أكد صندوق النقد العربي أن الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها دول في المنطقة سببها الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها شرائح كبيرة، وأن نسب النمو الجيدة التي كانت تشهدها اقتصادات عربية لم تصل ثمارها إلى كل شرائح المجتمع. وأشار مديره العام جاسم المناعي في افتتاح دورة بدأت في أبو ظبي أمس بعنوان «سياسات النمو الشامل في منطقة الشرق الأوسط»، إلى أن بعض الدول اتبع سياسات قصيرة الأمد مثل زيادة الدعم والأجور من أجل تخفيف المشقة على المواطن العادي، مؤكداً أن سياسة النمو الشامل يجب أن تتصف بالاستدامة لرفع مستوى المعيشة للمجتمع وللأجيال المقبلة، على رغم أن هذه السياسات تعمل على التحفيف من حدة المشكلة في المدى القصير. ودعا هذه الدول إلى أن تبدأ في التحرك نحو سياسات مالية أفضل وأكثر استدامة مثل الإنفاق على البنية التحتية والتعليم والصحة التي ستؤدي في النهاية إلى إرساء قواعد النمو الشامل بدلاً من الاستمرار بسياسات الدعم التي تحتاج إلى الكثير من الترشيد والتي لا تميز بين من يستحق الدعم ومن لا يستحقه. بيئة ملائمة كما دعا المناعي الحكومات للعمل على توفير بيئة ملائمة مثل تحسين الأطر القانونية التي تحمي حقوق الدائنين والمساهمين، والعمل على تفعيل مبدأ الشفافية لإتاحة المساءلة والحوكمة السليمة وضمان قواعد عمل تقوم على الشفافية، إضافة إلى العمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي ودعم المنافسة في السوق المصرفية. وقال: «يجمع معظم صناع السياسات على أن النمو عنصر أساس وجوهري في أي استراتيجية تهدف إلى معالجة مشكلتي الفقر والبطالة، بخاصة نسب النمو المرتفعة التي تعمل بالنهاية على رفع مستوى المعيشة. وبطبيعة الحال فإن العلاقة بين نسب النمو المرتفعة وتقليص الفقر والبطالة تعتمد في الدرجة الأولى على طبيعة النمو». وأضاف: «حتى يحقق النمو الأهداف المنشودة يجب أن يكون شاملاً بحيث يأخذ منظوراً طويل الأمد وأن يركز على اليد العاملة المنتجة وخلق وظائف جديدة للطبقات الفقيرة، ما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي وتحسين توزيعه بين طبقات المجتمع المختلفة». وأوضح أن النمو سيكون شاملاً عندما تؤمن الفرص الاقتصادية جنباً إلى جنب مع ضمان المساواة في الوصول إليها. وأكد العربي أن سياسة النمو الشامل لن يكتب لها النجاح إذا لم يكن هناك نظام مالي شامل، لأن «وجود النظام المالي أصبح واجباً وضرورة نظراً إلى الأهمية التي يلعبها القطاع المالي في تحقيق النمو الشامل... إن وجود قطاع مالي ديناميكي سيساهم في تحقيق نتائج اقتصادية أفضل. فالوظائف الكثيرة للقطاع المالي التي تتمثل في تجميع المدخرات وتقويم أفضل للاستثمار وإدارة الأخطار، وخفض تكلفة المعاملات وإجراء عملية المقاصة وتسوية المدفوعات والآلية لانتقال أثر السياسة النقدية، لا بد أن تعود بالنفع على الاقتصاد ووتيرة نموه». الحد من الفقر والبطالة ويشارك في الدورة التي ينظمها معهد السياسات الاقتصادية في صندوق النقد العربي بالاشتراك مع البنك الدولي وتستمر خمسة أيام، 32 مبعوثاً من 16 دولة عربية. وتتناول الدورة مواضيع مهمة عدة تتركز على محاور رئيسة أهمها النمو والحد من الفقر والبطالة، والقطاع الخاص ودوره كمحرك للنمو، واقتصاد المعرفة والنمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي والقطاع المالي ودوره في التنمية.