التحولات التي تطرأ على حياتنا في الفترة الأخيرة تحتاج الى تدوين، ولعل في ذلك إفادة للأجيال الآتية من بعدنا، إذا أتت. الظواهر التي يصعب عدّها تثير اسئلة: كيف حدث هذا؟ أين بدأت سلسلة التبدلات؟ وكيف تكون النهاية؟ الوصول الى أجوبة في حر هذا الصيف (حلّ القيظ باكراً والأشجار ذبلت في الشارع الطويل) ليس غرض هذه السطور. لا بد من ان نكتفي بوصف ما حدث وربما لاحقاً يتاح لنا التأمل والتحليل. بين الظواهر الأولى التي تسترعي الانتباه («تسترعي» كلمة غريبة) ظاهرة تربية الجرذان. جرذان مستوردة من وراء البحر، مع شهادات ميلاد ووثائق طبية لازمة، إضافة الى «دليل التربية» المطبوع بالألوان على ورق صقيل. يُقال أنها هُجنت في أستراليا والبرازيل وأوروبا. معظمها يأتي من ألمانيا الآن، بالبحر والجو، وأصنافها كثيرة، وكذلك أسعارها. صحيح أن مدينتنا البحرية مشهورة بحبها للجديد وبسرعة استيرادها للعادات الأجنبية، ومع هذا لا بد من السؤال: كيف انتشرت هذه العادة الجديدة بهذه السرعة؟ صار صعباً ان تقطع طريقاً قصيرة من بيتك الى المتجر من دون ان تعترضك سبعة جرذان: حيوانات أليفة كبيرة الحجم ملونة العيون ناعمة الفراء - بعضها صغير كالكلب - تُربط بالرسن وتتراقص امام السيدة أو خادمة السيدة. هناك خدم يأتون من أقصى آسيا خصيصاً للاعتناء بها. يُقال ان مهارتهم في تربيتها غير طبيعية. ثمة شاعر نشر قصيدة هجائية في هذه الجرذان البيضاء كالثلج. في بلد من العالم الثالث تشكو فيه فئات الجوع وفقر الدم، لا يجوز استيراد الجرذان (بحسب الشاعر المذكور) من وراء الحدود. لا تُطعم إلا من علب لحم معدنية مختومة. وأدويتها باهظة السعر. لا بد من تحميمها بالمياه الفاترة ثلاث مرات كل يوم، ودائماً ضروري ضروري، إضافة سائل مطهر الى مياه الغسل، لحماية الجرذان من آفة الحشرات: للأسف الحشرات موجودة في الطريق، وكذلك في الهواء. التلوث فظيع. الغازات السامة في هواء المدينة قد تؤذي هذه الجرذان. ضمّن الشاعر قصيدته بعضاً من هذه الملاحظات ساخراً، فشن آخر هجوماً عليه وبيّن له في قصيدة أطول، ومستخدماً استعارات بليغة، اهمية الحيوان الأليف في الحضارة الحديثة: إنه مفتاح التمدن ومن دونه يفقد الإنسان صلته بالجانب الروحاني فيه وعلاقته بالطبيعة الأم. لم ينته النقاش عند هذا الحد. كتبت صحيفة افتتاحية عنوانها: «الإنسان أولاً». واستدعى تكاثر الردود تدخل الحكومة خصوصاً بعد انتشار شائعة عن وجود مجموعة تدس السم في المساحات الترابية حول أشجار الشوارع للتخلص من هذه الحيوانات. البوليس تنصت على اتصالات وأحبط في اللحظة الأخيرة تفجير وكالة لاستيراد الجرذان من النمسا. ما نُشر بخصوص ذلك آنئذ يكفي ولا حاجة للإطالة هنا. فقط هذه الملاحظة: لماذا سُمح أصلاً بنشر تلك القصائد العالية اللهجة؟ لكن في المقابل كيف تُبنى الدول بلا حرية؟ اذا أراد شاعر ان يهجو شاعراً - أو جماعته - كيف نمنعه؟ المسألة محيرة ولا بد تبعاً لهوبز من قوانين ضابطة. في حقبة سابقة - متخلفة؟ - من تاريخ مدينتنا شاعت تربية القطط السيامية، وتربية الأحصنة القزمة، وفي فترة أخرى الكلاب والببغاوات وفئران ال «همستر» التي تركض على العجلة الصغيرة حتى يفقع قلبها. لكن هذه الجرذان العجيبة ظاهرة غير مسبوقة! حتى في بلد المنشأ لم تعرف هذا الانتشار. هل يعكس الأمر حقيقة نفسية أعمق فينا؟ لماذا نُقبل على اقتنائها الى هذا الحد؟ في بيت واحد مكون من رجل وامرأة وثلاثة أولاد، إضافة الى خادمتين (الأولى خادمة، الأخرى مربية للأولاد، ومن قبل كانت «الطباخة» تسكن الغرفة جنب المطبخ لكن مرضاً باغتها واضطرت للرجوع الى الوطن)، في بيت كهذا تجد احياناً ثلاثة جرذان من ثلاثة أنواع مختلفة (أبهاها الآن «الجرذ الإنكليزي»، ويسمى هكذا مع انه يُستورد من بلاد الغال)، ما يسبب إزعاجات تكون «البناية» بغنى عنها، ولكن ما العمل؟ «دليل التربية» مطبوع بالفرنسية في باريس، وهناك نسخ أخرى منه مترجمة الى الإنكليزية توزع مجاناً على باب الجامعة، مع جريدة الجامعة، هدية. تقعد السيدة وتشرب الشاي مع البسكويت ساعة العصر وتشرح للخادمة ما كُتب فيه. هذه الحيوانات لينة الطبع ولا تعض، مع ان أسنانها تثير خوف الأطفال (لكن لماذا نتكبر على خوفنا؟ تثير خشية الكبار ايضاً. بعضها بحجم حمار صغير وإذا اعترض طريقك امام الدكان، في مكان الظل، وجب ان تهرع الى الجهة الأخرى، حيث الشمس حارقة). لا تعض ولا تنبح كالكلاب، وفي الكونسرفتوار يعلمونها الغناء. أذنها موسيقية وتفضل البيانو على اي آلة أخرى. صوتها غير مرتفع (يُقال ان جرذاً «سوبرانو» أدهش جمهوراً غفيراً في برلين سنة 1919، لكن هذه حال نادرة) وحركة رأسها تثير الدهشة. وكذلك حركة ذيلها. بهذه الحركة البسيطة للرأس أو للذيل تتفاهم مع الأقران. عند اللقاء في الشارع، عند تقاطع طرق، يحدث تفاهم سريع بين الجنسين أو - بالعكس - تظهر عدائية مفاجئة. على المارين أخذ الحيطة والحذر في هذه الحالة. تربية الجرذان ليست إلا ظاهرة واحدة مثيرة للحيرة. ولعلها بدأت تنتهي إذ يلاحظ ان انتشارها انتقل من الأحياء الميسورة الى الأحياء الفقيرة. للوهلة الأولى قد يظن مراقب أجنبي أن هذا دليل على تفاقم الظاهرة لا على قرب زوالها. لكنه واهم ولا يعرف مدينتنا. كثر بدأوا يتخلصون من حيواناتهم الأليفة! يبيعونها بأسعار بخسة. أو يتركونها في الطريق! طبعاً، لا يمكن تأكيد هذا إلا بمرور السنوات والعقود. التاريخ بطيء، أبطأ من قطار بلا وقود. غيبون لاحظ وهو يدوّن «انحدار الامبراطورية الرومانية وسقوطها» وجود علامات تدل الى النهايات، أو دنوها. حتى الساعة هذه العلامات غير ظاهرة بخصوص ما نتكلم عنه هنا: الأرصفة متسخة. وحتى تتضاءل الأوساخ على الرصيف علينا ان نتحمل. هذا يأخذنا الى ظاهرة أخرى: الحياة الليلية. صحيح ان مدينتنا معروفة بانفتاحها على الليل ومباهج الليل لكن ما يحدث غريب: فجأة باتت لحظة الغروب لحظة لتحول المدينة كاملة من عالم الى عالم آخر. أولاً مظهرها الخارجي يتبدل. هذا مفهوم في جميع مدن العالم الثالث: الظلام يخفي التشوهات في بدن المدينة، وحتى أمراضها الجلدية تتلاشى إذا حلت العتمة. لكن ما يُلاحظ الآن، إضافة الى تبدل الملابس وهذا طبيعي، وتبدل الأمزجة وهذا ايضاً طبيعي، ما يُلاحظ الآن هو ظهور علامات مرض غامض في العيون والأصابع. علينا ان ننتبه هنا الى عبارة «مرض غامض» فهي عبارة غير دقيقة. كلمة «مرض» تومئ الى تعب وألم ومعاناة، وهذا غير مقصود هنا. ما نقصده ابسط، لكنه أشد تعقيداً ايضاً. كيف؟ ألا يوقعنا هذا الكلام في مفارقة؟ هذا بالضبط ما نبحث عنه: الحياة الليلية استعارة لهذه المفارقة التي تحكم حياة مدينتنا («التناقض» كلمة أخرى، لكنها لا تعبر كفاية). ستيفنسون كتب عن رجل يتحول الى آخر وهو يعبر تقاطع طرق في متاهة لندن الحمراء المضاءة بمصابيح. لم يكتب عن مدينة يتحول سكانها جميعاً الى «غيرهم» عند غروب القرص الناري الأحمر. في البدء كان ذلك صعباً بالنسبة الى كثر: هؤلاء طالما فضّلوا الجلوس في البيت على الكنبات امام التلفزيون. المدن الشرقية تحب الحياة العائلية. لكن ما حدث - بمرور الأيام والأعوام وتكاثر المقاهي والمراقص - ان التلفزيونات كفت عن الإرسال ليلاً. اي جهة (محلية؟ دولية؟) اتخذت هذا القرار الغريب بإيقاف الإرسال الليلي للتلفزيونات، لا نعلم. التحليل العلمي يفضي الى خلاصة وحيدة: السوق تُقرر. لم تتخذ اي جهة القرار المذكور. ما حدث ببساطة ان الناس تركوا مشاهدة التلفزيون ذات ليلة وبعد ذلك ماتت سوق الإعلانات التلفزيونية، ما افضى الى موت التلفزيون الليلي. بقيت تلفزيونات النهار طبعاً، لكن هذه موزعة على مداخل البنايات والمجمعات التجارية لمراقبة الداخل والخارج. تلفزيونات مراقبة أمنية ولا تبث إعلانات وليست فعلاً مهمة (حتى الحراس لا يشاهدون برامجها). موت التلفزيون ظاهرة غير مفهومة: ماذا أخرج كل هؤلاء البشر من بيوتهم الى شوارع المساء؟ ناس في ثياب وناس بلا ثياب يعجون في هيجان على أرصفة المقاهي وفي مراقص مربعة ومستطيلة ودائرية. مع ان بعضهم لا يملك في جيبه ثمن تنكة وقود سيارته القديمة. يُقال اشياء كثيرة في تفسير هذه الظاهرة. وبعضهم يربطها بوضع معامل الكهرباء، وكذلك مصلحة النقل المشترك. هذا غير منطقي. لكن ما هو «غير منطقي» منتشر ايضاً في بلادنا، وبكثرة. اقترحت إحدى الحكومات الأخيرة (هذه تتبدل بسرعة لنقل السلطة من يد الى أخرى ما يعزز المشاركة والتلاحم والوحدة) تنظيم الحياة الليلية وتوسيعها، أولاً لحب المواطن للسلوى والضحك، ثانياً لكونها تجذب السياحة من أقطار العالم الى هذا القطر الصغير. وُضعت الخطة بعد استشارة مكاتب هندسية كبرى في اهم مدن العالم. جرى تصميم سقف جلدي أسود للمدينة، يُشد على أعمدة شاهقة العلو تنصّب في أطرافها، ما يمنع أشعة الشمس من بلوغ الشوارع في ساعة الصباح. نُفّذ الأمر وصار الليل أطول وبالفعل اكتملت حجوزات الفنادق وبُنيت فنادق جديدة وارتفع الدخل الفردي للمواطن وعمت البحبوحة. لم يبق شخص بيننا لم يفتح مطعماً أو فرناً للمناقيش أو دكاناً للشاورما والفلافل. محلات الثياب صارت قفران نحل. المسابح ازدهرت على نحو غير مسبوق: صار مستحيلاً أن ترى ذرة رمل على الشاطئ الرملي بسبب الأقدام التي لا تُعد. هذه الزحمة الخانقة، أضف إليها وجود السقف الجلدي الأسود الذي يمتص اشعة الشمس، سبّبا ضيقاً للبعض يشبه ما يشعر به أهالي فينيسيا (البندقية) صيفاً. لكن حتى هؤلاء (الذين تضايقوا) لم يحتجوا. بالنسبة إليهم كل شيء يهون امام مراحل سابقة كانت البلاد فيها غارقة في الحروب والدم. تمكن السقف المصمم في نيويورك من إطالة الحياة الليلية وأعطى البلد ازدهاراً فعلياً. من إيجابياته ايضاً انه حسّن الحياة الفنية: الفنانون تنافسوا على رسم لوحاتهم «فوق»، على القماشة السوداء. رسموا قمراً ونجوماً وغيوماً بيضاً. يصعدون على سلالم عالية كبهلوان السيرك وفي الأعلى يبدعون لوحات زيتية. وكل شخص يشتري اللوحة التي يريدها وتسجل باسمه ويعطى «وثيقة ملكية». لاحقاً، عند فك هذا السقف (ذات يوم يعتق ويكون علينا تبديله)، سيجري تقطيعه، وكل واحد يأخذ لوحته. الشركات التي تبيع المكيفات هي الرابح الأكبر. السقف رفع حرارة المدينة. وهناك خطة لتكييف المدينة كاملة، بشوارعها وساحاتها ومواقف سياراتها وملاعبها. يمكن إذا نُفذ هذا المشروع الطموح تحويل جزء من المدينة الى «مساحة قطبية»، بجليد وفقمة وبطريق وبيوت صغيرة للأسكيمو. وزارة السياحة وضعت الخطط اللازمة. حتى اللحظة يبدو الأمر خيالياً. ولعله لن يُنفذ ابداً. هذا يأخذنا الى الظاهرة الثالثة (هل هي الثالثة؟): التنافس على التخطيط. بينما تقطع الطريق تسمع الناس يخططون طوال الوقت. مع ان المجلات الأجنبية تذكر بوضوح ان مفتاح السعادة هو «الإقامة في اللحظة الحاضرة» وبلا خطط كثيرة. المستقبل يهتم بنفسه وليس عليك إلا عيش هذه الدقيقة. لكن ما يلاحظ الآن هو عكس ذلك: حيثما ذهبت ترى الناس يتجمعون، في ظل شجرة يابسة، امام دكان فواكه وخضر، في مدخل المجمع التجاري، وراء موقف السيارات، جماعات جماعات، وكلهم منهمكون بالتخطيط. وكلهم يقترحون خططاً شاملة. وكلهم عندهم حجج ورؤيا. وكلهم يبحثون عن المصلحة العامة للمدينة والبلاد وهذا العالم. إن اصرارهم على تجاوز الذات صاعق ويُصيب المرء العادي بالدهشة. لا أحد منهم يهتم بنفسه. هذا الذوبان للفرد في الجماعة ظاهرة أخرى مرتبطة بظاهرة «التنافس على التخطيط». حتى الفرد الفنان الذي يتسلق سلم السيرك العجيب الى السقف الأسود كي يرسم لوحة صغيرة أو يخط حروفاً تشبه اللوحات، حتى هذا الفرد لا يبدو حقيقياً، لا يبدو مستقلاً، لا يبدو كياناً قائماً بذاته. تراه «فوق»، معلقاً مع أدواته وألوانه، وتخشى عليه من السقوط ومن فك الرقبة إذا لم ينزل بسرعة من مكانه العالي. الجاذبية لا ترحم. كيف نقيس سرعة سقوطه إذا سقط من فوق؟ نيوتن ما زال يُدرّس في مدارسنا. بسبب الاحتفالات القائمة هذه السنة، بالتنسيق مع اليونيسكو، قام نحات ذائع الصيت بنحت ثلاثة تماثيل في مركز المدينة، بينها تمثال للفيزيائي المذكور وآخر لكاتب روسي من القرن التاسع عشر (النحات درس في بلاد الروس زمناً وتأثر بتلك الفترة من شبابه) والثالث لرجل لا أحد يعرف من يكون! ترك الوجه ضبابي الملامح، والغريب ان كل من ينظر الى التمثال يحسب انه تمثاله هو! هذه ليست خدعة بصرية. النحات صقل الوجه حتى صار املس كسطح مرآة. (التمثال مرمر، قطعة واحدة ضخمة جُلبت على الباخرة من صقلية). لم نتكلم بعد عن ظاهرة المرض الغامض في العيون والأصابع. أوشكنا على ذلك ولم نفعل. ماذا يحدث في عيون الناس؟ وهل تبدلت ايماءات الأصابع والأيدي حقاً في الفترة الأخيرة، أم ان هذه أوهام فرد مراقب يتعب من المراقبة؟ لعل المرض فيه لا في الناس! لكن إذا كان هذا صحيحاً فلماذا يتكاثر زبائن الصيدليات، ولماذا تتكاثر عيادات الطب النفسي ولماذا تتكاثر المستشفيات؟ تستطيع ان تحصي 11 مستشفى في شارع واحد! هل هذا طبيعي؟ أليست هذه ظاهرة أيضاً؟ لكن الأهم من هذه الظواهر هو التغير الجغرافي الذي أصاب المدينة. هناك تلال تختفي وأخرى تظهر في هذا الشريط الضيق الممتد على طول الساحل. في فترة سابقة توسعت المدينة وأكلت قسماً من بطن الجبل القريب. لكن ما يحدث الآن أعجب: هناك أودية تظهر فجأة حيث كانت الطريق! يُقال إن هذه حفر عملاقة وهنا ستوضع أعمدة وأساسات لأبنية عملاقة لن تكتمل إلا بعد خمس سنوات! هذا قد يُفهم. لكن ماذا عن الجبال؟ فجأة يظهر جبل حيث كان مرفأ صغير لصيادي السمك. يُقال ان هذه أتربة رُفعت من ذلك الوادي الذي وقفت أمامه قبل لحظة مستغرباً ما ترى! يُقال ردم. يُقال هذه زبالة المدينة. في الوقت نفسه تتكاثر الطرقات الزجاج. طرقات لا تُعبّد بالإسفلت لأنها معمولة من زجاج. تنظر نزولاً وترى الناس يسعون تحت قدميك في مدينة أخرى تنتشر تحت المدينة. في البداية كان المكان تحت الطريق والحديقة مخصصاً للسيارات: بعد ذلك فتح أحدهم مطعماً في مدخل الموقف، وآخر فتح صالة سينما، وهكذا تدريجياً انتشرت الحياة تحت. والآن توجد خطة لبناء مساكن خفيفة من القطن فوق السقف الأسود الجلد الذي يحجب الشمس عن الطرقات. مدينة بثلاث طبقات، مع مصاعد للحركة عمودياً، وأحسن ان تكون المصاعد زجاجاً ايضاً، شفافة، ويحيا الواحد في الضوء. ضوء الكهرباء. النيون الأبيض يطن في أذنيك وأنت تقطع الممر الطويل الأبيض وعندما تخرج الى الهواء العليل تعرف انه الليل الطيب وأن كل شيء يهون إذا دام هذا الهدوء ولم تنكسر المدينة قطعتين.