مع انطلاق كل "مونديال"، يتحول اللبنانيون الى جمهور متعصب بإسراف. ومن يتجول في بيروت يساوره شعور بأنه تارة في ساو باولو، وطوراً في برلين أو مدن أخرى، لكثرة الأعلام المرفوعة على شرفات المنازل والمحال التجارية وفوق الشوارع. الا أن الحماسة التي ترافق مونديال 2014 المقام حاليا في البرازيل افسحت المجال لافكار جديدة، تدمج بين الرياضة والهموم الاجتماعية والاقتصادية، اذ قدم أحد مصممي الغرافيكس اللبنانيين اضافة خاصة، عندما أطلق حملة مطلبية مرتبطة بالمونديال، وتحديداً بالفرق الاربعة المتأهلة إلى نصف النهائي: البرازيل والمانيا وهولندا والارجنتين. واعتبر المصمم رواد الحاج أنه من غير المقبول غياب القضايا المطلبية المحقة عن اذهان مشجعي كرة القدم، ما دفعه الى تعديل الأعلام الوطنية للفرق المتأهلة، لتعكس مطالب مثل المياه والكهرباء والطبابة، وبالتأكيد تحسين الاجور. فكرة الحملة جاءته بينما كان يتحقق من الوقت الذي ستقطع فيه الكهرباء عن منزله، كما قال في حديثه إلى "الحياة". ومعلوم أن لبنان يخضع لبرنامج تقنين يومي للتيار الكهربائي. وقال الحاج أن "الحملة تعنى بالشؤون المطلبية الاساسية لحل مشكلات يٌفترض أنها غير موجودة في القرن الحادي والعشرين، اذ من غير المقبول في بلد مثل لبنان يتغنى بتطوره وتقدمه أن تنقطع فيه الكهرباء لما يزيد عن 16 ساعة يومياً"، مضيفاً أن "المياه تقطع ايضا كل اسبوع لأكثر من ثلاثة أيام، ما يزيد على كاهل المواطن اللبناني فواتير جديدة لا يستطيع تحملها، ثمناً للمياه وللاشتراك في المولدات الخاصة للتيار". وشدد الحاج على أن "نجاح الحملة لا يشترط اهمال المونديال، اذ بالإمكان التنسيق بين التشجيع والمطالبة بالحقوق الأساسية للمواطن". وعمد الحاج في حملته الى إطلاق شعارات ولوحات اعلانية تطالب بهذه الحقوق معتمداً على أعلام الفرق التي بلغت النهائيات، لما لها من رواج في الشارع اللبناني. وعلّق قائلاً: "من المخجل رؤية الطاقات المهدورة على التشجيع، في حين أن المياه والكهرباء غير متوافرة". وشدد على أن "الحملة لن تتوقف عند انتهاء المونديال الحالي، بل ستستمر طالما أن هناك مناطق من دون كهرباء ومياه، وطالما هناك أطفال وشيوخ يموتون على أبواب المستشفيات لعجزهم عن دفع مبلغ التأمين". وأشار الى أنه يقوم بما في وسعه لإنجاح حملته، مضيفاً أنه "حتى لو تركت تأثيرا على واحد في المائة من اللبنانيين فقط، سيكون ذلك أفضل من عدم القيام بأي شيء". يشار الى أن الحملة التي تحمل شعار "شجع بمسؤولية" جزء من حملات عدة أدرجها الحاج ضمن صفحة "راندروميدا" المخصصة لنشاطه، مستوحيا الإسم من مجرة "اندروميدا" الأقرب إلى مجموعتنا الشمسية، مع اضافة "راندوم" - التي تعني العشوائية باللغة الإنكليزية - للتعبير عن فكرة ان الحملة تعكس هموم اللبنانيين من وجهة نظر خارجة عنهم.