أعينهم معلقة في السماء. لم يبق أمامهم سوى التضرع لإيجاد مخرج لتلقي العلاج خارج الجزائر. فتحقيق الهدف وجد بداية طريقه في نداءات استغاثة واستنجاد عبر شبكة «فايسبوك» وهي نداءات أثبتت نجاحها. هجيرة وزاني (18 عاماً) وجدت على الشبكة المستشفى الذي يؤويها منذ اكثر من 8 أشهر. المريضة الفقيرة قدمت من مدينة «عين الدفلى» (290 كلم غرب العاصمة)، ولا تعرف عن العاصمة الجزائرية سوى محطة نقل المسافرين، والطريق نحو مستشفى مصطفى باشا الجامعي. شبكة التواصل الاجتماعي جعلت شباب «فايسبوك» يلتفون حولها ويخففون آلامها بعد إجراءها ثماني عمليات جراحية باءت جميعها بالفشل! والشيء الوحيد الذي يصبرها اليوم هو أصدقاؤها الذين تعرفت اليهم على « فايسبوك « وقد جمعهم مرض هجيرة الذي استعصى على الأطباء في الجزائر. وكوّن هؤلاء الشباب مجموعة من 250 شاباً وفتاة عددها يزيد يوما بعد يوم، يلتقون في الصباح في قاعة العلاج في مصلحة الجراحة العامة في أكبر مستشفى في الجزائر أو في المساء عبر «فايسبوك» ليتبادلوا الافكار ويبحثوا في كيفية جمع المال لإرسال هجيرة إلى مستشفى أوروبي يرجى منه الأمل في علاجها. عائلة وزاني تتضرع يومياً إلى الله من أجل شفاء ابنتها والتوفيق في نقلها الى فرنسا أو ألمانيا لإجراء عملية أخرى و تلقي العلاج التام، بعدما أثبت الأطباء عجزهم عن علاجها من مرض تملكها في سن الخامسة عشرة. وظهرت أعراض المرض على هجيرة عندما زاولتها آلام في الرأس ترافقت بإسهال شديد وتجمد الدم في الأوردة على مستوى اليدين والرجلين. وهي اليوم ترقد غير قادرة على تحريك يديها، كما أنها أجرت ثماني عمليات جراحية لم تعط النتائج المرجوة. وخصص أصدقاء هجيرة الفيسبوكيون صفحة خاصة بها لدعوة القلوب الرحيمة الى تقديم يد المساعدة لها من أجل نقلها الى الخارج والتكفل بمصاريف العلاج خصوصاً أن عائلتها فقيرة ولا يمكنها تسديد تكاليف العلاج التي تزيد على 200 ألف يورو. وفي لفتة إنسانية أقدم أصدقاء هجيرة على تنظيم حملة تضامنية معها من طريق شبكة التواصل الاجتماعي من أجل جمع الأموال والتبرع بالدم في مقر المستشفى في العاصمة الجزائرية وهي حملة جذبت عشرات المواطنين، وأعطت الأمل لهجيرة وعائلتها. قصة الرضيع منيل بليدي ذي الثمانية أشهر حالة أخرى من الحالات التي أخذت اهتماماً إعلامياً كبيراً في الجزائر وحركت الرأي العام من طريق «فايسبوك» وتصدرت صوره صفحات التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما تحولت قضيته إلى حملة اجتماعية حركت آلاف المتضامنين من مختلف جهات الجزائر. وكانت القصة بدأت في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، عندما أقدم مولود بليدي والد الرضيع على فتح صفحة على «فايسبوك» من أجل التضامن مع منيل ذي الأشهر الثمانية والمصاب بمرض فقدان المناعة الحاد الذي يحرم الوالدين حتى من لمسه بسبب الجراثيم التي يمكن أن ينقلاها اليه وتقضي على حياته. وتخوض الأسرة اليوم سباقاً مع الزمن خصوصاً أنها فقدت ابنها زكريا في 2010 بالمرض نفسه. وقال مولود (36 سنة) والد الرضيع في لقاء مع « الحياة» إن العملية تكلف 188 ألف يورو أي تقريبا مليوني دينار جزائري وذلك لإخضاعه لعملية زرع نخاع عظمي يمكن لأخته منال وعمرها خمس سنوات أن تتبرع له بها. ويعيش الرضيع منيل اليوم معزولاً عن العالم في غرفة معقمة مع والدته التي تقوم بتعقيم نفسها أيضاً خوفاً من نقل أي جراثيم أو عدوى الى جسمه الهزيل. أما الحملة عبر «فايسبوك» فكانت من أسهل الطرق للتواصل بين الجزائريين، وسمحت بتلقي والد منيل آلاف رسائل التضامن من المواطنين والوعود بمساعدته مادياً والتبرعات لعلاج ابنه.