وصف الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الاعتداءات التي يتعرض لها جنود قوات «يونيفيل» في جنوب لبنان بأنها «ظلم مروع»، ورأى ان الاعتداء الذي استهدف الدورية الفرنسية الشهر الماضي «لم يكن عملاً عشوائياً، فقد جرى استهداف زملائنا. حفظ السلام خطر دائماً، ولكنه مميت على الأخص في لبنان». وكان الأمين العام للامم المتحدة انتقل امس الى الناقورة في اليوم الثاني لزيارته لبنان، وتفقد قوات «يونيفيل» في المقر العام. ووصل على متن طوافة دولية أقّلته من بيروت الى الناقورة والوفد المرافق له، وسط اجراءات امنية مشددة اتخذتها «يونيفيل» والجيش اللبناني. وكان في استقباله القائد العام ل «يونيفيل» الجنرال ألبرتو اسارتا ونائبه الجنرال سانتي بونفانتي والمستشار السياسي للقوات الدولية ميلوش شتروغر والناطق الرسمي نيراج سينغ وقائد القطاع الغربي قائد القوة الايطالية الجنرال بولو لامانا، وكبار الضباط الدوليين وموظفو «يونيفيل». وتأخر الاحتفال ساعة عن موعده بسبب هطول الامطار، وأقيمت لبان حفلة استقبال عزفت خلالها موسيقى «يونيفيل» لحن «التعظيم والترحيب»، واستعرض ثلة من جنود القبعات الزرق، ثم وضع إكليلاً من الزهر على نصب ضحايا «يونيفيل» ال 293 الذين قضوا في الجنوب منذ عام 1978، ووقف دقيقة صمت عن أرواحهم. ثم قلد بان الجنرال اسارتا وسام الأممالمتحدة تقديراً لدوره في عملية السلام لمناسبة انتهاء مهامه. وألقى بان كلمة توجه فيها الى اسارتا و «رجال ونساء يونيفيل»، بالقول: «أحييك جنرال أسارتا فيما تُتم سنتين من قيادتك لإحدى أكثر بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تحدياً في العالم. كما أشكركم جميعاً أيها النساء والرجال الشجعان الذين تخدمون لبنان والشعب اللبناني سواء كنتم مدنيين أم عسكريين، موظفين محليين أم دوليين، فأنتم هنا جميعاً متحدون من أجل السلام. لديكم شراكة قوية مع القوات المسلحة اللبنانية للحفاظ على السلام والاستقرار. إنكم تبنون الثقة بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وهذا يوفر مجالاً يمكّن الأطراف من السعي إلى حل طويل الأمد للنزاع». وأضاف: «كل واحد منكم يترك أثراً عند شعب لبنان. سيدة لبنانية من الجنوب قالت ذات مرة، وأنا أقتبس كلامها، «إذا كنت على قيد الحياة اليوم، فذلك بفضل يونيفيل». وأنا متأكد من أنها ليست الوحيدة التي تقدم مثل هذه الشهادة البليغة على قيمة هذه البعثة. إن أعضاء يونيفيل يعرّضون حياتهم للخطر لإنقاذ الآخرين. تعرضتم للهجوم، مراراً وتكراراً. هذا ظلم مروع، ومأساة بالنسبة الى الأسر المتضررة ولشعب لبنان والأممالمتحدة. ولكن اليوم نحيي الأفراد الشجعان الذين جاؤوا الى لبنان لإرساء السلام ولكنهم لم يتمكنوا من العودة الى أسرهم». وأشار الى ان «293 فرداً من يونيفيل فقدوا حياتهم في جنوب لبنان منذ بدأت البعثة عام 1978. وأحيي ذكرى جميع الذين ماتوا هنا وهم يخدمون تحت راية الأممالمتحدة. كما أحيي أيضاً الكثير من العناصر الذين جرحوا خلال أداء واجبهم. وأفكر خصوصاً في جنود حفظ السلام الفرنسيين الخمسة الذين جرحوا الشهر الماضي في انفجار قنبلة وضعت على جانب الطريق بالقرب من صور». دعوت المسؤولين اللبنانيين إلى تعزيز حمايتكم وكشف بان انه «في لقاءاتي مع المسؤولين الرسميين اللبنانيين، دعوتهم إلى تعزيز حمايتكم. يونيفيل هي إحدى أقدم بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام، وهي من أبرزها من حيث عديدها ومواردها. الأهم من ذلك هو ان يونيفيل تلعب دوراً رئيساً في تحقيق السلام في هذه المنطقة المضطربة وفي عالمنا». وشكر بان «لجنود يونيفيل خدمتكم، وأنا ممتن للغاية لالتزامكم. دعونا نتابع بفخر عمل زملائنا السابقين، فالسلام سيكون التحية الأعظم لذكراهم». وعقد بان لقاء مطولاً مع الجنرال اسارتا وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين في يونيفيل، استمع خلاله الى شرح عن دور القوات الدولية ومهامها والاوضاع في منطقة جنوب الليطاني. واستكشف بان كي مون من طريق الجو الخط الازرق الفاصل بين لبنان واسرائيل، برفقة اسارتا، ثم عاد الى بيروت حيث عقد عصراً في مقر اقامته، سلسلة لقاءات شملت رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة والنواب: نهاد المشنوق وعاطف مجدلاني وباسم الشاب، الى جانب الوزراء السابقين طارق متري وباسم السبع ومحمد شطح. والتقى كذلك نادر الحريري، ثم التقى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» امين الجميل الذي قال ل «الحياة» انه ركز خلال اللقاء على مسألة المحكمة الدولية وجريمة اغتيال نجله الوزير السابق بيار الجميل وكيفية الوصول الى العدالة، ثم التقى رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط.