مركز الملك سلمان للإغاثة ينظّم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع فبراير المقبل    بلسمي تُطلق حقبة جديدة من الرعاية الصحية الذكية في الرياض    وزارة الداخلية تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    وزارة الصحة توقّع مذكرات تفاهم مع "جلاكسو سميث كلاين" لتعزيز التعاون في الإمدادات الطبية والصحة العامة    أمانة جدة تضبط معمل مخبوزات وتصادر 1.9 طن من المواد الغذائية الفاسدة    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    أوروبا تُلدغ من جحر أفاعيها !    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيارات الإسلامية تهيمن على المشهد فى دول الربيع.. لماذا؟

في البدء رأى رئيس تحرير صحيفة الغد الأردنية سابقًا الدكتور موسى برهومة، أنّ صعود الإسلاميين في العالم العربي يأتي كنتيجة لهزيمة الخطابات السياسية القومية واليسارية والتي وعدت الناس بأفكار والتزامات كبيرة لكنها لم تف بوعودها، فلم يكن من هذه الشعوب إلى اللجوء لتجريب خطاب الإسلاميين لأنّهم كانوا في السابق يفتقدون لمثل هذا الخطاب والذي تعرض للتهميش والإبعاد عن دائرة الحكم وبالتالي عمل على اختياره في إشارة منهم على أنّ هذا الخطاب هو الأقدر والأجدر على تجسيد تطلعات وآمال المجتمع العربي في هذه المرحلة، منوهًا على أنّ الرهان يكمن في أن يستطيع التيار الإسلامي قيادة دفة البلاد وحمل تطلعات الشعوب العربية حيث كان بعيدًا لعقود طويلة عن العمل السياسي العملي، هذا هو الرهان الحقيقي في أن يبينوا للناس مصداقية خطاباتهم، معتبرًا في نفس السياق أنّ هذا هو المأزق الحقيقي الذي ينتظر خطاب جماعات الإسلام السياسي في مجريات العمل السياسي وفي إطار تسلم مؤسسات الدولة، فهل هي قادرة على أنّ تحافظ على خطاباتها الإسلامية وتقود مؤسسات الدولة في نفس الوقت هنا يكن السؤال.
السرية والعلنية
وحول مظاهر التعدد والاختلاف بين أطروحات الإسلاميين في كيفية إدارة الحكم في تلك البلدان اعتبر أنّ هذا التناقض عائد إلى تحول الخطاب الإسلامي من السرية إلى العلنية الناتج عن المتغيرات السياسية وآخرها تسلمهم دفة الحكم، فربما نجد هذا التناغم في الخطابات السياسية وفي قضايا الحكم تحديدًا، لكن البرنامج السياسي وطبيعته هو الأهم، فالشعوب التي خاضت الثورة تريد أن تتحرر من الاستبداد التي كانت تعيش فيه، وإذا ما استبدل استبداد زين العابدين على سبيل المثال باستبداد آخر يحمل الثوب الإسلامي فإنّ هذا يعني أنّ الإسلاميين قد خذلوا الشارع، وعلى أثر ذلك يرى برهومة بوجوب احترام إرادة الناس وخياراتهم السياسية في العملية الانتخابية، وأن نعرف بأنّ درب الديمقراطية درب طويل فما علينا إلاّ الصبر وانتظار النتائج على أرض الواقع لنعرف مصداقية هؤلاء في الشارع وعدم الاستعجال في الحكم على تجربتهم في الفترة الحالية.
الصحوة الإسلامية
وبدوره أرجع المحلل السياسي الأستاذ ياسر الزعاترة السبب الأول في صعود التيار الإسلامي في دول الربيع العربي إلى الصحوة الإسلامية المنتشرة في العالم العربي والتي ساهمت في دفعه ورفعه ولم تأت إلا نتيجة النضال السياسي الذي مارسه هذا التيار في العقود الأخيرة حيث رافقها تعذيب وسجن واضطهاد، إضافة إلى أنّ الإسلاميين كانوا يواجهون الهجمات الشرسة المختلفة على الأمة إلى جانب مواجهة الاستبداد السياسي، فمن باب الوفاء لهذه النضالات التي قام بها الإسلاميون انتخبت الشعوب هؤلاء وأوصلوهم إلى سدة الحكم، منوهًا بأنّ فشل التيارات الأخرى المنافسة على الساحة وتحالفها مع الأنظمة من اليساريين والعلمانيين أدى أيضًا إلى رفع شعبية التيار الإسلامي وتصدره على الساحة، مؤكدًا بأنّ المعركة التي يخوضها هذا التيار كبيرة لا سيما فيما يتعلق بالموضوع الداخلي، فهناك صراع موجود في داخل بلدان الربيع العربي ويتمثل في بقايا الأنظمة السابقة التي لن تسمح للإسلاميين بسهولة الوصول إلى السلطة لأنّ المؤسسة الأمنية هي الأقوى حتى هذه اللحظة، فالساحة السياسية في الفترة الحالية تشهد صراعًا محتدمًا على الصلاحيات سواء كان ذلك في ليبيا أو مصر أو تونس، مشددًا على أهمية أن يتحرك الإسلاميون على المستوى الداخلي وبالتأكيد هي لن تكون مثل الأنظمة السابقة التي لم تقدم الكثير للشعوب العربية والتي جاءت بتوجيهات خارجية على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية، حيث سيطرح الإسلاميون نماذج اقتصادية وسوف يتقاطعون في ذلك مع الشرفاء من التيارات الأخرى، فالمعركة ستكون قائمة في ظل قوى الهيمنة الخارجية والتي لم تترك الإسلاميين وهم يمارسون العمل السياسي من دون ممارسة الضغوط عليهم.
وحول تعاطي الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة مع تلك النخب الإسلامية والجديدة للمجتمعات العربية أكد أنّ الغرب يحدد علاقاته مع التيارات السياسية بناء على مصالحه والمتمثلة في النفط وتحديد العلاقات مع الكيان الصهيوني ومكافحة الإرهاب، فبناء على هذه الأمور الثلاثة سيعمل الغرب على تحديد علاقاته مع هذه التيارات
إخفاق الآخر
من ناحيته أكد مدير مركز القدس للدراسات السياسية الأستاذ عريب الرنتاوي وجود جملة من الأسباب قادت إلى تصدر التيار الإسلامي للمشهد السياسي في دول الربيع العربي، من ضمنها فشل التيارات العربية الأخرى مثل: الليبرالية والقومية والاشتراكية، وفي مصر تحديدًا لم تقدم تلك التيارات إصلاحيات سياسية جذرية، ولم تمارس دورًا واضحًا تجاه القضية الفلسطينية، إضافة إلى أنّ وجود مؤسسات خيرية وتعليمية ومجتمعية ذات نفوذ واضح للإسلاميين في العديد من الدول العربية، فكل هذه العوامل أدت إلى تسيد التيار الإسلامي المشهد السياسي في هذه الدول، وبدأت التيارات الإسلامية بالصعود وبالتحديد التيار السلفي وبدرجة أقل التيار الإخواني، مشيرًا إلى أنّ عامل الثورة الإيرانية أدى إلى موجة صعود الإسلاميين على الساحة السياسية، وبرز هناك صراع قائم ومعلن بين التيارات السنية والشيعية في ظل وجود أنظمة مستبدة لم تسمح للتيار الإسلامي بالظهور العلني والواضح، لكن ربيع الثورات العربية أطاحت بتلك الأنظمة، وبرزت حاجة ملحة لظهور قوى جديدة لقيادة الشارع متمثلًا ذلك في التيار الإسلامي.
انطباعات مسبقة
وأشار إلى أهمية عدم إصدار أحكام مسبقة على الإسلاميين باستثناء تجربة حماس التي كانت خاضعة لعوامل سياسية خاصة، لكنهم سيواجهون في دول الربيع العربي خيارات سياسية صعبة، من خلال قدرتهم على التكيف مع معطيات الاقتصاد والسياسة والتشابكات الإقليمية الحاضرة في المعادلة السياسية، مؤكدًا أنّهم إن تمكنوا من ذلك فإنّهم بإمكانهم التكيف مع مجتمع مدني وإن لم يكونوا قادرين على التكيف مع هذه المعطيات فإنّهم سيواجهون صعوبة في الاستمرارية، فهنا يكمن الرهان على نجاحهم، فالتعاطف الشعبي مع الإسلاميين بسبب أنّهم كانوا أشد التيارات قمعًا سينتهي هذا كله فور تسلمهم الحكم، مشيرًا إلى أهمية إيجاد برامج اقتصادية وسياسية واجتماعية في فترة الحكم السياسي للإسلاميين، فإن نجحوا في ذلك فسوف يستمروا وإن فشلوا فإنّ الشعوب سوف تلفظهم مثل ما لفظت غيرهم، وفي نهاية هذا العقد سيكون الإسلاميون أمام خيارين إما أن يحددوا الاستمرار في المعترك السياسي وكسب مصداقية الشارع من خلال نجاحهم في مهمتهم أو أن يسيروا في ركب إنتاج أنظمة شمولية مستبدة كما هو الحال مع سابقها.
موجة جديدة
وفي سياق متصل اعتبر الصحفي والمتخصص في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور كمال حبيب أنّ هناك موجة جديدة في العالم العربي تتمثل في صعود الإسلاميين للمشهد السياسي وانتقالهم من حالة المعارضة إلى الحكم، كما هو حاصل في دول الربيع العربي، وبالتالي فإنّ الشعوب العربية أمام ظاهرة جديدة تتمثل في انتقال الإسلاميين من المعارضة إلى الحكم وتختلف من بلد إلى آخر، والتأثير الفاعل لهذا التيار هو الثورات سواء كانت في ذلك في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، منوهًا على أنّ الجماهير تريد أن تجرب هذا التيار فهي لم تجربه من قبل، وتعطيه الفرصة لترى خياراته المتمثلة في الإسلام، فهذا التيار يعدّ قريبًا من روح الجماهير، وبالتالي تريد أن تعطيه فرصة وترى مدى مصداقيته وها هو الحاصل في تونس ومصر ومن قبل في المغرب ممثلًا ذلك بحزب العدالة والتنمية، مشيرًا إلى أنّ هذا التيار بات يعبر عن نفسه بشكل ناجح في مختلف المجالات الدينية والاجتماعية والتربوية، وكذلك السياسية، خصوصًا بعد وجود فراغ سياسي يتمثل في سقوط الأنظمة العربية وبدأ التيار الإسلامي يملأ هذا الفراغ.
المعارضة والحكم
وحول قدرة الإسلاميين على تحقيق تطلعات الشعوب العربية وقيادة دفة البلاد قال: الإسلاميون نجحوا في المعارضة لكن مسألة الانتقال للحكم وقدرتهم على أن يقودوا دفة بلادهم نحو مشروع إسلاموي نهضوي، وتحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي للشعوب هنا يكمن التحدي الرئيسي، وهل لديها القدرة في طرح البرامج لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية حيث لم تأخذ اهتمامًا كبيرًا بقدر ما أخذت القضايا الفكرية والثقافية ومسائل تطبيق الشريعة والهوية الإسلامية.
تحصيل حاصل
من جانبه أكد عضو الهيئة العليا للدعوة والإرشاد والفتوى لأهل السنة والجماعة بالعراق الدكتور علي النعيمي أنّ هذا الصعود الحالي للإسلاميين هو تحصيل حاصل ونتيجة للعوامل الحزبية المضطربة بين الأحزاب العلمانية والإسلامية ولاضطهاد الحكومات وقمعها للأحزاب الإسلامية وبخاصة الإخوان المسلمين وتحمل الإسلاميين غير الحزبيين ودفعهم ثمن الأحزاب، والتي ساهمت بشكل واسع لنقل صورة عن القمع الذي يصيب كل من يلبس ثوب الدين سواء تحزب أم لم يتحزب، مشيرًا إلى أنّ التيار عمومًا يمثل الاضطهاد الذي أصاب الجماعات الإسلامية ثمّ إنّ حالات المجتمع تختلف من بلد إلى آخر فمثلًا في مصر تختلف عن ليبيا وعن سوريا باعتبار أنّ المصريين رغم الضغوطات لكن كانت الدعوة السلفية تعمل على قدم وساق وكذلك الإخوان، ونتج عن ذلك كله تهيئة مجتمع لديه أرضية كبيرة إسلامية على أرض الواقع، معتبرًا بأنّ العلماء والدعاة السلفيين كانوا سببًا في تقليل الأخطاء وسببًا رئيسيًا في تخفيف العداوة بين الشعب وبين قوى الجيش فكانوا قد أعطوا الجيش وكل مفاصل الحكومة الأمن والطمأنينة حتى لا تستثير فيهم روح الانتقام والخوف عما سيحصل بهم باعتبارهم يتبع النظام يتهمهم بالظلم والاستبداد، وأما الحالة في سوريا فهي مغايرة تمامًا للواقع، ومشيرًا إلى أنّ الصوفية هم الذين يسيطرون على البلد بنسبة تزيد على 80% وليس للسلفية أي دور والإخوان كعادتهم يتلونون عندهم ونفس القابلية في بقيه البلدان في مسألة الاختراق وليس للعقيدة عندهم اهتمام لذلك فإنّ الأرضية الدعوية في المجتمع السوري متوقفة وتحتاج إلى انضباط وعلى الجماعة السلفية الظهور على المجتمع بثوب الحاضن وليس العدائي.
المنهج والعقيدة
وحول قدرة الإسلاميين على قيادة دفة البلاد وتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي، رأى أنّ أرضية الدعوة في مصر قوية وستشهد دورًا كبيرًا وتستطيع إنجاز ما لم تنجزه كل الحكومات السابقة، فإذا ما تمت الاستقامة على المنهج والعقيدة والتروض في مسائل البناء والإصلاح فسيؤدي ذلك إلى انعكاس كبير في حياة المجتمع المصري المسلم المتدين، أما في ليبيا فإنّ النعيمي يشير إلى أنّ ما أخذ بطرق غير شرعية لا يمكن استقامته، بل الواجب على الجماعات الإسلامية في ليبيا العمل على إبعاد هؤلاء الذين تترتب عليهم ذمم الأبرياء والذين قتلوا على يد الناتو وكذلك وقوفهم على أبواب الغرب الكافرين.
ليست حديثة
من جانبه رأى المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري، أنّ التيارات الإسلامية موجودة دائمًا، وليست حديثة ولا عارضة على المنطقة وما يدور فيها، ولكنها لم تجد مكانًا من قبل لأسباب خارجية وداخلية في الدول العربية، وحول أسباب صعود الإسلاميين فلأنّهم بحسب الأحمري أصحاب عمل مكثف وقديم، ولأنّهم يمثلون المجتمع إلى حد كبير ثقافة وتطلعات، ولأنّ المجتمع يرى فيهم حلًا لمشكلاته بسبب الدين لا بسبب المتدينين، وقد ينقذون أو يخذلون مجتمعاتهم لا أحد يعلم، أما عن المؤثر الخارجي فهو أن الخارج رفع يده عن مواجهتهم واختصاصهم بالعداوة، كما فعل ذات يوم مع توجهات أخرى أيضًا، ويبدو العالم اليوم متفهمًا لهذه التحولات، مشيرًا إلى أنّ قبول الوجوه الجديدة في المنطقة من قبل الغرب مقدر لشعبيتهم التي ستوفر استقرارًا للبلاد وبهذا أيضًا يتوفر استقرار للمصالح الغربية أيضًا، قائلًا: «لا أحد يدري إن كانوا قادرين أم لا ولكن الشرعية الشعبية والتوسع الأفقي والنوعي إذا توفر لهم فإن هذا يجعلهم أقرب أن يكونوا قادرين على معالجة الكثير من المشكلات، وهي شروط للنجاح إلى جانب غيرها مما لا يجعل للقائل أن يقول بإمكان نجاحهم بسهولة، مؤكدًا أنّ الجماهير تبحث عن إنقاذ شامل في الشريعة أو غيرها والاستبداد كرّههم في كل ما كان يمثله سابقًا.
أسباب ذاتية
على الصعيد نفسه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أسامة عثمان أنّ صعود التيار الإسلامي عائد، في المقام الأول، إلى أسباب ذاتية تُعزى إلى الفكرة الإسلامية، وما تنطوي عليه من جاذبية وعدالة في نظر شريحة واسعة من المسلمين العرب؛ ذلك أنّ الحس الديني راسخ في وجدان الأمة، وهو يدعو إلى البحث عن حلول للمشكلات اليومية في الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى وجود اطرادا متزايدا منذ عقد من الزمان، أو يزيد في كثرة الاستفتاء، في مجمل القضايا اليومية والحياتية، ولا سيما، بعد انتشار الفضائيات الدينية، وغيرها، وبعد انتشار «الإنترنت» وهذا مؤشر على زيادة الاهتمام بالحلال والحرام، كما هو دالٌ على تنامي الثقة بالمرجعيات الدينية والفقهية، وقد توسعت الأسئلة، حتى شملت أمور المال والاجتماع والسياسة، ففي مثل هذه البيئة الخصبة تستطيع الحركات الإسلامية أن تحصد مزيدًا من النجاح، وأن تكون مظهرًا من مظاهر هذه القناعات والتوجهات، منوهًا على أنّ لتراجع التيارات الفكرية والسياسية الأخرى، كالماركسية والعلمانية والقومية، أثرًا في هذا الصعود ولا بد أن يُملأ الفراغ، إضافة إلى أنّ ازدياد العدوان الصهيوني في فلسطين والمنطقة، وتوجُّه اليهود في فلسطين إلى مزيد من التدين والعنصرية؛ فكان التدين وتسييس الدين، بنسبة من النسب، وعند شريحة من المسلمين، ردةَ فعل على تدين في الطرف النقيض، زِدْ على ذلك بروز «المحافظين الجدد» في الولايات المتحدة الذين كانوا أكثر توظيفا للدين، حتى أعلنها بوش الابن حربًا صليبية، وكان العراق مسرحًا وباعثًا لتنامي التوجه الديني الإسلامي في الصراع والتحرير، كما أنّه وعلى المستوى المحلي كان هناك إخفاق كثير من النظم الحاكمة في حل مشكلات شعوبها، وتحقيق التنمية المرجوة، واستبدادها في نفس السياق باعثًا للبحث عن بديل لم يُجرَّب من قبل، ولم تُتح له فرصة حقيقية للحكم.
الحركات المعتدلة
وحول تعاطي الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة مع تلك النخب السياسية الجديدة للمجتمعات العربية أكد أنّ الولايات المتحدة أعلنت أنّ ما يهمها هو الأعمال والبرامج، أكثر من الأسماء، كما صرحت بقبولها للحركات المعتدلة كالإخوان المسلمين، وغيرهم، ممن لا ينتهجون العنف، ويقبلون التعددية السياسية، ويحافظون على «حقوق الإنسان» و«الأقليات» و«حقوق المرأة» وكذلك الموقف الأوروبي، مشيرًا إلى أنّ أمريكا والغرب ربما اضطرتا إلى التسليم بقوة هذه الحركات والقوى، وأنَّ القبول بالتحول الديمقراطي لا يتناسب وإقصائها، ما دامت تتعهد بالتزامها قواعدَ اللعبة الديمقراطية، وتتعهد بالالتزام بالاتفاقات والالتزامات الخارجية، ومن ضمنها العلاقة ب «إسرائيل» كما في مصر، مثلًا، مضيفًا بأنّ الولايات المتحدة والغرب يدركون أن طُفُوَّ هذه القوى على السطح أفضل من بقائها في السر، أو كبتها؛ لأنّ ذلك قد يدفعها إلى «التطرف» أو يقوِّي الحركات «المتطرفة» عليها، حينها تتعزز دعاويها بأنَّ الغرب لا يعاملنا إلا بالكره والعدوان؛ فلا بدَّ من مقابلته بالمثل.
نضال سياسي
وفي السياق ذاته أكد نائب الأمين العام للهيئة العليا للدعوة والإرشاد والفتوى لأهل السنة والجماعة بالعراق الدكتور فخري القيسي أنّ الصعود كان نتيجة نضال دام لأكثر من 50 عامًا، وقال: الناس يئست من الأطروحات القومية وخرجت بنتائج عكسية حولها، مشيرًا إلى أنّه مبدأ إيزنهاور يقول بأنّ احتفاظ شعوب الشرق أوسطية بإسلامها يبعد كل البعد السوفييت والصين عن المياه الدافئة، أما النفط فسيضمن تدفقه عند احترام الإسلام، مستشهدًا بقول ابن خلدون والمتمثل في أنّ أقوى عصبية لإقامة الحكم هو العصبية الدينية وخصوصًا عند العرب لأنّهم حملة الرسالة بقدر الله المقدر، معتبرًا أنّ هناك ربًا لا شك فيه وله إرادة رضا وهي دينه الذي ارتضاها لخلقه فزرع الفطرة فيك شئت أم أبيت فهي مزروعة فيك تنادي ليل نهار بأن لا خيار لك إلاّ ما اختاره الله لك وهو العليم الحكيم.
مغازلة الأنظمة
بدوره اعتبر رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط والباحث المتخصص في الإسلام السياسي الدكتور عمار علي حسن إن التيارات الإسلامية على مدار العقود الماضية كانت دائما قادرة على مغازلة الأنظمة، وقال: يشهد على ذلك التاريخ، حيث تعاون الاخوان في مصر مع ثورة يوليو ثم السادات، ولم يحدث صدام مع مبارك، وهذا كان سلوكهم في اغلب دول العالم العربي واستغلت هذا في ترسيخ وجودها في التربة الاجتماعية لهذه الدول. وعلى التوازي كانت الأنظمة تشجع تمدد واستمرار الجماعات الدعوية التي لا تمتلك مشروعات سياسية بحيث تضيف لأنظمتها جيوشًا جديدة من الأتباع والأنصار، ونظرا لإخفاق هذه الأنظمة في النهوض بدولها التي عانت شعوبها المرض والفقر، يصبح من الطبيعي ان تتطلع هذه الشعوب إلى العودة للدين وهذه ظاهرة عالمية والعالم العربي ليس ببعيد عنها بل يقع في قلبها، باعتبار ان الدين مكون رئيسي من الهوية الوطنية والثقافة العربية.
نسيج الوطن
ومن ناحيته رأى الكاتب والخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والمرشح لعضوية البرلمان المصري عمرو الشوبكي أن المجمعات العربية تعد تاريخيًَا متصالحة مع التيارات الإسلامية المعتدلة، فهي جزء من نسيج الوطن وليست مستوردة من الخارج لذا فالمهم في هذه الحركات التي تحولت إلى أحزاب ان تحترم قواعد الديمقراطية والدولة الحديثة والدستور والقانون، وأضاف أن المجتمع الغربي مضطر للتعامل مع هذه التيارات المعتدلة التي أصبحت أمرًا واقعًا وتمتلك زخما جماهيريا كبيرا، خاصة بعد أن برهنت النظم الدكتاتورية التي حكمت لسنوات طويلة انها غير قادرة على إصلاح نفسها وغير قادرة على الحد من الحركات الإسلامية المتشددة.
السلطة للشعوب
في السياق ذاته أجاب خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد اللاوندي على نفس التساؤلات بالقول: إن الاشتراكية أخفقت والرأسمالية أصابت العالم بالأزمات ولم يعد يبقى غير الطريق الإسلامي، وبخاصة ان المؤشرات تقول إن الأحزاب الأكثر تنظيما هي الأحزاب الإسلامية، وأضاف إننا امام موجة من التيارات الإسلامية الصاعدة، وبخاصة ان السلطة أصبحت للشعوب التي صحت مجددا، فهي التي تقرر وليست الأنظمة، وأضاف انه لا مبرر في التشكيك في وطنية هذه الأحزاب فهناك لكل منها أيديولوجيات وليس أجندات كما يتقول البعض، فحزب الوسط أكثر تفتحا واعتدالا من الإخوان، والإخوان أكثر اعتدالا من السلفيين، وهكذا، كما ان فوز هذه الأحزاب بالأغلبية يعني أنها تمثل تطلعات الشعوب العربية الإسلامية، وان الحكم النهائي سيكون الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.