخوين»، وكذلك كيفية بلورة صيغ عمل تعاوني مشتركة مع القوى السياسية الأخرى بغرض إدارة مشتركة للمراحل الحرجة القادمة في مسار الدول العربية ذات الصلة، على أساس ضمان وجود نطاق واسع من الإجماع، أو على الأقل التوافق الوطنى، وبالتالي الدعم الشعبي لخطط العمل وإستراتيجيات التحرك والسياسات التي سيتم اتباعها في هذه الدول خلال الفترة المقبلة.
ولكن التحديات تعني أيضاً المجتمعات المعنية ذاتها على أكثر من مستوى، فهذه المجتمعات عليها أن تتجاوز ما جرى تسميته بحالة «الاستقطاب الديني/ العلماني»، مع تحفظاتنا على تعريف مكونَيْ كلٍّ من المفهومين (أي الديني والعلماني)، وإنهاء حالة التخوف، أو على الأقل الترقب والشك المتبادل، وصولاً إلى إنجاز حالة توافق وطني تستند إلى الأرضية العريضة للمشترك الناتج عن الثقافة الاجتماعية والموروث التاريخي وتطور السياق المجتمعي ذاته على مدى العصور. ويتعين على هذه المجتمعات أيضاً أن تواجه واقعاً جديداً، مفاده أنه لن يمكن من الآن فصاعداً إلقاء العبء على الحكومات غير المنتخبة ديموقراطياً الموجودة في الداخل، أو «تآمر» قوى الخارج في ما يتعلق بالمسؤولية عما تواجهه هذه المجتمعات من أوجه قصور واختلالات هيكلية يستلزم تجاوزها توظيف القوى السياسية كافة، الصاعدة أو الجديدة منها على وجه الخصوص، وهو ما يشمل بالضرورة التيارات الإسلامية، بهدف إيجاد مواجهة حقيقية لمشكلات تلك المجتمعات وأسبابها وجذورها العميقة، بعيداً من إلقاء اللوم على الآخر، ومع تجنب كل من التهوين والتهويل على حد سواء، وبهدف إيجاد حلول قابلة للتطبيق، وأيضاً بما سيتطلب بالضرورة إدخال تعديلات محورية على الثقافة الاجتماعية، بهدف إنهاض روح المبادرة والجد والتفاني بعد طول تراخٍ، نتيجة تمادي ثقافة الاعتماد شبه المطلق على الدولة بوصفها «الأب» المسؤول عن توفير كل شيء لأبنائه «المواطنين».
وإذا انتقلنا من تناول التحديات إلى عرض الفرص، فهي بدورها أيضاً تنقسم إلى ما يخص التيارات الإسلامية ذاتها وتفاعلها مع القوى السياسية الأخرى، وأيضاً ما يخص المجتمعات العربية التي شهدت تحولات «الربيع العربي»، ففي ما يخص التيارات الإسلامية، فالواقع الجديد يطرح فرصة حقيقية للقبول المتبادل مع القوى السياسية الأخرى مع تعدد منطلقاتها، ولكن أيضاً فرصة حقيقية للمشاركة، إن لم يكن النصيب الأكبر، في تحمل مسؤوليات تنفيذية ذات طابع مباشر تخص حياة الأوطان والشعوب اليومية واحتياجاتها وعلاقاتها الخارجية ومصائرها، وهو ما يفرض بدوره على هذه التيارات مراجعة بعض الأفكار والطروحات التي تخص طبيعة العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، على أساس أن تحولات «الربيع العربي» تتطلب إثبات هذه التيارات لمصداقية إقرارها المعلن بتداول السلطة والاحتكام إلى الانتخابات كوسيلة للتعبير عن الرأي والالتزام بالضمانات الخاصة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية. ولكن الأمر لا يتوقف عند الصعيد السياسي، بل يتجاوزه إلى المجال الاقتصادي/ الاجتماعي، حيث أظهرت أحداث «الربيع العربي» وثوراته وانتفاضاته، أن العامل الاجتماعي كان هاماً للغاية في دفع قطاعات عريضة من المواطنين للخروج إلى الشارع احتجاجاً على أوضاع اجتماعية ظالمة اتسمت بالاستغلال والتفاوت الطبقي الحاد بين من يملك ومن لا يملك، وغياب الخدمات الأساسية عن قطاعات واسعة من المواطنين باتت تنادي بالعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروات والدخول، وهو الأمر الذي يتطلب مراجعات مماثلة على الأقل من تلك التيارات الإسلامية الصاعدة.
وعلى صعيد الفرص أيضاً، يمكن الحديث عن فرص للمجتمعات ذاتها، نظراً لأن اللغة الدينية هي ليست فقط لغة مشتركة للمواطنين المسلمين، بل في الكثير من الأحيان مع غير المسلمين أيضاً، وبالتالي يمكن بقدر من المبادرة والتوظيف لما حققته التيارات الإسلامية من صعود سياسي بارز، إعادة ترتيب أولويات مفردات الخطاب الديني مجتمعياً، في ضوء تفهم السواد الأعظم من المواطنين لها، وبحيث يتم تشجيع قيم العمل الجاد والمتقن وإعلاءها، وكذلك قيم الأمانة والصدق والتعاون والإيثار والتضحية والتسامح وقبول التعدد والتنوع، مع الاحترام المتبادل، وذلك حتى يتم تشكيل منظومة قيمية بارزة تُعتبر النموذج، ويتم الترويج لها بهدف إدخال تحولات إيجابية في الثقافة الاجتماعية، وذلك عبر وسائل الإعلام ومناهج التعليم ووسائل الاتصال والتفاعل الاجتماعي كافة.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.